مرايا – وصفت ورقة قانونية، تعميم وزارة الصحة الصادر مطلع العام الحالي بـ”منع حجز أي وثائق ثبوتية شخصية لمرضى أردنيين وغير أردنيين متخلفين عن دفع تكاليف معالجتهم في مستشفيات الوزارة، وتحت المساءلة القانونية”. بالانجاز المهم على المستويات الحقوقية والقانونية والإنسانية في الأردن.
واعتبرت الورقة، وعنوانها “ضمان الحق في الصحة والحماية القانونية للأردنيين واللاجئين”، والصادرة عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، أن التعميم يؤكد على كون الوثائق الثبوتية، حقاً حفظه القانون لكل فرد وحماه، بغض النظر عن شخصيته القانونية في البلاد، أي أكان مواطناً أم أجنبياً أم لاجئاً.
وقالت الورقة، إن وجود هذا التعميم سيسهم بتوضيح الإجراءات القانونية للمطالبات المالية عن الذمم التي تستحق للخزينة العامة، دون اللجوء لحجز الوثائق الثبوتية للمرضى الأردنيين وغيرهم أيضاً، إذ سيغدو التعميم من الأدوات المهمة التي سيستعملها محامو المؤسسات العاملة في هذا المجال، أثناء مفاوضتهم المستشفيات، ويدفع بتركيزهم كاملاً لينصبّ على محاولة العثور على حل القضية الرئيسية، وهي قضية المستحقات المالية.
واعتبرت أهمية التعميم الصادر للمستشفيات الحكومية، في كونه حجر أساس يمكن الاستناد عليه عند التعامل مع القطاع الطبي الخاص في السياق ذاته، باعتبارها غير خاضعة للوزارة إدارياً، إذ يقتصر دورها على الإشراف والرقابة بموجب القوانين والتعليمات ذات العلاقة.
وشددت على اهمية التواصل مع جمعية المستشفيات الخاصة، لحثها على اعتماد هذا التعميم في المستشفيات الخاصة، ما يعني منع احتجاز الوثائق الثبوتية ضمن أروقتها.
وكشفت الورقة عن أنه بين 2020-2021، رصدت دائرة المساعدة القانونية في (أرض) 565 حالة احتجاز لوثائق ثبوتية في المستشفيات، توزعت بين مشكلتين أساسيتين، الأولى هي المطالبات المالية بـ372 حالة، وترتبط ارتباطا وثيقا ومباشرا بالمشكلة الثانية، وهي حجز الوثائق الثبوتية بـ193 حالة.
وبرغم مساس عملية حجز الوثائق الثبوتية بمختلف الجنسيات كما بينت الورقة، لكن الرصد الذي قامت به دائرة المساعدة القانونية في (أرض)، أظهرت أن السواد الأعظم من العينة محل الدراسة، هم لاجئون سوريون، والفئة الأكثر تعرضاً لاحتجاز الوثائق داخل العينة.
أما من الناحية المكانية أو الجغرافية، فتظهر حالات احتجاز الوثائق الثبوتية والمطالبات المالية في المحافظات، مع وجود النسبة الأكبر في محافظات الشمال والوسط، باعتبارها المناطق الأكثر احتضاناً للاجئين السوريين.
وبينت الورقة، أن المستشفيات لا تمتلك أي صلاحية قانونية لاحتجاز الوثائق الثبوتية، كما أنها لا تستند في عملية الاحتجاز هذه، على أرضية قانونية تدعمها نصوص واضحة، بل تتوقف صلاحيتها عند الحصول على صورة من هذه الوثائق وإرفاقها في ملف المريض.
واوضحت “تمنح بعض الإجراءات المتبعة لتحصيل نفقات العلاج من المريض نفسه، أو وكيله، الحق لإدارة المستشفى وقسم المحاسبة فيه، برفع المطالبة المالية بعد مرور ثلاثة أشهر على تاريخ استحقاقها للحاكم الإداري المختص، للسير بإجراءات تحصيل المستحقات المالية، استناداً على أحكام قانون تحصيل الأموال العامة، ومن ثم تتم إجراءات المطالبة وفقاً لأحكام القانون، ليعمم على الشخص المُطالب بالدفع، مع إيقاف معاملاته إلى حين تسديده المستحقات المترتبة عليه.
واستنتجت الورقة بذلك، أنه لا يوجد نص قانوني واضح وصريح، يمنح المستشفيات صلاحية احتجاز وثائق المرضى الثبوتية، بل على العكس من ذلك، تعتبر بعض النصوص القانونية أن احتجاز وثائق الأفراد الثبوتية، جريمة يعاقب عليها القانون، إذ نصت المادة (50) من قانون الأحوال المدنية، على أنه “يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات أو بغرامة مالية لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار أو بكلتا العقوبتين معاً، كل من وجدت معه بطاقة شخصية أو دفتر عائلة بصورة غير مشروعة، أو انتحل اسم الغير فيما يتعلق بدفتر العائلة أو البطاقة الشخصية أو أعطى البطاقة الشخصية أو دفتر العائلة إلى شخص آخر، ليستعملها أو رهنها لديه مقابل أي منفعة مهما كانت”.
في المقابل، توجد تعميمات داخلية في أروقة الوزارة والمستشفيات، لتحصيل المستحقات المالية على المرضى دون اللجوء إلى حجز وثائقهم الثبوتية.
وشددت الورقة الى النظرة لمسألة الوثائق الثبوتية من منظور حقوقي قانوني، قائم على أن الحصول على مثل هذه الوثائق، حق لكل إنسان، أكان مواطناً، أم أجنبياً، أم مقيماً أم لاجئاً، وفي الوقت ذاته، فهي أداة تضمن حصول الأفراد على حقوقهم المشروعة في الصحة والتعليم والعمل والتملّك والتنقل، وغيرها.
وتابعت، يعد احتجاز الوثائق الثبوتية في المستشفيات، قضية حساسة يُنظر إليها على أنها انتهاك للقانون بدايةً، ولحقوق الأفراد ثانياً. لذا، يترتب على احتجاز الوثائق الثبوتية للأفراد وخصوصاً اللاجئين منهم، تعقيدات عديدة تواجههم في حياتهم اليومية، فافتقار اللاجئ لوثيقته الثبوتية يؤدي إلى عدم حصوله على الخدمات الإنسانية، كما أنه سيواجه صعوبة في التعامل مع المؤسسات الرسمية، كالحصول على تصريح عمل، أو استخراج شهادة ميلاد، أو تسجيل أطفاله في المدارس، أو حتى الحصول على خدمة صحية أخرى.
ومن ناحية أخرى، فإن عدم امتلاكه لهذه الوثيقة، يجعل التنقل من منطقة لأخرى، محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً مع إمكانية توقيفه، ما يجعله عرضة لمثل هذا الموقف إلى أن يثبت شخصيته.
وشددت على أنه لا يمكن النظر إلى حجز الوثائق الثبوتية بعيداً عن الإطار الأشمل، إذ تمس بجوهر الحقوق الإنسانية للاجئين، وتترتب عليها تبعات عدة في المجال الحقوقي والقانوني والاجتماعي والإنساني، ما ينتج عنه مزيد من الصعوبات والمشاكل للاجئين والمجتمع المحيط في الوقت ذاته.