المجالي بلا شهوة والمصري والروابدة طامحان

القصر لا يراهم جزءا من الحل والشارع لا يثق بهم

الجنرال ” عبد الهادي” غاضب و” العناني ” مطيباتي و”خلف ” اكاديمية في السياسة

عقل اليسار قديم والشيوعيون يسعون للثأر والقوميون لا يعلمون بالتحولات في دمشق وبغداد

مرايا – عمر كُلّاب

تتنازع كثيرا من الحضور لوليمة الدكتور عبد السلام المجالي هواجس حول مقاصد الدعوة التي شملت كل الاطياف والتراكيب المؤسسية للدولة الاردنية , من نادي الباشوات – رؤساء الوزراء السابقين – الى المتقاعدين من القطاع العسكري وطبقة سياسية تراوحت بين نواب رئيس الوزراء والحزبيين والاكاديميين , مما منح الوليمة طابعا شموليا , علما بانها جاءت تتويجا لحوارات سابقة شهدتها جمعية الشؤون الدولية على اكثر من صعيد .

العنوان العريض لحوارات الجمعية كان استعداد طبقة المسؤولين السابقين لرفد الدولة وصانع القرار بالدعم اللازم والمشورة السياسية والادارية في لحظة وطنية فارقة , لكنها كشفت فيما كشفت عن شهوات متناقضة ومتعاكسة في اوساط العقل المؤثر لهذه الطبقة , ففي الوقت الذي يبرئ الحضور فيه الدكتور عبد السلام المجالي من اي شهوة للسلطة او نزعة ميول للعودة الى المناصب , يشيرون بوضوح الى عكس ذلك حيال طاهر المصري وعبد الرؤوف الروابدة , فهما حسب حضور ما زالا يحملان شهوة السلطة والعودة الى مقاعدها الوثيرة وان نقدهم وملاحظاتهم ليست بريئة بالكامل , فالرجلان قدما نفسيهما كجزء من الحل وليس جزءا من التشخيص الذي يفرز الحل .

على العكس من الروابدة والمصري كان الشقيق الاصغر للدكتور المجالي – الجنرال عبد الهادي المجالي – غاضبا وساخطا وكان يوجه انتقادات مفصلية لطبقة الحكم التي اضاعت حسب رأيه فرصة الاردن في الاقليم وقللت من حضوره في المشهد السياسي , وحسب خبير في السياسة والاجتماع كان حاضرا للوليمة فإن الجنرال هو الاقسى في الهجوم والنقد بعد ان فقد كل اوراقه الحزبية والبرلمانية ويعيش في عزلة حسب رواية ماركيز ” لا يجد الجنرال من يكاتبه ” بل ويضيف بأن لا احد يكتب اليه , فالحزب الذي انفق عليه الكثير من الوقت والمال بات شبحا سياسيا , بعد ان وصلته كل التطمينات بانه سيكون الوريث لاي حكومة حزبية قادمة بعد حكومة النابلسي التي تشكلت في العام 1956 .

حوار الطبقة السياسية السابقة او ما اصطلح على تسميتهم بالديناصورات – كناية عن الانقراض – ليس مسكونة بحلم العودة فقط بل مسكونة بإمتلاك الحلول , قافزة تلك الطبقة عن طبيعة التغير الجارية في المجتمع الاردني وحراك الشباب الفائر في الساحات وعلى مواقع التواصل , والذي يتهمهم علنا وجهرا بأنهم اصل المشكلة وجذرها , وبأنهم اورثوه حالة عامة تعاني من ازمات شبه مستعصية , بعد ان نجحوا بتوريث المناصب والمكاسب للمحاسيب والانسباء والمريدين , وبأنهم اجهضوا امال الشباب في انتقال آمن لمواقع السلطة ومناصبها بل واعتدوا على اماني الجيل الجديد ولا ينكر الخبير السياسي والاجتماعي ان هذه الطبقة تعاني من اشكاليتين , الاولى مع القصر الذي لا يرى فيها مخرجا للازمة وثانيتهما مع الجيل الجديد الذي لا يثق فيها .

بالتساوق مع رؤية الخبير , يرى محلل سياسي ناشط جدا في هذه الايام , ان هذه التجمعات لطبقة الحكم السابقة , ليست بريئة وتسعى الى القفز على منجزات الشارع الاردني وحراكاته , فهي صمتت مثل اهل الكهف , قبل ان تسترد ذاكرتها في العودة الى تأطير نفسها لضمان سطوتها على السلطة ومقاعدها , وهذا رأي يمتلك وجاهة في نظر كثيرين , تحديدا بعد عودة الحراكات الى ساحة مستشفى الاردن القريبة من الدوار الرابع وبداية استجابة الحكومة وعقل الدولة لمطالبها , فالعفو العام على الابواب وقانون الجرائم الالكترونية تمت هيكلته من جديد واشارة الحرب على الفساد تسير بالمنحى التصاعدي .

المحلل السياسي يسترسل في التحليل طالبا شباب الحراك بالعمل الجماعي والتأطير السياسي , اما مع كيانات سياسية قائمة وتحديدا الكيانات الجديدة كما المح الشيخ سالم الفلاحات في مقال سابق , او بالتفكير في إنشاء حزب سياسي جديد او اطار سياسي جامع لكل افكارهم يتمخض لاحقا عن حزب سياسي , فسرعة استجابة طبقة الحرس القديم تدعو للقلق حسب رأيه , واذا ما بقيت الحراكات الشعبية مسكونة بالخروج الشارعي فلن تنجح في تحقيق انتاجية سياسية , تحديدا بعد ان تسلل الى الحراكات اصوات نشاز تهتف بسقف منقوص الادب وليس بسقف مرتفع كما يقول .

على حواف هذه التضادية وفي وسطها , تقف اصوات يعوزها القراءة المنهجية للحالة الراهنة تنحصر في الاحزاب القائمة وتحديدا اليسارية والقومية وطبقة الورزاء السابقين , فالوزيرة ريما خلف مثلا قدمت شكلا مقبولا على المستوى السياسي في وليمة المجالي , لكنها قدمته وفق اطار اكاديمي يليق بالاسكوا ولا يليق بالحالة السياسة وكذلك الحال بالنسبة للدكتور جواد العناني الذي لامس المشاكل ولكن دون جرأة تحتاجها هذه اللحظة وكان اقرب الى المطيباتي منه الى السياسي , اما الاحزاب المتكلسة من التيارات اليسارية والقومية فقد بقيت اسيرة الماضي وما زالت تتسلح بالموقف الكلاسيكي الرافض للجديد والناقد للسلطة وكأنها تثأر لماضيها دون استجابة للمستقبل , فدعوات الشيوعيين واليساريين ما زالت على نفس نغمة الاحكام العرفية , اما القوميون فثمة شك بأنهم يعلمون بحجم التغيرات الجذرية في دمشق وبغداد .