المصري يدق جدران الخزان وعطية يفتح باب الاسئلة الحرجة
مخاوف من ارتفاع سقف النقد وتحذيرات من ادخال رأس الدولة في التفاصيل
تحويل الخطاب الى الدولة بعد اليأس من استجابة الحكومة
تراجع تحصيل الاموال بعد انكماش السوق ووزير المالية يتحدث عن الاقتراض

مرايا – شؤون محلية – يفيض خزان الاقتراحات الشعبية او تلك المقدمة من خبراء واكاديميين عن سعته , دون ادنى استجابة رسمية لكل تلك الافكار والاقتراحات التي تبدو منطيقة او لها حضور واقعي , مما دفع بنائب من حجم خليل عطية الى اجراء دراسة مسحية سريعة لحجم تراجع القدرة الشرائية عند قطاعات كثيرة , كان ابرز معطياتها عزمه توجيه سؤال نيابي من العيار الثقيل حول مقدار المبالغ المتحصلة من ضريبة المبيعات بعد ما يشبه الانهيار الذي اصاب السوق الاردني واستحالة تحصيل المبلغ التي تحدثت عنها الحكومة في خطاب الموازنة بدليل عزمها على الاقتراض كما قال وزير المالية في تصريحه الطازج جدا , مما يستدعي ضرورة المعالجة الرسمية قبل تحول انكماش السوق الى ركود يراه الخبراء قريبا .

بالتزامن مع عطية قامت شخصية رفيعة المقام عند الشارع الاردني بكتابة مقال تحذيري لكل اركان السلطة جرى نشره وسط تفاعل شعبي كبير مع المقال وكاتبه رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري احد ابرز عناوين الانفتاح السياسي في الشارع الاردني , يحذّر فيه من ادخال رأس الدولة في التفاصيل وتحميله وزر الخطايا الحكومية والتنفيذية قائلا ” والحقُّ، أنّه ما بين خطاب الحكومات الأردنية وما بين خطابات الدولة هناك مسافة ومساحة ينبغي أن تبقى دوماً واضحة , وفي تلك المساحة ، وإليها، تمكن إحالة الأخطاء في الإدارة والسياسات ، وفي الآونة الأخيرة، صار المواطن الأردني يشعر -للأسف الشديد- أن أحداً يسعى جاهداً إلى ردم تلك المساحة وتحميل رأس الدولة، بكل ما هو متاح من فشل سياسات وحكومات في إنجاز مهام المرحلة التي جاءت من أجلها” .
تحذير المصري المعلن يتلاقى مع تحذيرات كثيرة صدرت همسا عن مسؤولين سابقين يخشون فيها من ارتفاع سقف الخطاب الشعبي والحراكي بصورة ضارة بالعلاقة بين الدولة ورأسها والمواطن العادي , الذي بات يلمس عيانا حجم التناقض بين التوجيهات الملكية والمسلكيات والقرارات الحكومية , حيث المحت مصادر ان اجتماع رؤساء الوزراء الاخير في مكتب المصري نفسه حمل هذه الروحية وكذلك يعبر عنها شخصية تحظى بقبول شعبي وازن بحجم القاضي الدولي ورئيس الورزاء الاسبق عون الخصاونة , الذي يرى ان الادارة الرسمية تدفع بالناس الى الحائط بعد تخلي الدولة عن الكثير من واجباتها .

حجم الخطر دفع بكثير من المرجعيات السياسية الى عدم توجيه الخطاب الى الحكومة , لاحساس عميق بضعف الفريق الحكومي وعدم استجابته للاقتراحات والاراء القادمة من خارج المطبخ الرسمي ومن خارج الصندوق , ولذلك ظهر نموذج مخاطبة الدولة كتعبير جديد في لغة الخطابة السياسية , حيث يقول المصري ” ففي شؤون الوطن العامة ، وفي ظروف اجتماعية بالغة القسوة على الناس ، فإنّ الدولة ، ولا أقول الحكومات ، ينبغي أن يكون لها عقلٌ وقلبٌ , عقلٌ رشيدٌ ، يعقل عُمقَ التحوّلات الإقليمية الكبرى ، وقلبٌ رَحيمٌ يُدركُ شِدّة ضغوط الحياة وقسوتها على الشرائح الاجتماعية الأوسع , وبين مهمّات العقل ومهمّات القلب، على الدولة ، وحدها ، تقع مسؤولية العبور الرحيم بالناس إلى بَرّ الأمان ، وبأقلّ الخسائر الممكنة , هَكذا تعوّد الأردنيون عُبور محنهم التاريخية الصَعبة ، وهَكذا أحسَبُ أنّهم يرجون للحظتهم الراهنة أن تكون ؛ عُبورٌ راشدٌ ، بعقلٍ راشدٍ وقلبٍ رَحيم”
الدولة هي كائن حي يقول مصدر سياسي يرفض الكشف عن اسمه وبالتالي فإن عليها ان تستمع بعقلها وقلبها الى الخطاب الجديد , بحيث لا يسمك جلدها عن الاستشعار بالمحيط الوطني فتزداد الازمة وتتعمق الغربة , وكان المصري قد اطلق تحذيرا قاسيا ولكن بنعومة الصابون النابلسي حيث مسقط رأسه ” أبوابٌ كثيرة للتغيير والإصلاح الحقيقيّ , وبابٌ ضيّقٌ للتطرّف , وعلى الدولة ، وحدها ، أن تجترح كلّ الوسائل لإغلاق ذلك الباب الضيّق للتطرّف ، وأن تبتكر وسائلَ خلّاقة وحقيقيّة للتغيير والإصلاح الحقيقيّ , وأوّل الإصلاح هو المصارحة والصدق والمكاشفة” .

الدولة تقود الان خطوات مكاشفة عن نهجها الجديد والمخاطر المحدقة بها , وحتى تنجح في ذلك يجب ان تحظى هذه الخطوة ببيئة حاضنة قابلة للفهم وجاهزة له بدل الارتدادات عن القرارات تحت تأثير ردود الفعل الغاضبة التي ستفضي الى التطرف حسب رأي المصري وكثيرين , عاب عليهم مراقبون عدم دخولهم معركة الحراك الدائر اليوم كما قال الكاتب حسين الرواشدة .الانباط – قصي ادهم