مرايا –

صادف يوم أمس الإثنين الذكرى السنوية السابعة لاستشهاد المجاهد مهند حلبي والذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال أثناء تنفيذه عملية طعن وإطلاق نار بالقدس أدت لمقتل صهيونيين وإصابة آخرين، ردًّا على جرائم الاحتلال، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك، والتي فجرت انتفاضة القدس.

الاحتلال يقرر هدم منزل الشهيد مهند الحلبي

الميلاد والنشأة
في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995م خرجت الصرخات الأولى للشهيد المجاهد مهند شفيق حلبي في مدينة البيرة برام الله شمال الضفة الغربية، وترعرع في أسرة محافظة مكونة من والديه وثلاثة ذكور واثنتين من الإناث، ترتيب شهيدنا المجاهد مهند الثاني بين إخوانه، تعود أصول العائلة إلى مدينة “يافا” عروس البحر التي هُجِّر أهلها منها في العام 1948م.

تلقى شهيدنا المجاهد مهند تعليمه الابتدائي في مدارس مدينة البيرة، والإعدادي في مدرسة قرية بلدة سردا، والثانوية في مدينة رام الله، وأظهر تميزًا وتفوقًا في دراسته حيث حصل على معدل 85 % في الثانوية العامة، والتحق بكلية الحقوق في جامعة القدس (أبو ديس) حيث تمنى أن يصبح محاميًا ماهرًا، يدافع عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، ويُحصّل لهم حقوقهم التي تسلبها إدارة السجون منهم في كثير من الأوقات، قبل حريتهم.

صفاته وأخلاقه
“استشهد مهند وهو نفسه يزور يافا، نفسه يزور بحر يافا” قالت والدة الشهيد مهند حلبي وهي تتحدث عنه، ويافا هي مدينته الأصل التي هُجرت عائلته منها، وبقيت حسرة في حلقه كلما نطقها :”كان يضل يحكي عن يافا، يحكي عنها كأنه بيعرفها ويحكيلي احنا راجعين عليها شو ما صار” تابعت الوالدة.

ليست يافا “حسرة” مهند الوحيدة فللقدس في داخله الكثير، فما يجري في الأقصى يوجعه دائماً، وما كان يتابعه على التلفاز باستمرار من الاعتداء على المرابطات والمصلين يؤثر فيه، حتى أصبحت كل ما يجري في القدس حديثه اليومي.

تقول الوالدة:” ابني مهند حرص على أن يردد دائماً حينما يرى المرابطات أثناء الاعتداء عليهن ” تخيل لو أنها أمك أو أختك”، وكان الغضب بادياً على وجهه دائماً وهو يتابع ما يجري.

ما تذكره والدة الشهيد المقدام مهند كان واضحاً في كتاباته قبل استشهاده على صفحته الشخصية على الفيسبوك، حينما كتب:” حسب ما أرى فإن الانتفاضة الثالثة قد انطلقت، ما يجري للأقصى هو ما يجري لمقدساتنا ومسرى نبينا، وما يجري لنساء الأقصى هو ما يجري لأمهاتنا وأخواتنا، فلا أظن أننا شعب يرضى بالذل”.

مشواره الجهادي
نقطة التحول في شخصية شهيدنا الفارس مهند تمثلت باستشهاد رفيق دربه الشهيد المجاهد ضياء التلاحمة، زميله في الجامعة ورفيقه في الرابطة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي في جامعة القدس (أبو ديس) حيث يدرس، كما تقول الوالدة، وأمام كل زملائه بالجامعة هنأ والد الشهيد المقدام ضياء بشهادته قبل أيام من استشهاده وهمس في أذنه بكلمات “سنثأر له إن شاء الله”.

ومن الجدير ذكره أن الشهيد الفارس مهند عمل في صفوف الرابطة الإسلامية في جامعة القدس (أبو ديس) وعُهد نشيطًا ومثابرًا، انحاز دائمًا إلى حقوق الطلبة وبات هذا واضحًا من خلال مشاركته في الوقفات التضامنية التي كانت تقيمها الرابطة الإسلامية في الجامعة.

موعد مع الشهادة
عن يوم استشهاده تقول الوالدة :”قبل استشهاده بيوم قام بوداعنا كلنا، قام بتقبيلي أنا وإخوته وأصر على النوم بجانب شقيقه الأصغر، وترك له مجسماً صغيراً لخارطة فلسطين، أوصى شقيقته بأن تعطيه إياه، لم ألحظ عليه شيئاً قبل العملية، كان هادئاً كعادته، ولكنه أصر على تقبيلي مراراً أنا وإخوته، وأوصاني بشقيقه الأصغر، لم أكن أعلم أنه يودعنا”.

فجر يوم السبت الموافق 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2015م قام الشهيد المقدام مهند بتنفيذ عملية طعن وإطلاق نار على قطعان المستوطنين في مدينة القدس المحتلة، وأسفرت العملية عن مقتل اثنين من الحاخامات المتطرفين العاملين في الجيش الصهيوني وإصابة آخرين.

أحد شهود عيان العملية قال:” سألني الشهيد مهند كيف هو الوضع في الأقصى، وخرج وسمعت صوت المستوطن يصرخ، وحينما خرجت رأيته يطعن المستوطن، وبكل هدوء وثقة أخذ مسدسه ولاحق المستوطن الثاني وقام بإطلاق النار عليه، لم أرَ في حياتي أكر منه جرأة”.

عائلة مهند، كما غيرها من الفلسطينيين هللت وفرحت بالعملية التي قام بها قبل أن يعلن عن أسمه، تقول والدته :” قلت الله يحي البطن اللي حملته للمنفذ فقد شفى قلوبنا بما يجري في القدس” ، إلا أن فرحتها كانت أكبر عندما علمت أنه مهند ” مهند بطل وعمليته كانت نوعية، مهند أشعل الانتفاضة كلها بما فعله”.

تقول الوالدة:” حينما أعلن عن العملية قلت لوالد مهند “وكأنه أبنك من قام بالعملية كنت أشعر بذلك، كان لدي شعور طوال الوقت أنه هو، وخاصة حينما تم الإعلان أنه من البيرة”.

والدة مهند لم تبكي حين وداعه، كانت صامدة شامخة في مسيرة تشييعه، تقول:” حزنت عليه كثيراً ولكني لم أبكي كما طلب مني”، وتتابع:” لم يظهر لي أنه ينوي تنفيذ عملية أو يستشهد، ولكنه حينما استشهد ضياء كان يقول لي دائما تعلمي من عائلته كيف صبرت على فراقه، وأن أهل الشهيد لا يبكون عليه وإنما يحتسبوه عند ربهم ويصبروا، كان كل يوم يحدثني عن صبر أم الشهيد وكأنه كان يوصيني بذلك ولكن بطريقة غير مباشرة”.

الجدير ذكره أن قوات الاحتلال الصهيوني سلمت جثمان الشهيد الفارس مهند لعائلته بعد احتجازه لأسبوع، وشيعت الجماهير الفلسطينية جثمانه في رام الله بمسيرة ضمت الآلاف لأول مرة منذ سنوات، طالب خلالها المشاركون بالرد على جرائم الاحتلال ووحدة الصف الفلسطيني ووقف التنسيق الأمني، وردع الاحتلال والمستوطنين بشتى الوسائل، كما أن مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين قرر منح الشهيد المجاهد مهند شهادة المحاماة الفخرية، كما قرر المجلس إطلاق اسم الشهيد مهند الحلبي على الدورة القادمة لأداء اليمين القانونية. -وكالات