قامت حركات المقاومة الفلسطينية منذ عام 1968 بصفقات تبادل للأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وبلغ عددها 10 صفقات حتى عام 2011، ونجحت عمليات التبادل في تحرير آلاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وشملت عددا من أصحاب الأحكام المؤبدة والمحكوميات العالية، وأسرى من فلسطين المحتلة عام 1948.

 
ومن أشهر عمليات المبادلة “صفقة الجليل” و”صفقة وفاء الأحرار”، إذ فرض فيهما المفاوض الفلسطيني شروطه، وأُطلق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين مقابل 3 إسرائيليين في الأولى، وجندي إسرائيلي واحد في الثانية.

 
وأجرت دول وحركات مقاومة عربية كذلك صفقات عديدة للإفراج عن أسرى عرب محتجزين لدى دولة الاحتلال، مقابل الإفراج عن جنود إسرائيليين، كما قامت السلطة الوطنية الفلسطينية عقب “اتفاق أوسلو” بعدد من الاتفاقيات أسفرت عن تحرير آلاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

صفقات المقاومة الفلسطينية

أدى احتلال فلسطين إلى تصاعد المقاومة الفلسطينية، ونشطت الحركات الوطنية المسلحة التي ظهرت في ستينات القرن العشرين، مثل: حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية – القيادة العامة، وفي الثمانينيات تأسست حركة الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كما نشطت حركات فلسطينية مسلحة أخرى.

وأثناء الانتفاضات الشعبية الفلسطينية ظهر أسلوب المقاومة الوطنية المدنية، ورافقت هذا التصاعد الكبير للمقاومة الفلسطينية اعتقالات مستمرة شملت آلاف الفلسطينيين، وبالمقابل عملت الحركات المسلحة الفلسطينية على أسر جنود الاحتلال أو خطف إسرائيليين، ومفاوضة سلطات الاحتلال للإفراج عن المعتقلين.

وقد خاضت المقاومة الفلسطينية 10 عمليات تبادل للأسرى بين العامين 1968 و2011، وهي:

1- صفقة التبادل عام 1968

شكل خطف طائرة إسرائيلية على يد عناصر المقاومة لأول مرة عام 1968 نقطة تحول في تاريخ النضال الفلسطيني، وبدأت المقاومة تتخذ منحى جديدا في مسار تحرير الأسرى، حين خطف يوسف الرضيع وليلى خالد من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” طائرة تابعة لشركة العال متجهة من روما إلى إسرائيل.

وغير الخاطفون اتجاه الطائرة فحطت في الجزائر، وطالبوا بتحرير جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وكان على متن الطائرة ما يزيد على 100 راكب، مما أجبر سلطات الاحتلال على الدخول في صفقة تبادل يوم 23 يوليو/تموز 1968، وبوساطة الصليب الأحمر أُفرج عن 37 أسيرا فلسطينيا، من ذوي الأحكام العالية من ضمنهم أسرى فلسطينيون كانوا قد اعتقلوا قبل 1967، مقابل إطلاق سراح المختطَفين.

2 – صفقة التبادل عام 1969

في أغسطس/آب 1969 اختطفت ليلى خالد وسالم العيساوي من “الجبهة الشعبية” طائرة ركاب أميركية، أثناء رحلتها من لوس أنجلوس بالولايات المتحدة إلى تل أبيب.

وأرغم الخاطفان الطيار على التوجه إلى فلسطين والتحليق فوق حيفا على علوّ منخفض ليتمكن العيساوي وليلى خالد من رؤية مدينتهما التي هُجرا منها قسرا، ثم توجهت الطائرة إلى سوريا فهبطت في دمشق، وأُنزِل ركابها البالغ عددهم 116 شخصا ثم فُجِّرَت.

وتمت عملية تبادل بين إسرائيل والجبهة الشعبية، أسفرت عن إخلاء سبيل عدد من الفدائيين الفلسطينيين المسجونين لدى الاحتلال، وطيارين سوريين هبطا اضطراريا في فلسطين.

