مرايا – محمد فخري – الحرب اللي صارت على غزة سنة 2008 ما سلم منها أي غزاوي ، شهداء وإصابات بكل عائلة ودمار بكل مكان ، أنا كنت أخف من غيري ؛ الصاروخ اللي أجى بحضني ما عمل إشي بس قطعلي رجلي الثنتين ، وغيري كثير تقطعوا قطع ولموهم أشلاء ، بعد ما كنت معين لأهلي كوني الكبير بين 6 صرت بدي مين يعيني ، قررت أتزوج لإنه أدنى مهام العيشة اليومية بدي حد يساعدني فيها ، ورجلي مقطعات يعني كبسة الضو ما بطولها ولا حتى ايد الباب وفي أشياء كثير ما بقدر أعملها، صرت بنص جسم ونص انسان ، بس الحمد لله ربنا رزقني الزوجة الصالحة وبلشت أموري تتحسن ، ورزقني بعدها الذرية الصالحة ، أولادي صغار اللي كنت حريص إنه أشركهم مع هالناس بالإحتحاجات ويعرفوا من شو رجلي مقطعات ، وشو لازم يعملوا وبدي أكبرهم على حب الوطن ، وأزرع داخل كل واحد فيهم شهيد ويكون شهيد حي ، وأجى قرار ترامب بنقل السفارة ومسيرات العودة وذكرى النكبة وكلهم إجتمعوا مع بعض وبلشت أشرحلهم ، وشوي شوي رحت أنا والأولاد ومرتي بنينا خيمة ع الحدود وإعتصمنا ، إعتصام سلمي وكانت ساحات العودة بعيدة عنا 5 كيلو عن بيتنا !
أنا زلمة معاق رجليه مقطعات عنده 5 أولاد الكبير 7 سنوات والصغير أشهر ، إعتصمنا بالخيم وإحتجينا وطالبنا نرجع لبلادنا بالصوت وغيرنا بالحجر وبالكوشوك ، وكل واحد بطريقته اللي بقدر عليها بدون ما يزاود ع الثاني ، الجنود كانوا كل مرة يشوفوني ع الكرسي المتحرك يرموا علي غاز ويحاولوا يخلوني أرجع مع إنه ما بشكل خطر عليهم لإنه أصلا أنا بنص جسم وإذا رميت حجر ما بوصل 5 متر قدامي ، بس أبدا ما كنت أرجع بالمرة وكنت أحاول ، بتاريخ 14/5/2018 كانت الذكرى العاشرة لقطع رجلي سنة 2008 ، رنيت على مرتي وحكتلها إني مش جاي ما تستنوني وسكرت التلفون ،أخذت قرار إنه لازم أقهر هالإحتلال وأوصللهم رسالة إنه إحنا صحاب الحق ما رح نستنى حد يجي يطالب بحقنا بدنا نطالب فيه إحنا ، زحفت زحف من ضيق غزة لسعة الجنة ، رصاصة بصدري فجأة أجتني من قناص ما قدرت لا أتنفس ولا أعرف من وين دخلت حتى ما قدرت أحكي وإستشهدت ولحقت رجلي اللي سبقوني ع الجنة ، الجنود كانوا يشوفوا إشي جواتنا ويقنصونا قنص ، كانوا يشوفوا روح بتقاوم وبتقاتل ، مع إنه أنا بنص جسم بس روحي بتطاردهم وبتقاتلهم ، وكانوا كل واحد جريح أو مصاب يقنصوه لإنه عارفين إنه هالمصاب اللي رجع هو طريق وتمهيد لطردهم وهو اللي بمد الباقيين بعنوية وهو اللي بخوف ، وإنه هالمصاب وقود المقاومة وأدرينالين الشعب ، إستشهدت وأخوي حملني بالجنازة بحضنه زي الأطفال ، ما كنت معبي القبر لما دفنوني ، طلعت للسما وضل وراي ديوني 17 ألف دولار أهل الخير أطلقوا حملة #دينك_حق_علينا وبسدوا بديون الشهداء وضلت ومرتي المصدومة إنه كيف قتلوا واحد ما بشكل خطر عليهم وأسئلة أولادي وين راح بابا ؟

ثاني يوم إنتشر الخبر وإسمي “فادي أبو صلاح” تصدر وآكتسح المواقع كشهيد مقعد فقد قدميه في حرب 2008 وحطوا تفاصيل صغيرة عني وإنتشرت صورة مش اللي !
نشروا صورة “صابر الأشقر” وهو قاعد ع الأرض جنب السلك وحامل مقليعة وبرمي حجار ، وللصدفة صابر مقطوعات رجليه بحرب 2008 وبشبهني وعنده 4 أطفال ، والصورة إنتشرت بدون ما يتحققوا من صحتها ؟
صابر زي أي مواطن بغزة ، بحرب 2008 وقع عليه صاروخ وإستشهدوا صحابه 3 وهو نجى بأعجوبة زي قصتي وغيب وبس صحى بعد 5 أيام ما لقى رجليه ، وهو كان جندي بحكومة غزة سابقا وبوخذ 40% من راتبه اللي هو أصلا 500 شيكل 150 دولار !

صابر سكان حي الشيخ من قرية بربرة ، زيي وزي كل الشهداء وكل المتظاهرين وهو مشروع شهيد زي كل سكان فلسطين ، يمكن ربنا سخرني شهيد لحتى تنتشر صورته لأمة عربية فقدت كرامتها ، لأمة عربية رح تخجل لما تشوف جريح بقاوم ، أنا سفير لفلسطين بالسماء وصابر سفير بالأرض ، وإنتو المقعدون القاعدون ، إنتو المعاقون .
#الشهيد_ليس_رقمًا،