مرايا – كتب:مراد سعادة – ليس غريبا ولا مستهجنا ان يلوذ الخصوم الى مخزون الذاكرة السلبي في المواقيت الفاصلة , والانتخابات النيابية العامة احد ابرز هذه المواقبت ان لم تكن ابرزها , فتوظيف الذاكرة لاقتناص اللحظة والتأثير على الجمهور حق مباح ومن الواجب للعقل المراقب ان يقرأ المواقيت والدلالات لاستحضار هذا الجزء من الذاكرة بالذات دون غيره وفي هذه اللحظة على وجه الحصر .
فجاة ودون سابق انذار يخرج الى العلن ادراج سابق للمرشح عن دائرة عمان الثالثة المحامي اسامة البيطار , ينتقد فيه الشهيد ناهض حتر دون ملاحظة او تنويه بأن هذا الادراج سابق بوقت كثير لعملية اغتيال الشهيد ناهض حتر , وبتوظيف غير بريئ فالادراج كان في العام 2016 وكان وقتها البيطار ايضا مترشح للانتخابات عن نفس الدائرة , لكن هذا الادراج لم يتم توظيفه والسبب ان ناهض حتر رحمه الله كان على قيد الحياة وربما على مسلخ النقد أكثر , بحكم اعادة نشره لكاريكاتير بنتقد مفهوم الاله في عقل الدواعش , لكنه اثار موجة غضب لدى جمهور واسع من اتباع الديانتين الاسلامية والمسيحية على حد سواء .
اليوم يُعاد نشر الادراج السابق مع ادانة شديدة من جمهور قليل من المعلقين , وناشر الادراج شقيق للشهيد ناهض حتر لكنه جافى المنطق العلمي – الذي عاش عليه ناهض وقضى من اجله – في ادراجه حيث لم ينوه الى تاريخه والى اسبقيته على اغتيال ناهض حتر , ذلك الاغتيال الذي حظي بإدانة جماعية من اتباع الديانتين ومن كل حامل لقلب وضمير انساني , فمهما بلغت الخلافات مع مفكر وسياسي بحجم ناهض حتر, فإن اغتياله مدان بل مجرد الاعتداء عليه لافكاره مدانة فما بالكم باغتياله .
ناهض حتر رحمه الله مفكر وكاتب جدلي , ليس بحكم جدليته الذاتية فقط بل بحكم انتمائه الى الفكر الجدلي الديالكتيكي , ولو سألنا البيطار نفسه عن موقفه من اغتيال ناهض حتر لأدان الاغتيال بكل قوة وايمان وصدق , ولذلك يصبح طرح السؤال مشروعا , لماذا الآن ومن المستفيد , لأن توقيت النشر قبيل الانتخابات يفتح باب الاسئلة الموجعة لمن نشر واعذروني ان قلت ان في اعادة النشر بهذه الطريقة شبهة اساءة للشهيد ناهض حتر , فقد استنكر كثير من المعلقين على الادراج والذين اشرت بانهم قلة في المجموع العام ,مشاركة المرشح عن المقعد المسيحي وائل قعوار للمرشح اسامة البيطار في نفس القائمة , فهل طرح الشهيد ناهض حتر نفسه كمفكر مسيحي ام كمفكر يساري وطني ؟
والاخطر لماذا لم يتم استثمار هذا الادراج في الانتخابات السابقة والتي كانت اقرب في المسافة الزمنية والمسافة العاطفية الى حادثة اغتيال حتر ؟ والجواب هنا سهل , كان ناهض على قيد الحياة وعلى مقصلة الادانة من جمهور عريض بوعي حينا وبغرائزية احايين كثيرة ساهم في اذكاء هذه الغرائزية تحالف تاريخي بين السلطة ورجال الدين .
اعادة نشر الادراج فيه تكاية انتخابية لا تليق بذكرى الشهيد ناهض حتر ولا بوعيه ونهجه , فالموقف العام من ناهض حتر السياسي اليساري والمفكر الاردني تختلف كثيرا عن الموقف من اغتياله المدانة بكل لغات الارض , لكن فكر ناهض حتر نفسه واطروحاته كانت بالضرورة قابلة للنقد , وكان هو ايضا مرحبا باي نقد .
اثرت الكتابة دفاعا عن فكر ناهض وعن مشروعية فكره التي ضمخها بدمه ولا يجوز ان تكون بضاعة في سوق الانتخابات , فأي سوق مهما كانت عامة لا تليق بالشهداء ورحم الله ناهض .