مرايا – رغم الأهمية الكبيرة لمنطقة البحر الميت سياحيا واقتصاديا وبيئيا، إلا أن عشوائية التخلص من المياه العادمة والنفايات تهدد بمشكلة بيئية خطيرة، فغالبية الأودية المحيطة بمنطقة سويمة أصبحت مكاب للنفايات، يستغل المخالفون ستار الليل وبعدها عن الأنظار ليلقوا بمياههم العادمة ونفاياتهم الصلبة فيها، لتوفير أجور أثمان نقلها الى المكاب الرسمية والمخصصة لذلك.
فبين الأشجار وعلى جوانب الأودية، والتي كانت فيما مضى المكان المفضل للسياحة العائلية، ترى صورا لانتهاكات شنيعة بحق البيئة والإنسان والصحة والسلامة العامة… مستنقعات صرف صحي ونفايات صلبة تبعث بروائح كريهة وتشكل بيئة خصبة لانتشار الحشرات الضارة.
ويبين المواطن محمد صالح، أن مشكلة طرح النفايات الصلبة في الأودية المحيطة بالبلدة، تبقى أقل خطرا من إلقاء النفايات السائلة، خاصة مياه الحفر الامتصاصية للفنادق والمنتجعات وإسكانات الموطفين، والتي تقوم صهاريج النضح بنقلها وتفريغها في الأودية القريبة من بلدة سويمة، من دون أدنى اهتمام رسمي رغم مضي مدة طويلة على ذلك.
“الخطر الأكبر يكمن في تأثير هذا التلوث البيئي الخطير على المياه الجوفية؛ إذ إن هذه المياه الملوثة قد تصل الى المياه الجوفية التي يستفاد منها للشرب أو للاستخدامات المنزلية الأخرى” يقول صالح، مؤكدا أن بعض الصهاريج تتعمد تفريغ حمولاتها في الشوارع الفرعية أثناء المسير، ما يزيد من رقعة التلوث ويتسبب بروائح كريهة جدا، ويستدعي التدخل العاجل من الجهات المختصة لوقف هذه المشكلة الخطيرة.
ويذكر أن “من المخاطر الأخرى التي تسببها هذه الظاهرة انتشار البعوض والحشرات، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يسبب لنا ولأطفالنا أضرارا كثيرة”، مشيرا الى أن تجمعات المياه الملوثة سبب رئيس في انتشار البعوض والحشرات والأمراض التي قد تنقلها كالملاريا واللاشمانيا والأمراض الجلدية الأخرى، إضافة الى الأضرار بالثروة الحيوانية.
ويشير مناور الجعارات الى أن أصحاب الصهاريج يستغلون ستار الظلام لارتكاب هذه الجريمة بحق الإنسان والمجتمع، مشددا على ضرورة متابعة هذه الصهاريج منذ لحظة خروجها من منطقة المنتجعات ولحين وصولها الى مكب تل المنطح بديرعلا.
ويرى مناور أن ما يبعث على الألم هو ما نشاهده يوميا على جانبي الطريق الخلفي لمنطقة سويمة أو بين الغابات الشجرية من وجود أكوام النفايات، والتي تشكل خطرا على البيئة والصحة والسلامة العامة، خاصة وأن ناقليها يعمدون الى إضرام النار فيها كأسهل طريقة للتخلص منها، لافتا الى أن خطورة انتشار هذه النفايات يتعدى الأخطار البيئية؛ إذ تهدد الثروة الحيوانية، لأن تناول المواشي لهذه النفايات يتسبب بنفوق العديد منها.
ويلفت مخلد السالم، إلى أن أهالي المنطقة يعانون نتيجة الروائح الكريهة التي تنبعث ليلا ونهارا من تلك المخلفات، إضافة الى أنها أصبحت بؤرة لتكاثر وانتشار للجرذان والقوارض والحشرات والكلاب الضالة، مشددا على ضرورة إلزام أصحاب المنتجعات بالتخلص من هذه النفايات بطرق آمنة في الأماكن المخصصة لها.
ويوضح السالم أن ناقلي هذه النفايات، خاصة السائلة يقومون بهذا الفعل لتجنب قطع مسافة طويلة للطرح في مكب ديرعلا، بما يوفر عليهم الجهد والمال، حتى وإن كان ذلك على حساب صحة وسلامة المواطن والبيئة، مشيرا الى أن الجهود التي تقوم بها الجهات المعنية للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات، بهدف ترسيخ مفاهيم المسؤولية الجماعية في الحفاظ على البيئة وتعميق الشعور بالانتماء للوطن.