وفي سبتمبر/أيلول 1970 اختطفت ليلى خالد برفقة يساري من نيكاراغوا اسمه باتريك أرغويلو طائرة لشركة “العال” الإسرائيلية، في رحلة بين أمستردام بهولندا ونيويورك، وكانت مطالب الخاطفين الإفراج عن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وحطت الطائرة في بريطانيا، وقُتل باتريك أرغويلو، واعتُقلت ليلى خالد في لندن.

وبعد أقل من شهر اختُطفت طائرة بريطانية بجهود مجموعة تتبع للتنظيم نفسه، وأجبرت على التوجه نحو بيروت ثم الأردن، وأدى ذلك للضغط على بريطانيا لإطلاق سراح ليلى خالد في عملية تبادل.

3 – صفقة التبادل عام 1971

نفذت خلية من 9 فدائيين ينتمون لحركة “فتح” عملية على الحدود الشمالية لفلسطين في يناير/كانون الثاني 1970، وكان الهدف وضع عبوات ناسفة على جدار مستوطنة “ميتولا” المحاذية للحدود اللبنانية، ولكن الخلية اكتفت باختطاف الحارس وعادت.

وبعد 4 أيام أعلنت “فتح” أن الحارس أسير عندها، وطالبت بالإفراج عن 100 أسير من الحركة في سجون إسرائيل مقابل الإفراج عن الحارس. لكن المفاوضات التي جرت بين حكومة الاحتلال وحركة “فتح” عبر الصليب الأحمر تمخضت عن صفقة مبادلة “أسير مقابل أسير”.

وفي 28 يناير/كانون الثاني 1971 أُطلق سراح الجندي الإسرائيلي “شموئيل فايز” مقابل الأسير محمود بكر حجازي، الذي كان يواجه حكما بالإعدام، ويعدّ أول أسير فلسطيني في الثورة الفلسطينية المعاصرة التي انطلقت عام 1965.

4 – صفقة “تبادل الليطاني” عام 1979

نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في جنوب لبنان في مارس/آذار 1978، عُرفت بعملية “الليطاني”، وتم فيها احتلال مناطق واسعة من جنوب لبنان، وصلت حتى الليطاني ومشارف صور ومخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، وجزء من مناطق القطاع الشرقي.

وخلال الاجتياح الإسرائيلي نصبت الجبهة الشعبية – القيادة العامة كمينا لشاحنة إسرائيلية قرب صور يوم 5 أبريل/نيسان 1978، وأسفرت العملية، التي أطلق عليها “النورس”، عن مقتل 4 جنود إسرائيليين وأسر جندي من قوات الاحتياط يدعى أبراهام عمرام.

ومن خلال الصليب الأحمر، تمت صفقة تبادل للأسرى في قبرص بين الجبهة ودولة الاحتلال يوم 14 مارس/آذار 1979، وأُخْلِيَ سبيل الجندي الإسرائيلي، مقابل إطلاق سراح 76 معتقلا فلسطينيا من فصائل المقاومة المختلفة، من بينهم 12 فتاة فلسطينية.

5 – صفقة التبادل عام 1980

احتجزت حركة “فتح” أمينة المفتي، التي تم اكتشافها أثناء عملها لصالح المخابرات الإسرائيلية في لبنان، حيث كانت تقدم معلومات عن منظمات المقاومة الفلسطينية وقادتها.

وتحمل المفتي الجنسية الأردنية، وتنتمي لعائلة شركسية مسلمة، لكنها اعتنقت اليهودية وتزوجت طيارا يهوديا في النمسا، واستقرت معه في إسرائيل، وفي حرب أكتوبر/تشرين الثاني 1973 أُسقطت طيارة زوجها فوق الأراضي السورية، ولما يئست من العثور عليه عادت إلى النمسا، وعرضت عليها المخابرات الإسرائيلية هناك العمل جاسوسة.

وفي يوم 13 فبراير/شباط 1980 تمت عملية تبادل عبر الصليب الأحمر في قبرص، وأُطلق سراح أمينة المفتي مقابل الإفراج عن المعتقلين مهدي بسيسو “أبو علي” ووليام نصار.

