مرايا – كتب : عمر كلاب – للمرة الاولى لا ينتظر الاردنيون تشكيلا حكوميا لممارسة حل الكلمات المتقاطعة وتوزيع اعضاء الفريق الوزاري على الاصول والمنابت والفروع والغصون والملل والنحل , بل ينتظرون تشكيلا حكوميا لكي يحدد المجتمع موقفه من الحكومة , وهل يراكم مدماك الثقة ام يندب حظه في حكومة علق عليها امالا لكنها خذلته في اول يوم لها , فالتشكيل الحكومي هو اول عنوان ينتظره الاردنيون بعد ان اغلقت دوائر التواصل اسماعهم بكل الاسماء القابلة للاستهلاك الادمي وغير الصالحة .
للوهلة الاولى يبدو الدكتور عمر الرزاز محظوظا بهذا الكم الهائل من دفء الاستقبال – وهو كذلك – لكنه اقل اصحاب الدولة حظا في الواقع لانعدام منسوب التسامح من الاردنيين معه , ليس لان الغضب وجه اخر للحب وهم يحبونه , بل لان ظرفهم لا يحتمل اي فرصة تجريب , فقد بلغت الحلقوم حسب النص القرآني , وثمة امال تحطمت على صخور حكومات ” التيك اواي ” وحكومات التنفيع والتفحيط في الشوارع السياسية واراضي المحسوبين والانسباء والاصدقاء , ولا تحتمل روح المواطن مزيدا من التجريف والتصحر وتجربة اصدقاء المسؤولين .
ما يرشح من اخبار حتى اللحظة لا يشي بكثير راحة , فتثليث الحكومة بين الخبرة والشباب والجيل الراهن , فيه اجتراء على معادلة النزاهة والكفاءة , وثمة اعادة تنظيم لموضوع الجغرافيا السياسية والمحاصصة ورفع حصة المرأة على اسس جندرية , بمعنى ان امراض الحكومات السابقة ستكون حاضرة , ربما بنسبة اقل لكن الجسد الحكومي سيحتضن فيروس التأسيس القائم على حسابات لا يجهلها الاردنيون , اكثر الشعوب خبرة في فك الكلمات المتقاطعة .
قلق اكثر على منهجية ادارة الازمة , بعد موجة غضب الشباب العارمة على واقعهم وقلقهم المحق على مستقبلهم والذي مارسوه بارقى درجات الوطنية , فهل غضبتهم الاخيرة قابلة كي تشترى نفس البضاعة بتغليف مختلف , رغم انني موقن ان عمر الرزاز هو الخيار الامثل في هذه اللحظة التاريخية , فهل استجاب الظرف الموضوعي لهذا الخيار الامثل ام ان القوى المحيطة لها رأي آخر وستسعى الى افشال مثالية الظرف , فهناك اطراف كثيرة ومتعددة ليس في مصلحتها ان ينجح عمر الرزاز بصفته وشخصه ودلالته .
القلق متصل , فهل ستكون حكومة عمر الرزاز نقطة انطلاق نحو ترشيد الخيار وصولا الى الحكومة التوافقية او شبه البرلمانية وصولا الى الحكومة البرلمانية , ام انه عتبة من اجل اجتياز اللحظة الفارقة , وانه خيار الضرورة واشتراطات الطبقة الجديدة من جيل الشباب الذين اعادوا رسم واقعهم على ايقاع كركرة الاراجيل في كافيهات البطالة وقلة الفرص , وفي غياب التكوينات السياسية والنقابية والتأطيرات الاجتماعية , فهم حالة افتراضية لمجاميع واقعية نجحوا في تأطير انفسهم دون تأطير فمن سيجلس على طاولة المفاوضات كي يفاوض الحكومة وباقي اجهزة الدولة ؟
هناك هشاشة وربما سطحية في قراءة ما حدث يوم 30 ايار وهشاشة اكثر في قراءة الشخصية الوطنية التي رأيناها على الدوار الرابع , مما يقلل فرص التشخيص الدقيق وينعكس سلبا على العلاج الحقيقي وهنا مكمن القلق .
omarkallab@yahoo.com