استقبل الأردن العام الجديد، بدون تنظيم احتفالات عامة مشابهة للأعوام الماضية في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، فيما استقبلت دول في شرق الكرة الأرضية منذ ساعات، 2024، بآمال بأن يحل السلام وبالحدّ من ارتفاع تكاليف المعيشة وبحلّ النزاعات في العالم.

وتحدث مراسل “المملكة” عن غياب مظاهر الاحتفال والفرح عن الشوارع في العاصمة عمّان.

واستقبلت سيدني المُلقّبة بـ”العاصمة العالمية لعيد رأس السنة” العام الجديد، إذ تجمّع أكثر من مليون استرالي على امتداد شاطئ الميناء، في حين أشارت سلطات المدينة والشرطة إلى أن كل المواقع المطلّة على الألعاب النارية باتت مشغولة.

وتجمّع سكان سيدني في هذه المواقع متحدّين الطقس الذي يشهد رطوبةً غير معتادة في هذا الوقت من العام، وشاهدوا إضاءة جسر هاربور ومعالم أخرى بأسهم نارية وصل وزنها إلى ثمانية أطنان.

وأضاءت المفرقعات النارية سماء أوكلاند وهونغ كونغ وبانكوك ومانيلا.

وغطس سباحون عراة يعتمرون قبعات سانتا كلوز في مياه البحر الأبيض المتوسط في جنوب فرنسا، في حين أقام عدد من المحتفلين حفلات شواء ورقصوا في شوارع مدينة سالونيكي اليونانية.

وفي الإمارات، أضاءت الأسهم النارية سماء برج خليفة في دبي ضمن احتفالات في مدن عدة تستمر 60 دقيقة في منطقة الوثبة في إمارة أبوظبي، وفق ما أفادت وكالة أنباء الإمارات “وام”.

وودّع المحتفلون في مختلف أنحاء العالم العام 2023 المضطرب والأكثر حرّا على الإطلاق، والذي تميّز بصعود الذكاء الاصطناعي لكن طُبع أيضا بحربين داميتين في غزة وأوكرانيا، وبأزمة المناخ.

وبدأ سكان العالم الذين يتجاوز عددهم حالياً ثمانية مليارات نسمة يستقبلون العام الجديد آملين بحلول السلام وبالحدّ من ارتفاع تكاليف المعيشة وحلّ النزاعات في العالم.

في مدينة غزة المدمّرة، لم تبق أماكن للاحتفال بالعام الجديد. وقال عبد عكاوي الذي فرّ من المدينة مع زوجته وأطفاله الثلاثة “كانت سنة مظلمة مليئة بالمآسي”.

وروى الرجل البالغ 37 عاماً، والقاطن حالياً في مخيم للأمم المتحدة في رفح في جنوب قطاع غزة أنه فقد شقيقه، لكنه ما زال يتمسّك بالأمل للعام 2024.

وقال “إن شاء الله، ستنتهي هذه الحرب، العام الجديد سيكون أفضل وسنتمكن من العودة إلى منازلنا وإعادة بنائها، أو العيش في خيمة على الأنقاض”.

وأكدت الأمم المتحدة نزوح قرابة مليوني شخص من سكان قطاع غزة منذ بدء الحرب، أي نحو 85% من سكانه، بينما استشهد قرابة 22 ألف شخص.

في تل أبيب، انعكست أجواء الحرب على احتفالات رأس السنة على الرغم من مواصلة المدينة إحياء معظم الحفلات المقررة في هذه المناسبة. إلا أن غالبية الإسرائيليين لم يستوعبوا بعد صدمة عملية “طوفان الأقصى” أكبر عملية تعرضت له بلادهم في تاريخها وقد أوقعت 1140 قتيلا.

ويعرض موقع “إيفنتر” Eventer الذي يبيع تذاكر لحفلات تل أبيب نحو خمس عشرة أمسية ضخمة يحييها فنانون ويتخللها عشاء. وستكون مطاعم المدينة “التي لا تهدأ أبدا” مفتوحة طوال الليل، لكن يتوقع أن تكون الأجواء أثقل من المعتاد على خلفية استدعاء عشرات الآلاف من الشباب للمشاركة في الحرب.

وأشار صحفي في وكالة فرانس برس إلى أن الكثير من الشباب خرجوا في إسرائيل إلى المطاعم للاحتفال بالانتقال إلى العام الجديد. من بينهم، ران ستال (24 عامًا) الذي قتل صديقه في مهرجان نوفا الموسيقي في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقال ستال “في اللحظة التي أبدأ فيها الرقص، يعود الحزن والحداد”.

في روما، ذكر البابا فرنسيس في صلواته ضحايا الصراعات في مختلف أنحاء العالم، مشيراً إلى الأوكرانيين والفلسطينيين والإسرائيليين والسودانيين و”شهداء الروهينغا” في بورما.

وقال البابا البالغ 87 عاماً من ساحة القديس بطرس “في نهاية العام، لِنتَحَلَّ بالشجاعة ونسأل أنفسنا كم ضحية وقعت جراء النزاعات المسلحة وكم قتيلاً سُجّل”، في هذه الصراعات.

وتابع “لنسأل أنفسنا كذلك ما هو حجم الدمار والمعاناة والفقر؟ فليراجع مَن لهم مصلحة من هذه الصراعات ضمائرهم”.

في أوكرانيا، تقترب الذكرى السنوية الثانية للهجوم الروسي، ويتنازع البلاد التحدي والأمل.

وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالته للعام الجديد الأحد، “تدمير” القوات الروسية التي هاجمت بلاده قبل عامين تقريبا.