6 – صفقة التبادل عام 1983

شنت إسرائيل حربا على لبنان عام 1982، تحت شعار “عملية سلامة الجليل”، فاجتاحت المدن والقرى والمخيمات، واستطاعت المقاومة الفلسطينية واللبنانية إيقاع خسائر في صفوف جيش الاحتلال، وأسرت حركة فتح يوم 4 سبتمبر/أيلول 1982 ثمانية جنود إسرائيليين من قوات “الناحال” الخاصة، بمنطقة “بحمدون” في لبنان.

وتم الاتفاق مع الجبهة الشعبية – القيادة العامة للمساعدة في إخلاء الأسرى إلى منطقة البقاع، نظرا للتسهيلات وحرية الحركة التي تتمتع بها سيارات القيادة العامة، وقد احتفظت الجبهة الشعبية – القيادة العامة مقابل ذلك بجنديين، بينما بقي مع “فتح” 6 آخرون.

ويوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1983 تمت عملية تبادل بين حركة “فتح” وحكومة الاحتلال، عبر الصليب الأحمر، في ميناء طرابلس بشمال لبنان، حيث تم تسليم الجنود الستة الإسرائيليين المحتجزين لدى فتح، وهم: “إلياهو أفوتفول” و”داني جلبوع” و”رافي حزان” و”روبين كوهين” و”أبراهام مونتبليسكي” و”آفي كورنفلد”.

وأطلقت إسرائيل سراح جميع معتقلي “معسكر أنصار” في الجنوب اللبناني، المعتقلين خلال الاجتياح وعددهم 4700 معتقل فلسطيني ولبناني، إضافة إلى معتقلين آخرين في النبطية وصيدا وصور، وكذلك أُطلق سراح 65 أسيرا من السجون الإسرائيلية، وأُعيدت أرشيفات منظمة التحرير الفلسطينية، التي استولى عليها الاحتلال الإسرائيلي أثناء غزو بيروت عام 1982.

ووصل مجموع عدد الأسرى المطلق سراحهم إلى أكثر من 5000 أسير، اختار 3500 منهم البقاء في لبنان، بينما نُقل الباقون بطائرات فرنسية إلى الجزائر عبر مطار اللد.

وخلال صفقة التبادل أَخلّت إسرائيل بالاتفاق، فاختطفت نحو 100 من معتقلي “معسكر أنصار” أثناء نقلهم من المعتقل إلى مطار اللد، واحتفظت بهم، كما أبقت على بعض المعتقلين في السجون الأخرى، الذين كانوا مشمولين بعملية التبادل، وأُنزل 5 أسرى من الناقلات بعد كشف الصليب الأحمر عليهم، واقتيدوا إلى أماكن مجهولة وزجّ 3 أسرى في زنازين.

7 – صفقة “تبادل الجليل” عام 1985

تعدّ هذه الصفقة امتدادا لصفقة تبادل عام 1983، إذ أسرت “فتح” 8 جنود في عملية “بحمدون” بلبنان في 4 سبتمبر/أيلول 1982، ثم أطلقت سراح 6 جنود منهم ضمن عملية تبادل للأسرى عام 1983.

وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة قد احتفظت بجنديين إسرائيليين، هما يوسف عزون، ونسيم شاليم، أحدهما من أصل هنغاري والآخر يهودي من أصل مصري. لقاء مساعدتها في نقل الجنود في تلك العملية.

وفي 11 يونيو/حزيران 1982 أسرت القيادة العامة الرقيب أول “حازي يشاي” وهو يهودي من أصل عراقي، خلال معركة السلطان يعقوب حينما كان يقود إحدى الدبابات ضمن رتل من الدبابات الإسرائيلية، فضلّ طريقه وأُصيبت الدبابة وحاول يشاي الفرار، لكن القيادة العامة تمكنت من أسره.

وتواصلت منظمة الصليب الأحمر مع القيادة العامة، بهدف التوصل إلى اتفاق، فاشترطت القيادة معرفة مصير المفقودين من عناصر الثورة الفلسطينية بكافة فصائلها. وبالفعل قدمت إسرائيل عبر الصليب الأحمر قائمة تضم 128 اسما من الأسرى المفقودين في صفقة عام 1983، والذين تم نقلهم إلى سجون الاحتلال في فلسطين.

