مرايا – في وقت تشتد أزمة الوقوف واصطفاف المركبات في شارع وصفي التل (الجارنز) الذي يشهد حالة ازدحام شديدة تزداد اختناقا بسبب ندرة المواقف مقارنة بعدد كبير من الشركات والمطاعم والمحلات التجارية في هذا الشارع الحيوي، تطل بارقة أمل لحل هذه المشكلة التي تؤرق عابري هذا الشارع يوميا.. واللافت أن هذا الحل ليس استثمارا تجاريا وإنما ترجمة للانتماء للمجتمع ومبادلته إحسانا بإحسان ومبادرة إنسانية تعكس القيم الاصيلة التي يتمتع بها المجتمع الاردني حيث وهب أحد فاعلي الخير أرضه “غير المستغلة” للوقوف مجاناً لرواد هذا الشارع وزواره، ليشكل بهذا الأمر “بادرة جديدة” تستحق الوقوف عند حيثياتها وأبعادها.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، زارت الموقع ووقفت عند هذه الخطوة الإيجابية، والتقت عدداً من المستفيدين من الموقف لرصد ردود أفعالهم تجاه المبادرة، كما التقت مالك الأرض الذي اعتبر خطوته هذه نوعاً من الخدمة المجتمعية للوطن وأهله، وتعاوناً يجب أن يتكرس في نفوسنا جميعاً.
المواقف تحل المشكلة المرورية ونظرا لصعوبة إنْ لم يكن استحالة التوقف والوقوف في شارع وصفي التل بسبب ضيقه وعدم توفر أماكن مخصصة للاصطفاف والوقوف بصورة تلبي احتياجات رواد الشارع وزواره، ارتأى “أبو محمود” أن يخصص أرضه التي تتسع لأكثر من 30 سيارة لتكون مكاناً للوقوف والتوقف بصورة مجانية، بعد تجهيزها بمختلف الأدوات اللازمة وبشكل كامل لهذه الغاية.
ويعتبر (ابو محمود) أن المال ليس كل شيء في هذه الحياة، ويجب أن يفكر الإنسان دائماً بفعل الخير ومد يد العون للآخرين وفق قدرته واستطاعته، مبيناً أن الأرض كان تسابق عليها العديد من التجار والشركات بنية استئجارها واستثمارها بمبالغ مالية كبيرة لهذه الغاية بعد ثبوت جدواها الاقتصادية بهذا المجال، إلا أنه التقط الإشارة وأصر على توظيفها بصورة مجانية لخدمة المجتمع المحلي في هذه المنطقة.
لم يضع أبو محمود أية إشارات أو معلومات عن مالك الأرض لأن غايته “الأجر والثواب”، ولا يقصد بأي شكل من الأشكال الإعلان عن نفسه بهذا العمل ولا ينتظر حتى الإشادة على ذلك، مؤكداً ضرورة تكريس فعل الخير في نفوسنا وتقديمه للآخرين، حيث يستطيع كل منا ومن موقعه تقديم مبادرات تطوعية تعزز من تكافل مجتمعنا وتسمو بصورته.
ويدعو “ابو محمود” بهذا الصدد الأفراد الذين يمتلكون قطع أراض “غير مستغلة في مواقع “مهمة” أو مكتظة بحركة السير، إلى تقديمها لخدمة المجتمعات المحلية في هذه المناطق لاستخدامها والاصطفاف فيها، لتشكل صورة من صور التعاون وعمل الخير ونشر المحبة والألفة بين الناس، ولتعزيز “الحركة العامة” للأفراد وأصحاب المصالح التجارية في المنطقة.
“مواقف مجانية”.. بادرة خير “جديدة وغريبة”وللوهلة الاولى، اعتقد العديد ممن استخدموا هذا الموقف أنه ربما يكون “فخاً” نصبه بعض ضعاف النفوس بطريقة ملتوية لاستخدامه ومن ثم التذرع بأمور أخرى تلزمهم بدفع مبالغ مالية جراء ذلك، إلا أن واقع الأمر وبعد التجربة أثبت عكس ذلك تماماً، معربين عن فخرهم واعتزازهم بهذه المبادرة الإيجابية والقائمين عليها التي أسهمت بحل جزء من المشكلات التي كانوا يعانوا منها في السابق.
وقال ثائر محمد أحد الذين استخدموا الموقف، إن هذه المبادرة تعبر عن مدى تكاتف المجتمع وتعكس حالة من المحبة والتعاون الإيجابي بين الجميع، داعياً إلى تطبيق مثل هذه المبادرات وتعميمها من قبل الأفراد القادرين على ذلك.
ويوافقه في ذلك محمد عبدالله، الذي استغرب في البداية هذا التوجه، خاصة وأن مكان الموقف يصلح لاستخدامه تجارياً لنفس الغاية، معرباً عن شكره وتقديره للقائمين على هذا الأمر الذي أسهموا بحل مشكلات “الوقوف العشوائي” في المنطقة، من خلال توفيرهم لهذه المساحة لخدمة المواطنين والزائرين عبر هذه الخطوة الإيجابية.