مرايا –

17 عاما عاشتها بلا هوية، ولا أوراق ثبوتية، كانت تتعالج على اسم أحد أفراد عائلتها، لم تحظَ بحقها بالتعليم كسائر أقرانها وإنما تقضي وقتها بلا هدف أو نعمة الطموح، يشابه حالها طفل آخر يبلغ من العمر 14 عاما، يقضي جلّ وقته برعي الغنم.

وقدر الطفلان ساقهما لأن يستدل متطوعون ضمن مشروع «حماية الطفل» على مكان وجودهما وساعدوا أسرتيهما لتسجيلهما وإصدار واقعة الولادة وشهادة ميلاد لهما؛ ليحملا رقمين وطنيين ويبدآ بالحصول على حقوقهما كأردنيين، لكن مقابل ذلك، ما زال هناك 90 طفلا بلا هوية، ولا جنسية، ولا أوراق ثبوتية، بالرغم من وجود آباء وأمهات لهم، استقرت الحال بهم لأن يجردوا من أبسط حقوقهم من تعليم وصحة وغيره، يعيشون في مناطق الجنوب من الجفر، المريغة، طويسة، الديسي.

ومكتوم القيد؛ شخص مهمّش، مجهول الهوية، ولا أوراق ثبوتية تحدّد انتماءه وبالتالي ليس له وجود قانوني، وهو محروم من أبسط الحقوق.

مدير جمعية رواد الخيرية أحمد البطاط؛ الذي قال:«إن الأعداد أكبر بكثير، ولكن هذا ما استطاعت الجمعية الوصول إليه في غضون أشهر قليلة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لو أتيحت الإمكانيات للجمعية لوصلت إلى أضعاف هذا الرقم.

وبين أن العائلات تعيش في هذه المناطق بظروف حياتية واقتصادية صعبة، ضمن مبلغ يتراوح ما بين 40-50 ديناراً يتقاضونه من الشؤون والمعونة الوطنية، مبينا أن سبب عدم تسجيل الأطفال يعود للوضع الاقتصادي من جهة، وإهمال الأسر من جهة أخرى، فضلا عن بعد مكان إقامة الأسرة عن المحكمة الشرعية والقانونية.

وتابع أنه عندما تولد الزوجة في مستشفى تخرج ووليدها منه تاركين دفتر العائلة محجوزا فيه؛ لعدم قدرتهم على دفع التكاليف، إلى حين قرار العائلة بتسجيل ابنها بعد 4-5 سنوات يصدمون بتراكم المبالغ المترتبة عليهم، ما يدفعهم إلى الكف عن القيام بذلك، مشيرا إلى أنه من خلال المشروع تمكنت الجمعية من الوصول إلى 54 طفلاً أردنياً، وتمكنا من تسجيل 21 طفلاً منهم، في منطقتي «المريغة» و”الجفر» اللتين تقعان في محافظة «معان»، 9 منهم تتراوح أعمارهم ما بين العام إلى 16 عاما، و12 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين العام إلى الـ4 أعوام، و 33?طفلاً على لوائح الانتظار، يتوزعون في منطقة «المريغة»، ويبلغ عددهم 11 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين 4-12 عاما، وفي منطقة الجفر 22 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين العام إلى 18 عاما وفق البطاط.

وفي ذات السياق، ذكر البطاط أن هناك ما يبلغ 61 طفلا من الجنسية الباكستانية تم الوصول إليهم من خلال المشروع غير مسجلين ولا حاصلين على أوراق ثبوتية، وقد تمكنوا من تسجيل 5 أطفال منهم فقط وبقي 56 طفلا منهم بلا أوراق.

وأشار إلى أن هؤلاء الأطفال يوجدون في الأغوار الأردنية، نتيجة زواج غير موثق، أو يولدون في أماكن غير طبية، أو لدى قابلات غير قانونيات، لافتا إلى أنه «عندما يمرض أي طفل غير حاصل على أوراق ثبوتية توصلنا إليه سواء أردنيين أم باكستانيين، فإنهم يقومون بعلاجه على تأمين طفل آخر، أو قد يعالجونه بأساليب بديلة، فضلا عن أنهم لا يتلقون حقهم بالتعليم.

ويتوقع البطاط أنه لو بقي الحال كما هو عليه فإن الأعداد ستزداد بشكل أكبر، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه إذا بقوا دون تسجيل فإن ذلك خطر على المجتمع وله عواقب وخيمة مستقبلا، سواء من ناحية عدم تمتع أطفال بحقوقهم الأساسية حيث سينشأ جيل جاهل غير متعلم، أو أنهم إذا قاموا بأي جرم لا يوجد ما يثبت هويتهم، داعيا الجهات المعنية بضرورة إعفاء العائلات من الرسوم والغرامات المترتبة عليهم لتتمكن من تسجيل أبنائها ليحظوا بكامل حقوقهم. كما وحث المنظمات والهيئات الدولية إلى المضي قدما نحو هذه الفئة لإنهاء معاناتها.

«المهام القانونية»

من جانبه، أكد مدير عام دائرة الأحوال المدنية والجوازات فهد العموش أن المهام القانونية للدائرة تتمثل في تسجيل البيانات الخاصة بالأسر الأردنية وتسجيل الواقعات الحيوية للمواطنين أينما حدثت وإصدار الشهادات الخاصة لكل منها، وتسجيل وتخزين الواقعات الحيوية للأجانب إذا حدثت داخل المملكة وإصدار الشهادات الخاصة لكل منها وذلك استنادا إلى أحكام قانون الأحوال المدنية رقم (9) لسنة 2001 وتعديلاته.

وأشار أن الدائرة وفرت كافة التسهيلات اللازمة لعملية التسجيل المدني وتبسيط الإجراءات المتعلقة بذلك من خلال التوسع في إنشاء مكاتبها ليصبح عددها (93) مكتبا تم توزيعها جغرافيا لتشمل كافة المحافظات والألوية في المملكة، وذلك للتسهيل على المواطنين في تسجيل واقعات الولادة لديهم باعتبارها المحور الأساس في التسجيل المدني، مضيفا أن قانون الأحوال المدنية ولغاية التسهيل على المواطنين توسع في تحديد الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة حتى شملت الأقارب من الدرجة الرابعة.

وأشار إلى أن قانون الأحوال حدد المدة القانونية لإصدار واقعة الولادة وهي سنة إذا كانت الولادة داخل المملكة، وفي حال تجاوز هذه المدة فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة الصلح لإصدار قيد الولادة.

وبالرجوع إلى نسبة الأطفال دون سن الخامسة الذين لديهم شهادة ميلاد ونسبة الذين ليس لديهم الشهادة ولكن تم تسجيل ميلادهم لدى الأحوال المدنية والتي وردت ضمن نتائج مسح السكان والصحة الاسرية 2017-2018، فإن 98% من ولادات أطفال دون الخامسة من العمر لدى الأحوال المدنية، وهذا يعني أن 89٪ ممن لديهم شهادة ميلاد و9% تم تسجيل ميلادهم ولكن ليس لديهم شهادة ميلاد.