وبدأت مرحلة جديدة من المفاوضات، اشترطت فيها القيادة العامة أن توافق إسرائيل على عدد الأسرى المطلوب تحريرهم قبل تقديم قائمة الأسماء، كما على دولة الاحتلال عدم رد أي اسم يُطرح في القائمة، وبعد مفاوضات شاقة تمت الموافقة على جميع المطالب.

وفي 20 مايو/أيار 1985 تمت عملية التبادل بين إسرائيل والقيادة العامة، وفقا للشروط الفلسطينية، وأطلق على هذه العملية “عملية الجليل”، وتعد من أقوى صفقات التبادل العربي-الإسرائيلي، حصدت فيها المقاومة مكاسب ضخمة في قضية الأسرى، إذ أُجبرت إسرائيل على إبقاء معظم الأسرى المفرج عنهم داخل الأراضي المحتلة عام 1967، وكان غالبيتهم متابعين بأحكام تتراوح بين 10 و15 سنة، ومنهم من هو محكوم مدى الحياة.

ووفقا لاتفاق التبادل أُطلق سراح 1155 معتقلا في السجون الإسرائيلية، وشمل الإفراج 118 أسيرا تم اختطافهم  أثناء التبادل مع حركة “فتح” عام 1983 من “معسكر أنصار”، و154 أسيرا تم نقلهم من المعتقل نفسه إلى معتقل “عتليت”، خلال خروج القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، و883 معتقلا  كانوا أصلا في السجون الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، وبالمقابل أُخلي سبيل الجنود الإسرائيليين الثلاثة.

وكان ضمن الأسرى المحررين 99 أسيرا من دول عربية، و6 من دول أخرى من بينهم الياباني كوزو أوكوموتو، قائد عملية مطار اللد يوم 30 مايو/أيار 1972، الذي طالبت إسرائيل مقابله بـ100 أسير، لكن قوبل عرضها بالرفض، وأصرت القيادة العامة على تحريره.

وشملت الصفقة أيضا فلسطينيين من مناطق 1948، وأسرى من الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان من بين الأسرى أحمد ياسين (مؤسس حركة “حماس” فيما بعد).

8 – صفقة التبادل عام 1991

ألقت مجموعة من الجبهة الديمقراطية عام 1983 القبض على الجندي الدرزي سمير أسعد، وكان يعمل مترجما في الخدمة الدائمة لدى جيش الاحتلال، وأعلنت الجبهة الديمقراطية عن حيازتها للجندي، ثم نشرت مقابلة له في 5 أبريل/نيسان 1984، كانت قد طلبت أجراءها بواسطة تلفزيون أميركي.

وفي 28 يونيو/حزيران من العام نفسه أعلنت الجبهة الديمقراطية أن الجندي قد قُتل خلال الغارة التي شنتها إسرائيل على القواعد الفلسطينية في جزيرة الأرانب.

ولم تُعِر الحكومة الإسرائيلية قضية الجندي الدرزي اهتماما في البداية، غير أنها خضعت في نهاية المطاف لضغوط الطائفة الدرزية وأخ الجندي العضو في الكنيست الإسرائيلي آنذاك سعد أسعد، واضطرت الحكومة للتفاوض، ولكن المفاوضات لم تسفر عن اتفاق، وتوقفت حتى عام 1989، إذ عاد الصليب الأحمر للتفاوض من جديد.

وتمت صفقة تبادل يوم 13 سبتمبر/أيلول 1991، فاستردت إسرائيل جثة الجندي الدرزي بعد 8 سنوات، وفي المقابل سمحت بعودة أحد مبعدي الجبهة، وهو النقابي علي عبد الله “أبو هلال” من “أبو ديس”، والذي أبعدته إسرائيل عام 1986.

9- صفقة “الحرائر” عام 2009

نفذت “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” يوم 25 يونيو/حزيران 2006 بالتعاون مع “ألوية الناصر صلاح الدين”، الذراع العسكري لـ “لجان المقاومة الشعبية” في فلسطين، و”جيش الإسلام”، بعملية عسكرية نوعية نجحت خلالها المقاومة بالتسلل عبر نفق أرضي تحت الحدود، ومباغتة القوات الإسرائيلية.

