مرايا – كتب : عمر كلاب – يبدو السؤال مقلوبا ومشروعا في ذات الوقت , فالبرلمان الذي يعيش اسوأ مراحله الشعبية يستعد خلال اسابيع لجلسات الثقة بالحكومة التي رغم الملاحظات الشعبية والسياسية على تشيكلتها تحظى بثقة شعبية تفوق باضعاف الثقة بالبرلمان , خاصة شخصية رئيسها المقبولة شعبيا وسياسيا ولا يخالطها الفساد او استثمار الوظيفة في مسيرته المهنية , فالدكتور الرزاز من الاسماء القليلة التي حفظت طهارتها المهنية والمالية .
مشروعية السؤال ان جهة فاقدة للثقة ستمنح الثقة , بل ان ثقتها هي جرس انطلاق العمل واستكمال الشرعية , فهل نترك الامور تسير بهذا النسق العجائبي دون توقف امامه , وهل نترك المسيرة الوطنية معطوبة بهذا الشكل , في لحظة اقليمية حرجة ولحظة وطنية تقف امام مفترق طرق مصيري , مع ارتفاع طبول صفقة القرن وارتفاع صوت القذائف في الشمال الاردني وشبه عطب للعملية السياسية في العراق الشقيق ؟
سئم المواطن الاردني من تعطيل مشاريعه الوطنية الكبرى والصغرى تحت وطأة الظرف الاقليمي وبحججه , وسئم اكثر من وعودات الرسميين بالسمن والعسل منذ حكومة الدكتور عبد السلام المجالي الاولى عام 1993 وحتى يومنا هذا , فعنق الزجاجة بات اطول من الطريق الصحراوي , بل انه بات بطول مسافة العُمر نحو القبر , فهذه الراحة الوحيدة التي ينتظرها 90% من الشعب الاردني , الذي انفق مخزونه على التعليم والصحة والسكن دون اي دور حكومي , فآخر مشروع اسكان وطني كان اسكان ابو نصير , والمستشفيات الحكومية لا تكفي بالكاد لمراجعي الطوارئ , بدليل تكرار الزيارات من الملك لمستشفى البشير , والتعليم الجامعي الرسمي يوازي في اسعاره التعليم الخاص .
كل ذلك جرى تحت بصر النواب , بل ان مسؤولا حكوميا رفيعا قال لكاتب المقال ان معظم المشاريع الخدمية التي صرفت عليها الدولة الملايين جاءت لارضاءات نيابية , واضاف ان مركزا صحيا تم عمله لغاية واحدة وهي تعيين شقيقة نائب وكذلك جرى بناء مدرسة لحسم خلاف بين فخذين من عشيرة واحدة لا يفصل بينهما سوى شارع بعرض بضعة امتار والحديث يطول ويطول , ومع ذلك ننتظر ان يمنح مجلس النواب الثقة للحكومة كي تبدأ عملها تحت رقابته للاسف , ومطلوب منّا ان نثق بحكومة ترضخ لهذه المطالب الضحلة وتنفق الملايين من اجل ارضاء نائب جاء بالصدفة او سوء الاختيار او بالتزوير .
الجميع مشغول بالثقة وبهذرفات نيابية حول مرضى السرطان ومواقف النواب من اسماء الفريق الوزاري الذين كانوا يجلسون بالساعات من اجل مقابلة احدهم , بل ان معظم الفريق الوزاري كان يحظى بصداقات نيابية تفوق حجم الثقة المطلوبة , ومع ذلك يسعى النواب اليوم الى اظهار حرصهم على المواطن الذي انتج ربيع 30 ايار الذي كان يطالب برحيل السلطتين , اي ان المجلس النيابي ليس مخولا بالحديث عن المواطن حسب منطوق جمهور الدوار الرابع , وهنا بيت القصيد , فمن سيمنح الثقة لمن ؟ وكيف سيقبل المواطن الذي باتت شكوكه حاضرة في كل قرار حتى القرار الديني , ان يقتنع وهو يرى انشغال الجميع بالجميع بدون التفاتة لقضاياه الرئيسة , فالقتل ارتفع في رمضان رغم تصفيد الشياطين , والسرقات في ارتفاع والمخدرات تتحرك براحتها والفساد نواجهه بالقضايا السمجة والصغيرة , فمن يجرؤ على فتح القضايا الكبرى في امانة عمان وشركات التعدين وباقي القضايا المتورط فيها نواب سيمنحون الثقة للحكومة .فمن سيمنح الثقة لمن ؟//
omarkallab@yahoo.com