مرايا –

ما إن أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عن اسم منفذ عملية القدس البطولية الشهيد خيري علقم (21 عاماً) من سكان شرقي مدينة القدس المحتلة، حتى بادر نشطاء مواقع التواصل لنبش منشوراته عبر صفحته على فيسبوك.

آخر منشور للشهيد علقم، كان قبل تنفيذه العملية بيومين وهو يترحم به على أحد الشهداء.

فيما كان من بين منشوراته صوراً له من داخل المسجد الأقصى، وأخرى كتب فيها: “اللهم اجعلنا ممن نالوا ما تمنوا”.

ودخل الشهيد علقم عامه الحادي والعشرين في التاسع عشر من نوفمبر الماضي كما كتب على صفحته.

ومن أبرز المنشورات التي لاقت رواجا بعد استشهاده، “من قال إننا نريد سلاما، نريد حربا لا نهاية لها”.

وفي إحدى منشوراته قال: “تراجع لتتجنب الحرب، ولكن إياك أن تتراجع شبراً إذا بدء القتال”.

وانتقد الشهيد في إحدى منشوراته التنسيق الأمني للسلطة عبر مشاركته فيديو يسخر من القائمين عليه.

وتدلل عدد من منشوراته السابقة عن العمل البطولي الذي قام به عندما كتب: قناص مناسب في وقت مناسب، أفضل من ألف جندي في ساحة المعركة.

وفي ذات السياق قالت قناة كان العبرية: في السنوات الأخيرة، كتب المنفذ على حسابه على فيسبوك عددًا من الأحكام ذات الطابع العسكري. في أكتوبر 2021 كتب “من قال إننا نريد السلام؟ نريد حربا لا نهاية لها”، وفي يونيو 2021 كتب “يمكنك التراجع لتجنب الحرب، لكن لا تتراجع مليمترًا إذا بدأ القتال”، أما في أكتوبر 2020 كتب “القناص الصحيح في المكان المناسب خير من ألف جندي في ساحة المعركة”.

وامتشق الشهيد مسدسه مساء الجمعة، واستقل مركبته وترجل مطلقاً النار على المستوطنين من مسافة صفر في حي “نفيه يعكوف” شمالي القدس المحتلة فقتل 7 وأصاب قرابة 10 بجراح بعضهم في حال الخطر.

“خيرا لنا وعلقما لهم”

“خيرا لنا وعلقما لهم”.. هذا ما قاله الفلسطينيون بعد ساعات ودّعوا فيها 12 شهيدا في القدس ومخيم جنين، تلاها مقتل 7 مستوطنين في العملية التي نفذها خيري، الذي يسكن حي الشيّاح في قرية الطور شرق المسجد الأقصى، وينحدر من قرية بيت ثول المهجرة قضاء القدس المحتلة.

“يا نفس إن لم تقتلي فموتي، ونحن لا نرفع أيدينا إلا لله، ولا نسجد إلا لله، ولا نسمع إلا من رسول الله”، كانت هذه الرسالة الصوتية آخر ما نشره خيري علقم على حسابه في تطبيق “تيك توك” مع صورة له من داخل المسجد الأقصى بعد أدائه صلاة الجمعة، قبل أن ينطلق مساء بمركبته نحو مستوطنة “نيفيه يعكوف” (النبي يعقوب) المقامة على أراضي بلدة بيت حنينا شرق القدس، ليوقع برصاص مسدسه عدد القتلى الأعلى منذ سنوات في صفوف مستوطني القدس.

شهيد حفيد شهيد

درس خيري حتى الثانوية في مدارس قرية الطور، ثم عمل بعد تخرجه في مجال الكهرباء بالقدس المحتلة، كما أنه سمي تيمنا بجده الشهيد خيري علقم، الذي طعنه أحد المستوطنين حتى الموت أثناء توجهه إلى عمله في البناء يوم 13 مايو/أيار 1998.

قالت شرطة الاحتلال إن خيري وصل مساء اليوم الجمعة، وتحديدا الساعة الثامنة والربع، إلى كنيس يهودي في مستوطنة النبي يعقوب، وأطلق النار على المستوطنين هناك، وحاول الانسحاب عبر مركبته، لكن الشرطة وصلت إلى المكان واشتبكت معه حتى رمقه الأخير، وأضافت الشرطة في بيانها أن خيري تصرف بمفرده وعرف المكان وخطط للهجوم مسبقا.

يقول أحد المسعفين الإسرائيليين في “نجمة داود الحمراء” إنه كان أول الواصلين إلى مكان الحادث، وإنه رأى الجرحى منتشرين في جميع أنحاء الشارع، ومعظمهم مصابون في المناطق العلوية، وأضاف “لم أر مثل هذا الحادث الخطير منذ وقت طويل، رأيت الناس يهربون، وعندما وصلت كان إطلاق النار ما زال مستمرا”.

تخبط حول هوية المنفذ

بدا تخبط الاحتلال واضحا حول منفذ العملية، حيث أعلن اسما وصورة خاطئة للمنفذ في بداية الأمر، وتداولت وسائل إعلامه اسم الشاب الفلسطيني فادي عايش من بيت لحم، والذي نفى الخبر عبر حسابه الشخصي في فيسبوك، ليتوقع الاحتلال بعدها أن شخصين نفذا العملية، أحدهما من مخيم شعفاط، ثم تستقر الأخبار على اسم الشهيد خيري علقم، الذي ظلت أسرته تتصل على هاتفه المحمول نصف ساعة متواصلة من دون رد، لترد الشرطة عليها في النهاية.

خيرة الشباب

بعد تأكيد اسم المنفذ، استدعت مخابرات الاحتلال والده وخاله للتحقيق، في وقت احتشد فيه عشرات المقدسيين في محيط بيت العائلة الذي اقتحمته قوات الاحتلال وألقت قنابل الغاز تجاه المحتشدين، ويقول خال الشهيد خيري سفيان قنبر للجزيرة نت “خيري زينة الشباب وأكثرهم التزاما، هادئ وخدوم ومتعاون، ترتيبه الثاني بين أشقائه السبعة”.

كان آخر ما نشره الشهيد خيري على حسابه في فيسبوك نعي للشهيد محمد علي، الذي استشهد برصاص الاحتلال يوم الأربعاء الماضي تزامنا مع هدم بيت الشهيد عدي التميمي في مخيم شعفاط شمالي شرقي القدس المحتلة، كما كان لافتا أن معظم صوره الشخصية من داخل المسجد الأقصى، وحين احتفل بذكرى مولده يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قال “اللهم اجعلنا من الذين نالوا ما تمنوا”.(الجزيرة وصفا)