واستهدفت العملية التي أُطلق عليها “الوهم المتبدد” مواقع الإسناد والحماية التابعة للجيش الإسرائيلي “كيريم شالوم” على الحدود الشرقية لمدينة رفح، وأسفرت عن مقتل قائد الدبابة ومساعده، وإصابة 5 بجراح، وتدمير دبابة “ميركافا” وناقلة جند مصفحة، بالإضافة إلى أضرار في الموقع العسكري، وأُسر خلال العملية الجندي “جلعاد شاليط”، وانسحب المهاجمون دون التمكن من تعقبهم.

وبهدف حصول إسرائيل على معلومات حول وضع الجندي الإسرائيلي، تمت عملية تبادل بين الجانبين الإسرائيلي وحماس، عبر الوسيط الألماني، يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول 2009، سميت “صفقة الحرائر” أطلقت إسرائيل بموجبها سراح 20 أسيرة فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة، وقدمت المقاومة مقابل ذلك شريط فيديو لمدة دقيقتين يظهر فيه شاليط بصحة جيدة.

10- صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011

لم تسفر سنوات من المفاوضات عبر أكثر من وسيط بين إسرائيل والجانب الفلسطيني في تحرير شاليط على الرغم من بذل إسرائيل جهودا كبيرة لذلك، عبر قنوات مختلفة، وشنت حربا على القطاع في نهاية عام 2008 ومطلع عام 2009، لكنها لم تفلح في الوصول إلى مكان الجندي الأسير.

وبعد أكثر من 5 سنوات قضاها شاليط في الأسر، اضطرت إسرائيل يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011، للرضوخ للمطالب الفلسطينية في صفقة تبادل تاريخية، عبر الوسيط المصري، أطلق عليها “وفاء الأحرار” كانت هي الأضخم بين صفقات المقاومة كافة على المستويين الفلسطيني واللبناني.

 

وتضمنت الصفقة ما يأتي:

 

الإفراج عن 310 معتقلين يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، والإفراج عن جميع النساء المعتقلات في السجون الإسرائيلية، ومنهن 5 معتقلات تقضين أحكاما بالسجن المؤبد، وبقية الأحكام غير المؤبدة هي أحكام طويلة تتراوح مدتها بين 20 و25 عاما. إطلاق سراح كافة الأسرى من كبار السن والمرضى. إطلاق سراح 45 معتقلا من مدينة القدس. إطلاق سراح 6 معتقلين يحملون الجنسية الإسرائيلية، على الرغم من تشدد الاحتلال الكبير تجاه تحرير أسرى يحملون جنسية الدولة. تقليص عدد المحررين الذين كانت إسرائيل تطالب بإبعادهم من 500 محرر إلى 203 محررين، إذ أُبعِد 163 محررا من الضفة الغربية بينهم 15 محررا من القدس إلى قطاع غزة. وأُبعد 40 محررا إلى الخارج (سوريا والأردن وقطر وتركيا) منهم 29 محررا من الضفة و10 من القدس وواحد من غزة. وأطلق سراح المعتقلين، الذين بلغ عددهم 1027 أسيرا على مرحلتين:

المرحلة الأولى: إطلاق سراح 450 أسيرا فلسطينيا و27 أسيرة فلسطينية مقابل الإفراج عن شاليط وتسليمه للسلطات المصرية يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011. المرحلة الثانية: إطلاق سراح 550 أسيرا فلسطينيا يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2011، وإعادة شاليط إلى إسرائيل.  

صفقات حزب الله اللبناني

عقد حزب الله صفقات تبادل ناجحة مع إسرائيل، من بينها ما تضمن تحرير أسرى فلسطينيين، وأبرزها صفقتان هما:

1- صفقة التبادل عام 2004

عقدت إسرائيل صفقة تبادل من أجل استعادة القائد في الجيش الإسرائيلي “إلحنان تانينباوم” المحتجز لدى حزب الله، عبر الوسيط الألماني “آرنست أورلاو” يوم 29 يناير/كانون الثاني 2004.

وشملت الصفقة 23 أسيرا لبنانيا، وأسرى من دول عربية أخرى، هم 5 سوريين وواحد من ليبيا و3 مغاربة و3 سودانيين، و400 فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة، وأسير ألماني مسلم يدعى ستيفان مارك، اتهمته إسرائيل بالانتماء إلى حزب الله.

