مرايا – شؤون عالمية – كشفت مصادر خاصة ، أن وزير الداخلية التونسي لطفي براهم يجري تحركات تهدف إلى الانقلاب وتولي السلطة على طريقة زين العابدين بن علي، في محاولة لقطع الطريق على حزب النهضة ومنعها من الفوز في الانتخابات البلدية القادمة.

وبحسب مصادر على قرب من الدوائر الحكومية، طلبت عدم الكشف عن هويتها، فإن مخططات الوزير مدعومة من ولي عهد السعودية، وأن الزيارة التي قام بها براهم قبل أيام للرياض تأتي في إطار هذه المخططات.

وقالت المصادر أن بوادر الخلافات بين وزير الداخلية براهم ورئيس الوزراء يوسف الشاهد صارت واضحة، مشيرة إلى أن براهم تعمد الإساءة إلى الشاهد من خلال وصفه بأوصاف تقلل من شأنه في جلسات خاصة.

وكشفت المصادر أيضا أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي نفسه بات متوجسا من براهم، بسبب مخاوف من تحضيره للسيطرة على الدولة، من خلال التغييرات التي يقودها في وزارة الداخلية.

وبحسب المصادر، فإن السبسي كان قد عين براهم وزيرا للداخلية بهدف تحجيم حزب النهضة، ولكن الرئيس التونسي بات أمام حركة تغييرات يجريها براهم في الوقت الحالي داخل الوزارة، تضمن له تأييدا أكبر، في حال أقدم على أي خطوة للاستيلاء على السلطة، وهو ما بدأ يثير القلق عند الرئيس.

وتصاعدت المخاوف لدى السبسي ورئيس حكومته، بعد أن بدا وكأن تحركات براهم داخل الحكومة هي إعادة لسيناريو زين العابدين بن علي مع سلفه الحبيب بورقيبة، إذ أطاح ابن علي بالأخير وعزله بانقلاب غير دموي بعد أن تمكن من السيطرة على الحكومة ووزارة الداخلية.

وكشفت المصادر إن براهم يتحالف مع رجل الأعمال المثير للجدل كمال لطيف، حيث بدأ الوزير بتعيين شخصيات قريبة من الأخير في مواقع مهمة في الوزارة، مضيفة أن الوزير لديه قائمة بأسماء شخصيات مقربة من لطيف يجري إدماجها في مناصب متقدمة بالوزارة بالتدريج.

وأشارت المصادر إلى أن براهم لديه خلافات مع بعض قيادات الوزارة، وأنه يعمل على إزاحتهم، وهو ما يفسر إقالة مدير الأمن الوطني توفيق الدبابي قبل أيام وتعيين رشاد بالطيب خلفا له. وإضافة للدبابي، فإن الوزير على خلاف مع مدير الإدارة العامة للمصالح المختصة/ الاستخبارات كمال القيزاني، وغيره من قيادات الوزارة.

وينتمي كل من وزير الداخلية براهم ووزير الدفاع وكمال لطيف لمدن الساحل، ويسعى الثلاثة بحسب المصادر إلى “ترسيخ نفوذ الساحل كما كان عليه الحال دائما منذ استقلال تونس”، خلافا لأحد أهداف الثورة بتوزيع السلطة والتنمية بين مدن الساحل والداخل.

وسبق أن فجر لقاء وزير الداخلية التونسي الملك سلمان في الرياض، موجة تساؤلات بين الأوساط السياسية في تونس وخارجها، حيث عبر البعض عن مخاوف من وجود مخططات لإعادة نظام ابن علي من خلال براهم، ولكن المصادر أكدت لـ”عربي21″ أن الخطة هي حصول براهم على السلطة وليس إعادة الرئيس المخلوع.

وقالت المصادر أن “براهم ذهب إلى الرياض مستخدما طيران الخطوط التونسية، ولكنه عاد بطيارة خاصة يمتلكها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مشيرة إلى وجود أنباء عن حصوله بأموال سعودية للمساعدة في تنفيذ الخطة”.

ومما يزيد فرص براهم أكثر ويمكنه في السلطة، اعتماده أيضا على الحرس الوطني كقوة مهمة، خصوصا أنه تولى منصب “آمر الحرس الوطني” قبل تعيينه وزيرا، بحسب المصادر.

الدافع

وبيّنت المصادر ، أن سبب التحركات الأخيرة التي يقوم بها براهم، هي خشيته من فوز حزب النهضة في الانتخابات البلدية القادمة، إذ إن معظم استطلاعات الرأي تتوقع ذلك، فيما أظهرت الاستطلاعات أن موقف الأحزاب الأخرى ضعيف.

ويبدو أن توقعات فوز النهضة في الانتخابات سبب قلقا لبعض الأطراف الإقليمية، وخصوصا أن الجبهة التي سعى محسن مرزوق لتشكيلها بدعم إماراتي لم تحقق اختراقا جماهيريا، ولن تحصل على نتائج طيبة في الانتخابات، بحسب المصادر.

وقرأ المصادر بتحركات الوزير براهم وزيارته للسعودية بأنها “توحي بدخول الرياض على خط التأثير على السياسة في تونس إلى جانب الإمارات”.

وإضافة لتخوف بعض الدول الإقليمية من فوز النهضة، فقد عبر سياسي فرنسي سابق عن قلقه بهذا الخصوص في تصريحات على محطة”RTL” الفرنسية. وحذر الوزير الأول الفرنسي الأسبق جون بيار رافاران ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع القوات المسلّحة في مجلس الشيوخ، من اكتساح الإسلاميين للسلطة في تونس، مضيفا أنه وجب التحذير وإطلاق صافرة إنذار بضرورة مساعدة تونس التي تمثل امتدادا للأمن القومي الفرنسي، وفق قوله.

موعد الانقلاب

وتوقعت المصادر في حديثها لـ”عربي21″ أنه في حال نجاح براهم في مسعاه، فسيقوم بتحركه قبل الانتخابات، أي خلال الأسابيع المقبلة لمنع فوز النهضة، ولكنها أشار إلى أن “الشعب التونسي ليس بصدد قبول انقلابات جديدة والعودة لنموذج يشبه عهد ابن علي”.

يشار إلى أن انتخابات البلدية في تونس من المزمع إجراؤها في يوم 6 أيار/ مايو المقبل.

ويذكر أن ابن علي بعد أن تنحى عن السلطة بسبب اشتعال الثورة التونسية مع انطلاق الربيع العربي، لجأ إلى السعودية، وأقام فيها. عربي 21