مرايا –

ضمن محاولات الاحتلال المستمرة لتهويد المسجد وتحويله إلى “مقدس يهودي”، تسعى “جماعات الهيكل” المزعوم لـ”نفخ البوق” داخل المسجد الأقصى المبارك في “رأس السنة” العبرية، بعد غد.
وغداة الاستعداد من قبل الجماعات المتطرفة لتنفيذ سلسلة برامج تهويدية واقتحامات واسعة للمسجد الأقصى، وإقامة الصلوات والطقوس اليهودية فيه، بمناسبة موسم الأعياد اليهودية الذي يبدأ بعد غد، حذرت حركة حماس، عبر الوسطاء المصريين والقطريين والأمميين، من أنها “لن تسمح بتمرير هذا الأمر، ولن تتردد في اتخاذ القرار المناسب حياله”، خاصة فيما يتعلق بالنفخ بالبوق بساحات “الأقصى”.
وقالت الحركة إنها “تراقب ما يجري في المسجد الأقصى، ومحاولات اليمين المتطرف تكريس تقسيمه، عبر تكثيف سياسة الاقتحامات، وإقامة مراسم استفزازية جديدة داخل الحرم”.
وركزت حماس خصوصا، بحسب مصادر، على مسألة “نية جماعات الهيكل نفخ البوق في باحات الأقصى خلال رأس السنة العبرية”.
ودعت الحركة الوسطاء إلى الضغط على سلطات الاحتلال “لأن المقاومة الفلسطينية لن تقبل بأن يكون الأقصى مادة انتخابية يستخدمها المتطرفون في دولة الاحتلال”.
وشددت على أن “نتائج معركة سيف القدس ما تزال حاضرة، ولن يتم التراجع عن مكتسباتها”.
وأول من أمس، أكدت حركة حماس أن ما يجري في القدس والمسجد الأقصى من تسارع لأشكال العدوان ووتيرة المخططات الإسرائيلية التهويدية “يشكل اعتداء سافرًا على المكانة الدينية والإسلامية للمدينة والمسجد”، محملة الاحتلال “المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه الانتهاكات، وإمكانية جر المنطقة كلها إلى حرب دينية مفتوحة تنتهي بزواله”.
وأوضحت حركة حماس، خلال مؤتمر صحفي عقدته بمدينة غزة، “أن هذه الجرائم امتداد للانتهاكات الصهيونية السابقة بحق القدس والمسجد الأقصى التي أدت إلى العديد من موجات التصعيد الخطيرة، وهي امتداد لمخطط التهويد الذي اعتمدته حكومة الاحتلال في العام 2018 ووفرت له الامكانات للتمدد الاستيطاني المتوحش في المدينة المقدسة”.
وحذرت من أن “استمرار عدوان الصهاينة ووحشيتهم بحق القدس والمقدسات سيكون سببًا في معركة كبرى نهايتها زوال الاحتلال”.
وشددت حماس “التزامها المطلق والشعب الفلسطيني بالدفاع عن الحقوق والمقدسات بكل الوسائل الممكنة”، مؤكدة “أن هذه الانتهاكات لن تمر، ونحذر من استمرار الجرائم والانتهاكات الصهيونية وتصاعدها بحق القدس والمسجد الأقصى”.
وأشارت إلى أن اعتداءات الاحتلال بحق القدس والأقصى تصاعدت بشكل صارخ في الآونة الأخيرة، “فمنذ بداية العام 2022 تم اقتحام المسجد عبر أكثر من 27 ألف مستوطن، وقتلت قوات الاحتلال 6 فلسطينيين من مدينة القدس، منهم الصحفية شيرين أبو عاقلة، واعتقلت حتى الآن 2012 آخرين بينهم أطفال ونساء، وهدمت أكثر من 90 منزلاً”.