ولم تقتصر الصفقة على الأسرى، بل تم بيان مصير 24 مفقودا لبنانيا، وسُلمت خرائط الألغام في جنوب لبنان وغرب البقاع، وتم استعادة جثث 59 مقاوما لبنانيا.

وتسلمت دولة الاحتلال بالمقابل “إلحنان تانينباوم” ورفات 3 جنود إسرائيليين، قتلوا أثناء أسرهم في أكتوبر/تشرين الأول عام 2000، وهم: “عدي أفيطان” و”بيني أفراهام” و”عمر سواعد”.

وعلى الرغم من عدد المحررين الفلسطينيين الكبير، فلم تشمل الصفقة أصحاب الأحكام الكبيرة، بل ضمت 60 معتقلا إداريا، والباقين شارفت أحكامهم على الانتهاء، ولم يكن ضمنهم أحد من أسرى الأراضي المحتلة عام 1948 أو من أسرى مدينة القدس.

2 – صفقة التبادل عام 2008

نفذت عناصر من “حزب الله” يوم 12 يوليو/تموز 2006 عملية أسماها “الوعد الصادق”، أُسر خلالها جنديان إسرائيليان هما “إيهود غولدفاسر” و”إلداد ريغف” وكان الهدف من العملية القيام بصفقة تبادل أسرى.

وبدأت مفاوضات شاقة، أصرت فيها إسرائيل على التأكد من سلامة الجنديين، وتعنَّت حزب الله ورفض التصريح بذلك، وتعثرت المفاوضات، ولم يُعرف مصير الجنديين إلا حين تسليم رفاتهما.

وتمت الصفقة يوم 15 يوليو/ تموز 2008، عبر الوسيط الألماني المكلف من قبل الأمم المتحدة “غيرهارد كونراد”، إذ أطلق الاحتلال سراح الأسير اللبناني سمير القنطار، المعتقل لديه منذ عام  1979، إضافة إلى 4 أسرى لبنانيين، كانوا قد اعتقلوا في حرب يوليو/تموز 2006، وأعادت إسرائيل 199 رفاتا لشهداء فلسطينيين ولبنانيين وعرب كانت تحتفظ بها.

وأُخلي سبيل 5 أطفال فلسطينيين، يقضون أحكاما خفيفة في سجون الاحتلال “كبادرة حسن نية” وليس شرطا في الاتفاق، وسلم حزب الله بالمقابل جثتي الجنديين الإسرائيليين.

صفقات الدول العربية

أجرت الدول العربية عدة عمليات تبادل أسرى شملت أسرى ومعتقلين فلسطينيين، أبرزها:

1 – صفقة التبادل عام 1974

في مارس/آذار 1974 جرت عملية تبادل للأسرى بين مصر وإسرائيل، أفرجت بموجبها إسرائيل عن 65 أسيرا مصريا وفلسطينيا، مقابل إطلاق سراح جاسوسين إسرائيليين كانا محتجزين في مصر.

2- صفقة التبادل عام 1997

قبضت السلطات الأردنية على عميلين إسرائيليين في سبتمبر/أيلول 1997 بعد محاولة فاشلة لاغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس من خلال حقنه بالسم.

وهدد الأردن بإلغاء “معاهدة السلام” مع إسرائيل، مما جعلها تتفاوض من أجل الإفراج عن العميلين مقابل أن تسلم ترياق السم الذي حقن به مشعل وتطلق سراح مؤسس حركة حماس الشيخ “أحمد ياسين”، الذي كان يقضي حكما بالسجن المؤبد في سجون الاحتلال.

3 – صفقة التبادل عام 2004

أفرجت الحكومة المصرية يوم 5 ديسمبر/كانون الأول 2004 عن الجاسوس الإسرائيلي الدرزي عزام عزام، الذي اعتقلته عام 1997، بعد أن أمضى ثلاثة أرباع حكم بالسجن مدته 15 عاما.

