قال وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق باسم الحكومة صخر دودين، إن أمر الدفاع رقم 32 جاء كإجراء تنظيمي لعمل موظفي القطاعين العام والخاص وبعض أصحاب المهن من غير متلقي المطعوم.

وأضاف، أن القانون جاء أيضا “كإجراء وقائي لحمايتهم وحماية صحة زملائهم وسلامة متلقي الخدمة في مواقع العمل”.

وأردف: “هذا الأمر لا يتحقق إلا بالإقبال على تلقي مطاعيم كورونا، والالتزام بإجراءات السلامة والوقاية، بما في ذلك المواظبة على إجراء فحوصات كورونا بشكل دوري، لضمان كشف الإصابات فورا وعدم التسبب بنقل العدوى للآخرين”.

وحول ما إذا كانت الحكومة تسعى من خلال أمر الدفاع إلى الدفع نحو فرض التطعيم على العامة، أفاد دودين: “في ظل تصاعد أزمة وباء كورونا إقليميا وعالميا، وسعينا الحثيث من أجل العبور إلى صيف آمن وعودة الحياة إلى طبيعتها، نحن أمام خيارين لا ثالث لهما”.

واستدرك: “إما الإقبال على تلقي المطاعيم من أجل تحصين أنفسنا ضد الوباء، أو الاستمرار بإجراءات الوقاية بما في ذلك إجراء فحص كورونا، بشكل دوري ومستمر للتأكد من سلامة الأفراد، مع الاستمرار في الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية مع كلا الخيارين من ارتداء الكمامات والتباعد الجسدي والابتعاد عن التجمعات”.

واستطرد: “بالتالي فإن تلقي المطاعيم ليس أمرا إجباريا، بل هو أحد الخيارات المتاحة لضمان سلامة الأفراد وصحتهم، والحد من انتشار الوباء”.

وعن أثر القرارات الحكومية، خاصة على الوضع الاقتصادي، لفت دودين، إلى أن “الحكومة لا تتخذ قراراتها من منطلق الشعبوية، بل من منطلق المصلحة العامة والحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم، وهذا الأمر ليس ترفا بل هو واجب ومسؤولية تنهض الحكومة بها انطلاقا من حرصها على تحقيق الصالح العام”.

العرموطي: أمر الدفاع الأخير التفاف على الدستور وحقوق المواطنين

عضو مجلس النواب الحالي المحامي صالح العرموطي، قال: “لا يوجد أي نص بالدستور الأردني والتشريعات المعمول بها يجبر المواطن على تلقي المطاعيم، لأن هذا من حقوقه الخاصة، ولا يجوز التعدي عليها، باعتبارها من الحياة الخاصة ولا يجوز التعدي عليها، والقانون يحاسب على ذلك”.

واعتبر العرموطي، وهو نقيب المحامين الأردنيين الأسبق، أن “أمر الدفاع الأخير التفاف على الدستور وحقوق المواطنين”.

وأرجع سبب عدم إقبال المواطنين على تلقي التطعيم إلى “عدم الثقة والإقناع بالقرارات الحكومية، خاصة مع وجود تقارير تحذر من اللقاحات”.

وشدد أنه “على الحكومة أن تتقي الله في المواطن وحياته وصحته، وعليها دعم وتوفير الكادر الطبي المختص”.

وتابع: “لا يجوز إرهاب المواطن عبر صيغ التهديد من الحكومة، ولا يجوز الحجر على عقول المواطنين وأفكارهم في اختيارهم لتلقي المطعوم من عدمه، فالحرية الشخصية مصانة ومحصنة دستوريا”.

التحرر من القيود

حسين محادين، عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة قال: “من حيث المبدأ، لنعترف أن الشخصية الأردنية بجذورها الصحراوية تميل نحو التحرر من القيود والتحليق في التفكير، لأن الفضاء أمامها مفتوح”.

وزاد “إلا أن الواقع المديني (نسبة للمدينة) يستلزم وجود ضوابط قانونية تهدف إلى الحفاظ على المجموع الذي أصبح سكانه متلاصقون جغرافيا”.

وتابع: “لذلك عندما عاش الأردن جائحة كورونا وتحدياتها المؤلمة، ضجر الأردنيون من عمليات الحجر، وتأثرت حياتهم، وكان ذلك مبرر علميا، لأن الجائحة هي الأولى في تاريخ الذاكرة البشرية من حيث الغموض والآثار الكبيرة التي تركتها على مختلف عناوين الحياة”.

وزاد: “أما اليوم وبعد مرور عامين على هذه الجائحة وظهور أجيال جديدة، أصبح من الضرورة بمكان أن نتعلم جميعا من نتائج العلم، وبالتالي من أساليب الوقاية المطلوب الامتثال إليها من قبل كل منا”.

واستدرك: “لا يعقل في مجتمع فيه نسبة التعليم مرتفعة جدا أن يكون هناك من هو غير مطعم، لأن الفكرة ليست الحرية الفردية هنا، رغم احترامنا لها، لكن انتقل هؤلاء من فكرة الخيار الفردي إلى المهدد الاجتماعي للمجتمع، لأن فرص العدوى والعودة للحجر ومصاحباته أصبحت في الأفق، كما يشير أهل الاختصاص”.

وأفاد بأن “إصرار الحكومة من خلال أمر الدفاع الأخير، يمثل ضبطا خارجيا بالنسبة لهؤلاء الأفراد الممتنعين طوعا عن تلقي المطاعيم، وبكل ما يمثلونه من فرص واسعة لنقل أو اكتساب الإصابات بهذا الفيروس، ما يشكل أيضا عبئا ضاغطا علينا، على المواطنين والدولة بالمجمل، وهذا يتنافى مع طبيعة العقد التكافلي بين أبناء المجتمع، القائل لا ضرر ولا ضرار”.

واستدرك: “من الواضح أن الثقة بين الحكومات والمواطنين تتسم بالوهن وعدم الثقة المتبادلة، وهو ليس بالأمر الغريب على المجتمعات النامية، ومن بينها الأردن، لذلك نجد أن الخطاب الصحي يقابل بالتشكيك من قبل البعض، متناسين أن الخطورة الحقيقية التي نواجهها جميعا تشبه خصائص هذا الفيروس الجديد، باعتباره عابرا للأشخاص والمعتقدات والجغرافيا”.

واختتم قائلا: “معنيون جميعا بالوقاية من الوباء، لأنه يهددنا جميعا، ولذلك على جميع المؤسسات الأهلية والرسمية القيام بدورها التنويري، مستندين إلى العلم وأدواته في إقناع الناس بعيدا عن التهديد، الذي يعد سلطة القانون”.