ولفتت حماس إلى أن “هذه الجرائم تهدف إلى طمس المعالم الإسلامية والمسيحية العريقة في فلسطين، وفرض أوهام كاذبة بالغطرسة والهيمنة وقوة السلاح لتغيير الوجه الإسلامي الحقيقي في القدس والأقصى، وصولاً إلى فرض التقسيم الزماني والمكاني، ضاربًا بعرض الحائط المواثيق والقرارات الدولية كافة”.
ودعت الحركة “أهلنا في الضفة الغربية والقدس المحتلة وفي الداخل الفلسطيني المحتل إلى شد الرحال والنفير والرباط في المسجد الأقصى، دفاعًا عن المدينة ضد مخططات التهويد والتدنيس وخاصة في فترة الأعياد المزعومة”.
وسبق أن اقتحم المتطرف يهودا غليك المسجد الأقصى من باب المغاربة، وقام بتشغيل صوت للنفخ في القرن “الشوفار” عبر هاتفه المحمول، كما نفخه في مقبرة باب الرحمة الملاصقة للسور الشرقي للمسجد.
وصادقت محكمة إسرائيلية في القدس المحتلة على السماح للمستوطنين المتطرفين بالنفخ بالبوق وإقامة الطقوس اليهودية عند حائط البراق بالمسجد الأقصى.
وجات المصادقة بموافقة المحكمة العليا الإسرائيلية، وبعد اعتقال شرطة الاحتلال لمستوطنين من جماعة ما تسمى “نشطاء جبل الهيكل” بعد نفخهم البوق، وفق ما ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية
وعقب القرار، سحبت شرطة الاحتلال، الثلاثاء الماضي، استئنافها ضد المتطرف يهودا غليك بعد اعتقاله أثناء نفخه البوق قرب المقبرة الإسلامية في القدس القديمة.
و”الشوفار” هو بوق مصنوع من قرن الكبش يستخدمه اليهود في طقوسهم للإعلان عن “حضور الصلاة”، وتحديدًا خلال ثلاثة أيام في العام، منها في مطلع “رأس السنة”، التي توافق نهاية الشهر الحالي، لكنه طقس ممنوع على اليهود تأديته داخل الأقصى.
ورغم المخاوف الأمنية من تصاعد الأوضاع في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، إلا أن حكومة الاحتلال قررت المضي قدمًا باقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى خلال موسم الأعياد.
“قداسة يهودية”
رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث الشيخ ناجح بكيرات، يقول لوكالة “صفا” إن نفخ البوق يأتي في سياق تهويد القدس والمسجد الأقصى، وتحويله إلى “قداسة يهودية” جديدة.
ويشير إلى أن هناك محاولة إسرائيلية لتوزيع الأدوار بهدف اختراق المسجد الأقصى، سواء من خلال نفخ المتطرف يهودا غليك البوق في مقبرة باب الرحمة، أو قرار محكمة الاحتلال السماح للمستوطنين بالنفخ بالبوق عند حائط البراق، أو توفير شرطة الاحتلال الحماية لهم، إضافة إلى أداء المقتحمين طقوسهم التلمودية داخل المسجد.
ويوضح أن هذه الأدوار جميعها تأتي ضمن خطوات تهويد المدينة والمكان المقدس، لكن “أعتقد أن نفخ البوق لن يتم داخل المسجد الأقصى في الوقت الحالي، لأن الاحتلال يُدرك أن الوقت لم يحن بعد لتنفيذ ذلك”.
وبحسب بكيرات، فإن الاحتلال يتدرج في قضاياه ومخططاته بشأن الأقصى، فهو يريد ترويض الفلسطينيين والمقدسيين للقبول بمثل هذه الخطوة، لذلك جرى نفح البوق في ساحات الأقصى ومقبرة باب الرحمة، ومن الممكن أن ينفخ داخل الأقصى.
ويضيف “أن القدس ذات عروق وأصول، لن تذهب بسبب نفخة من المتطرف غليك أو غيره، ولن يُلغي التاريخ العربي العريق لهذه المدينة التي بدأت عربية منذ 4 آلاف سنة قبل الميلاد”.