وأفرجت إسرائيل من جانبها عن 6 طلاب مصريين كانوا قيد الاعتقال، كما أخلت سبيل 165 معتقلا فلسطينيا يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 2004، أحدهم كان في سجون الاحتلال منذ عام 1999، والباقون احتجزوا خلال الانتفاضة الثانية، وكان أغلبهم ممن يقضون أحكاما خفيفة، وممن شارفت أحكامهم على الانتهاء.

الإفراج عن الأسرى عبر العملية السياسية

تم توقيع اتفاقية أوسلو بين الاحتلال الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية يوم 13 سبتمبر/أيلول 1993، وعلى الرغم من وجود آلاف الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، فإن الاتفاقية لم تضم بنودا تتعلق بقضية الأسرى، ونتج عن ذلك احتجاج شعبي حمل السلطة الفلسطينية على القيام لاحقا بعدد من الاتفاقيات المتعلقة بتحرير الأسرى.

 اتفاقية القاهرة عام 1994

تم توقيع اتفاق القاهرة يوم 4 مايو/أيار 1994، وقد تضمن إفراج إسرائيل عن حوالي 5000 معتقل وسجين فلسطيني من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان عدد الأسرى الفلسطينيين عند توقيع الاتفاقية نحو 10 آلاف و500 أسير فلسطيني.

ونصت الاتفاقية على أن “الأشخاص الذين سيتم الإفراج عنهم سيكونون أحرارا في العودة إلى منازلهم في أي مكان في الضفة الغربية أو قطاع غزة، بينما السجناء الذين سيتم تسليمهم إلى السلطة الفلسطينية سيكونون ملزمين بالبقاء في قطاع غزة أو منطقة أريحا طيلة المدة المتبقية من مدة عقوبتهم”.

وخالفت إسرائيل الاتفاقية وقلصت أعداد المعتقلين المفرج عنهم، إلى 4450 معتقلا، بعد أن أجبرتهم على توقيع وثيقة يتعهدون فيها “بالامتناع عن كل أعمال الإرهاب والعنف”.

وغضت الاتفاقية الطرف عن أسرى القدس وفلسطينيي عام 1948، وبعض فصائل المقاومة مثل أسرى حماس والجهاد، وتُرك الإفراج عن الأسرى وفق جدول زمني مفتوح تتحكم فيه الإرادة الإسرائيلية وحدها.

اتفاقية طابا “أوسلو 2” عام 1995

وقعت السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال “اتفاقية طابا” في واشنطن يوم 28 سبتمبر/أيلول 1995، وتضمنت الاتفاقية الإفراج عن أسرى ومعتقلين في السجون الإسرائيلية، وكان عدد الأسرى الفلسطينيين عند التوقيع على هذه الاتفاقية نحو 6000.

وقد تم إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين على مرحلتين:

المرحلة الأولى: الإفراج عن 882 أسيرا وسجينا.

المرحلة الثانية: الإفراج عن مجموعة من الأسرى على دفعتين: الأولى ضمت 782 أسيرا، والثانية 260 أسيرا.

وخالفت إسرائيل بنود الاتفاقية، وخفضت العدد المتفق عليه وأفرجت عن أسيرة واحدة، في حين كان نص الاتفاقية يفرض الإفراج عن جميع الأسيرات، وتم التلاعب بالقوائم وأدرجت فيها أسماء ليست ذات خلفية سياسية أو نضالية، بل معتقلين بجرائم جنائية، أو لدخولهم الخط الأحمر دون تصاريح، وتم الإفراج عن كثير ممن انتهت أحكامهم أو قاربت على ذلك.

مذكرة “واي ريفر” عام 1998

تم توقيع مذكرة “واي ريفر” في واشنطن يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 1998، ولم تتضمن نصا خطيا، وإنما مجرد تعهد من إسرائيل بإطلاق سراح 750 أسيرا فلسطينيا على 3 دفعات، بواقع 250 في كل دفعة.

ولم تلتزم إسرائيل بتعهدها الذي تم بضمان أميركي، بل غيرت أعداد المفرج عنهم من المعتقلين، وعمدت إلى إطلاق سراح كثير من أصحاب الأحكام الجنائية، أو من المعتقلين السياسيين ذوي الأحكام المنخفضة.