مرايا – كتب : عمر كلاب – لا يبدو ان العمل العربي المشترك قابل للنماء سواء على المستوى الرسمي او على مستوى المبادرات الشعبية او مؤسسات المجتمع المدني, حتى تلك التي يقودها ذوات ممن استلموا مناصب رفيعة وثقيلة في أزمنة سابقة, فالاولويات العربية متباعدة ولا يوجد قاسم مشترك سوى ذلك المطروح للاستهلاك الشعبي بعد كل لقاء ثنائي او جماعي على شاكلة ما يهم الطرفين والقضية المركزية وما تيسر من مفردات الشوق والتطلعات للوحدة التي ينغرس في صدرها وظهرها الف خنجر .
امس كانت العاصمة عمان, مسرحا لعدة لقاءات لمجموعة عمل عربية ولنائب الرئيس الامريكي بينس, الذي امسك عن الكلام المباح في الملف الفلسطيني وإن كانت اشاراته للمعونة والدعم الاقتصادي مريحة, فيما سيقوم بالقاء خطاب في الكنيست الاسرائيلي؛ ما يعني ان الرسالة ستمر عبر الاسرائيليين وليس عبر الاطراف العربية في هذا الملف الحيوي والاستراتيجي اما الاشارات القادمة من مجموعة العمل العربي المشترك فهي اشارات صادمة في سلبيتها, مع تقديرهم للمحاولات الاردنية الصادقة نحو تفعيل العمل العربي المشترك لكن الاوليات متباعدة لعواصم الثقل والفعل .
الحراك الموازي كان في السفارة الايرانية في دمشق التي شهدت اجتماعا بين الفصائل الفلسطينية وكمال خرازي مبعوث القيادة الايرانية الى الفصائل الفلسطينية من اجل تحريك العمل الفلسطيني نحو انتفاضة ثالثة تحتاجها اللحظة الفلسطينية وتحتاجها العاصمة طهران التي باتت في خشية على ملفها النووي بعد التصريحات الامريكية الاخيرة بشأن مراجعة الاتفاق النووي الايراني .
وضوح الرؤيا الايرانية في معالجة ملفاتها وتحالفاتها, مقابل تشتت الرؤى والاوليات العربية, سيضاعف من حجم الاختلال البيني عربيا وفي شكل العلاقة مع الجار الايراني, الذي نلومه على حُسن ادارته لواقعه الاقليمي وتفاعله حلفائه الذين انفق عليهم ماليا وسياسيا وستزداد التعقيدات العربية حيث يتنامى تيار العداء لايران ويتنامى بالمقابل تيار الاستيعاب لطبيعة الدور الايراني وحفاظه على مصالحه الذاتية والاقليمية, مع فتح قناة حوار جادة معها لمراجعة مواقفها حيال علاقاتها مع الجار العربي .
الارتباك الاردني من تباينات المواقف العربية وسلوك الاطراف الاقليمية, مبرر وله سند موضوعي, لكن حالة الارتباك والتردد لها انعكاسات سلبية على الحالة الداخلية التي تعاني من اثقال سياسية واقتصادية جرّاء الحالة الاقليمية والعربية, فالاتراك ايضا دخلوا الملعب العربي بادواتهم الخاصة والذاتية واسرائيل تقطف ثمار كل ذلك, والوعي الاردني يعاني لانه يفهم كل هذه التداعيات لكنه لا يمتلك المقدرة على تغيير الواقع, وقدرته على الاستمرار باتت معقدة, فهو لا يستطيع ادارة الظهر لواشنطن وليس مطلوبا منه ذلك ولا يمكنه الاستدارة نحو الاطراف الاقليمية الفاعلة بحكم كلفة الاستدارة العالية .
هذا الواقع يتطلب ادارة من طراز خاص, تحمل اعباء المرحلة على المستوى السياسي, لان مربط الازمة سياسي بامتياز ونتيجتها اقتصادية وليس العكس, والفريق السياسي هو القادر على ابتكار المخارج والتقاط عوامل الازمة وتفاعلاتها وامكانية النفاذ من خلال اللعب على تناقضاتها, فهل يتوافر لدينا هذا الفريق, الجواب بالتأكيد نعم, فنحن نعيش منذ لحظة الولادة في عين الازمة ولدينا خبرات متراكمة في النفاذ من شقوق الاقليم الصعبة ونحتاج الى رغبة في الاستدارة نحو السياسة لمعالجة الواقع الاقتصادي .
omarkallab@yahoo.com