– مشروع “القدس الكبرى” الصهيوني يمتد على 10% من مساحة الضفة الغربية (مركز رؤية للتنمية السياسية)
-دراسة: القدس نقطة انطلاق المشاريع الاستيطانية للاستيلاء على الضفة الغربية

مرايا – كشفت دراسة بحثية النقاب عن تفاصيل جديدة حول المشاريع الاستيطانية الصهيونية في الأراضي الفلسطينية ومستجداتها المتعلقة بمساحات الأراضي المصادرة وأعداد المستوطنين وانتشار معسكرات الجيش الصهيوني في الأراضي المحتلة عام 1967.

وبينت الدراسة -التي أعدها الباحث والأكاديمي فراس القواسمة، ونشرها مركز رؤية للتنمية السياسية ومقره إسطنبول- أن مشاريع الاستيطان الكبرى في القدس تعمد إلى نقل الكتل السكانية الكبرى للمستوطنين إلى قلب المدينة، وتعزيز السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي عبر نشر البؤر الاستيطانية وثكنات الجيش وشبكات الطرق التي تقطع السبيل على التواصل الجغرافي بين الأراضي الفلسطينية.

وأوضح الباحث أنه اعتمد في دراسته -التي نشرها تحت عنوان “المشاريع الاستيطانية في محافظة القدس”- على عدد من المصادر والدراسات الموثوقة، وتحليل البيانات الثانوية من خرائط تفاعلية وأرقام؛ للخروج باستنتاجات توضيحية تسهل الفهم على القارئ.

تاريخ من التغول
وكشفت الدراسة النقاب عن أن معظم المقدسيين يعيشون في المناطق المصنفة مناطق “ب”، والتي تمثل أقل من 9% فقط من أراضي المحافظة وفقا لاتفاقية “أوسلو”، في حين تصنف أغلب مناطق القدس مناطق “ج”، وهي التي منحت الاتفاقية الكيان السيطرة الإدارية والأمنية الكاملة عليها.

وأظهرت الدراسة أن أخطر المشاريع الاستيطانية انطلقت بعد احتلال المسجد الأقصى وشرقي القدس عام 1967، خاصة مشروع القدس الكبرى “المتروبالنية”، الذي يسيطر على 10% من أراضي الضفة الغربية، ويفصل بين شقيها الشمالي والجنوبي، وكذلك مشروع جدار الفصل العنصري الذي عزل حوالي 150 ألف فلسطيني خارج حدود بلدية القدس، وضم 3 كتل استيطانية إلى حدود القدس، وهي معاليه أدوميم وجفعات زئيف وغوش عتصيون.

ويقول القواسمة في توضيح للجزيرة نت أن 161 ألف مستوطن يعيشون في الكتل الاستيطانية الثلاث المذكورة، بالإضافة إلى وجود ما يقارب 236 ألف مستوطن في شرقي القدس (ضمن حدود البلدية).

وأشار البحث إلى خطورة مشروع “إي1” (E1)، الذي يمنع أي تواصل جغرافي بين التجمعات الفلسطينية شرق القدس، كما رصد 11 بؤرة استيطانية وشبكات من الطرق المعقدة التي تخترق أراضي المدينة.

وتمثل القدس نقطة وصل بين أهم الطرق الالتفافية التي تقطع الضفة الغربية من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، مثل شارع رقم (60) وشارع رقم (1).

واستعرضت الدراسة القواعد العسكرية الصهيونية في القدس، التي وصل عددها إلى 8، وكذلك الحواجز العسكرية التي وصل عددها إلى 13، مؤكدة خطورة سياسات الاحتلال في تهويد المدينة وتغيير تركيبتها الديموغرافية والجغرافية والتاريخية.

القدس مركز السيطرة
وقع الجزء الغربي من مدينة القدس -الذي تبلغ مساحته 54 كيلومترا مربعا- بيد الاحتلال  بعد نكبة عام 1948، أما شرقي القدس حيث يوجد المسجد الأقصى، فقد تم احتلاله في نكسة يونيو/حزيران 1967، وقام الاحتلال بتوسيع حدود “شرقي القدس” من 6.6 إلى 72 كيلومترا مربعا، لتصل مساحة بلدية القدس التي تديرها سلطات الاحتلال الصهيوني بذلك إلى 126 كيلومترا مربعا.

ويوضح القواسمة في حديثه للجزيرة نت أن مشروع القدس الكبرى الذي انطلق من هذه الأرضية يقوم على تصورين: الأول، هو القائم حاليا، ويهدف إلى ضم 3 كتل استيطانية كبرى تحيط شرقي القدس، وهي من الشرق كتلة معاليه أدوميم، وتضم 8 مستوطنات، ويستوطن فيها 49 ألف مستوطن. ومن الشمال الغربي كتلة جفعات زئيف، وتضم 5 مستوطنات، ويستوطن فيها 26 ألف مستوطن. ومن الجنوب كتلة غوش عتصيون، وتضم 14 مستوطنة، ويستوطن فيها 86 ألف مستوطن.

ويضيف أن هذه الكتل الثلاث بالإضافة إلى شرقي القدس تشكل معا ما يقارب 4.5% من مساحة الضفة الغربية، وقد بني جدار الفصل العنصري في القدس على حدود هذه الكتل الثلاث.

أما التصور الثاني فهو -حسب القواسمة- الأكثر خطورة، والذي يطلق عليه أيضا “مشروع القدس الكبرى” (المتروبالنية)، ويهدف إلى ضم أراضٍ أخرى تحيط بهذه الكتل الثلاث، وتمتد على أراض من القدس ورام الله وبيت لحم والخليل، وتبلغ مساحة هذا المخطط ما يقارب 10% من مساحة الضفة البالغة 5 آلاف و655 كيلومترا مربعا.

تسارع كبير
من جهته، يقول رئيس مركز رؤية للتنمية السياسية أحمد عطاونة إن تسريع الاحتلال  مؤخرا مشاريعها الصهيونية بشكل عام، وفي مدينة القدس تحديدا، ينسجم مع سياساتها المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي شجع على السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية وضمها للاحتلال نهائيا.

ويشير عطاونة في حديثه للجزيرة نت إلى أن هذه السياسة ترمي -في الأساس- إلى تقويض فكرة قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، أي في الضفة الغربية وقطاع غزة من جهة، ومن جهة أخرى إخراج مدينة القدس من حلبة التسوية أو المفاوضات أو أي معادلة سياسية من شأنها أن تقدم حلا للقضية الفلسطينية.

ويبين أن المنظومة السياسية الصهيونية بكافة أحزابها وكياناتها مجمعة على استبعاد القدس من أي مسار سياسي مع الفلسطينيين، وبالتالي فإن هذا التسارع في المشاريع الاستيطانية يرمي إلى تثبيت أمر واقع بأن القدس مدينة يهودية موحدة بالكامل، ولا يمكن تقسيمها أو تسليم أي جزء منها للدولة الفلسطينية الموعودة.

كما يرى أن تسريع الاستيطان جزء من المشاريع الكلية للاحتلال، باعتباره مشروعا استيطانيا إحلاليا يقوم على تغيير البنية الديموغرافية في فلسطين.

المصدر : الجزيرة