وتشير رائدة عبدالرحمن الى أن انعكاسات هذه النفايات تتجاوز الحدود البيئية والصحية، لتؤثر على القطاع السياحي في أهم الوجهات السياحية في المملكة، خاصة وأن المنطقة يرتادها مئات الآلاف من السياح الأجانب والعرب، قائلة “إن ما نشاهده اليوم من أكوام النفايات المتكدسة على جوانب الطرق وبين الأشجار هو تشويه للمنظر العام للمنطقة والأردن كوجهة سياحية”.
الواقع المؤلم يتجلى، بحسب عبدالرحمن، في أن هذه النفايات هي مخلفات الفنادق ومنتجعات سياحية مقامة على شاطئ البحر الميت، وهي استثمارات تقدر بمئات الملايين، والتي كان من المفترض أن تكون البادئة بالحفاظ على البيئة والنظافة في المنطقة، التي تعد قبلة للسياحة العالمية.
ويبين رئيس بلدية سويمة، محمد طلاق الجعارات، أن هذه المشكلة قديمة، ولم تجد طريقها للحل الى الآن، موضحا أنه وفي حال ضبط مخالفين، فإنه يتم ربطهم بتعهدات أو كفالات، إلا أن ذلك لا يشكل رادعا حقيقيا لهم أو لغيرهم.
ويؤكد أنه جرى إبلاغ الجهات المعنية كافة بعودة الظاهرة مجددا، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات الى الآن، ما أحال المنطقة الى مكرهة صحية تشكل خطرا حقيقيا على الصحة والسلامة العامة، موضحا أن الخطر الحقيقي لهذه النفايات وخاصة السائلة أنها قد تتسبب بتلوث مصادر المياه في المنطقة، إضافة الى الأضرار البيئية والصحية الأخرى التي تنتج عنها.
ويبن رئيس البلدية، أن صعوبة عملية ضبط المخالفين تكمن في أن المخالفين يتعمدون إلقاء هذه النفايات في الأودية والشعاب وبين الأشجار الكثيفة خلال ساعات الليل والصباح الباكر “وفي بعض الأحيان، يحالفنا الحظ بالعثور على مخالفين، كما حدث قبل يومين، إلا أن سائق الصهريج قام بإفراغ حمولته على الشارع ولاذ بالفرار”.
ويؤكد الجعارات ضرورة قيام الجهات المعنية كالبيئة والصحة والمياه وشركة التطوير العمل على وضع حد لهذه الظاهرة، وضرورة إلزام أصحاب الصهاريج والشاحنات، التي تنقل النفايات بإيصال نفاياتهم الى الأماكن المخصصة لذلك، وإحكام تغطية سياراتهم أثناء النقل لضمان عدم تطايرها، مشددا على ضرورة اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين وعدم التهاون معهم ليكونوا عبرة لغيرهم.
ومن جانبه، يؤكد مدير مكتب بيئة الأغوار الوسطى، المهندس شحادة الديات، أنه سيتم تنظيم كشف حسي على المنطقة وإعداد تقرير بذلك ليصار الى اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين، مشيرا الى أن المديرية تقوم بالتعاون مع البلديات والإدارة الملكية لحماية البيئة، بجهود كبيرة للحد من هذه الظاهرة وضبط المخالفين.
ويبين أن الوزارة تولي أهمية قصوى لمعالجة مشكلة الإلقاء العشوائي للنفايات؛ اذ جرى إطلاق حملة وطنية للتوعية بأضرار ومخاطر الإلقاء العشوائي للنفايات وزيادة وعي المواطنين للحد من انتشار هذه الظاهرة، مشددا على ضرورة تعاون المواطنين بالإبلاغ عن أي مخالفات تمارس من قبل أشخاص أو مؤسسات، بما يسهم في الحد من هذه الظاهرة التي تعاني منها جميع مناطق وادي الأردن، ولها آثار سلبية خطيرة على الإنسان والبيئة.
وبدوره، أكد متصرف لواء الشونة الجنوبية، الدكتور باسم مبيضين، أنه وفور تلقيه اتصالا من رئيس البلدية، بوشر باتخاذ الإجراءات اللازمة للقبض على سائق الصهريج، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية الرادعة بحقه وحق أي مخالف، موضحا أن هناك تنسيقا مستمرا مع الإدارة الملكية لحماية البيئة ومديرية الصحة لمنع تكرار هذه الظاهرة والحد منها.الغد