وقالت تيتيانا شوستكا بينما كانت صفارات الإنذار تدوي محذرة من قرب تعرّض كييف لغارة جوية “النصر! نحن ننتظره ونؤمن بأن أوكرانيا ستنتصر”. وأضافت المرأة البالغة 42 عاماً “سنحصل على كل ما نريد في حال كانت أوكرانيا حرة، بدون روسيا”.

وأنهك النزاع الذي يقوده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعض مواطني روسيا. وقالت زويا كاربوفا (55 عاماً)، وهي مُزيّنة مسارح مُقيمة في موسكو، “أرغب بأن تنتهي الحرب في العام الجديد، وبأن يأتي رئيس جديد وتعود الحياة الطبيعية”.

ويعدّ بوتين الزعيم الروسي الذي أمضى أطول فترة في الحكم منذ عهد جوزيف ستالين. وهو موجود في السلطة منذ 2000 ويسعى للفوز بولاية جديدة مدتها 6 سنوات في الانتخابات الرئاسية المقررة في منتصف آذار/مارس، ما يعد مسألة شكلية في ظل الظروف الراهنة، بعد قمع المعارضة في السنوات الأخيرة.

وأعلن بوتين في خطابه لمناسبة رأس السنة أن بلاده “لن تتراجع أبدا”، من دون أن يذكر صراحة الحرب في أوكرانيا.

وقال “أثبتنا مرارا أن بإمكاننا الاضطلاع بأصعب المهمات وأننا لن نتراجع أبدا لأنه لا يمكن لأي قوة أن تقسمنا”.

وسيشهد هذا العام انتخابات حاسمة في بلدان تضم نصف سكان العالم. وسيكون أيضًا عامًا أولمبيًا مع استضافة باريس للألعاب الصيف المقبل.

ووجه الرئيس إيمانويل ماكرون، مساء الأحد، رسالة إلى الفرنسيين ضَمَّنَها أطيب التمنيات لمناسبة حلول العام الجديد مركّزا على مسألة “الوحدة”، وتطرّق إلى الالعاب الاولمبية التي ستستضيفها باريس الصيف المقبل.

وأبدى الرئيس في كلمة ألقها من حديقة قصر الإليزيه واقفاً أمام أعلام الدول المشاركة في الألعاب الأولمبية، رغبته في أن تكون 2024 “سنة التصميم” لمواصلة “العمل” من أجل “مصلحة الأمة”.

كوارث

على مدار الأشهر الـ 12 الماضية، شهد العالم كوارث ضخمة بينها كوارث طبيعية.

وضرب زلزال بقوة 7.8 درجات تركيا وسوريا المجاورة في 6 شباط/فبراير، تلاه آخر بعد بضع ساعات بقوة 7.6 درجات. وأسفرت الهزات الأرضية العنيفة عن مصرع أكثر من 55 ألف شخص في البلدين، إذ قضى 50 ألف شخص على الأقل في تركيا، وأكثر من 5000 في سوريا. ورتّب هذا الزلزال خسائر اقتصادية فادحة في البلدين.

وليل 8 أيلول/سبتمبر، ضرب زلزال المغرب مخلفاً نحو ثلاثة آلاف وفاة و5600 جريح في أقاليم شاسعة جنوب مراكش في وسط البلاد، وأدى إلى تضرر نحو 60 ألف مسكن في نحو 3 آلاف قرية على مرتفعات جبال الأطلس الكبير.

في ليبيا، أدّى انهيار سدَّين في مدينة درنة المطلة على البحر الأبيض المتوسط في العاشر من أيلول/سبتمبر، إلى حدوث فيضان بحجم تسونامي جرف كل شيء في طريقه، تزامناً مع مرور العاصفة “دانيال” في شرق البلاد. وتسبّبت الفيضانات بمقتل وجرح وفقدان آلاف من سكان المدينة.

واعتُبر العام 2023 أيضًا الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل بيانات درجات الحرارة في العام 1880. وشهد الكوكب خلاله سلسلة كوارث مناخية، من باكستان إلى القرن الإفريقي مروراً بحوض الأمازون.

إلى ذلك شهد العام 2023 اندلاع حرب دموية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/أبريل.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن 7,1 ملايين شخص نزحوا منذ بداية النزاع المستمر، لجأ 1,5 مليون منهم إلى بلدان الجوار.

وقُتل في الحرب أكثر من 12 ألف شخص، وفق تقدير متحفظ لمنظمة “أكليد” غير الحكومية.

كذلك اجتاحت العالم في 2023 “ظاهرة باربي”، وشهد انتشارًا غير مسبوق لأدوات الذكاء الاصطناعي، وأول عملية زرع عين كاملة.

وأصبحت الهند الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم منتزعةً اللقب من الصين، وأول دولة تُهبِط مركبة فضائية في منطقة القطب الجنوبي للقمر غير المستكشفة.

انتخابات مهمة

وفي 2024 سيُدعى أكثر من أربعة مليارات شخص إلى صناديق الاقتراع ولا سيما في بريطانيا والاتحاد الأوروبي والهند وإندونيسيا والمكسيك وجنوب إفريقيا وفنزويلا.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في خطابه الذي ألقاه لمناسبة رأس السنة الجديدة، إن انتخابات البرلمان الأوروبي المرتقبة في حزيران/يونيو ستطرح “خياراً حاسماً” بين “استمرارية أوروبا أو تعطيلها”، في وقت باتت الحرب على عتبة أوروبا في أوكرانيا.

وتابع “علينا أن نوجّه خيارنا نحو أوروبا أقوى وسيادية بصورة أكبر” و”نؤكد قوة أنظمتنا الليبرالية، أو نستسلم للأكاذيب التي تنشر الفوضى”.

وفي الولايات المتحدة يعتزم الديمقراطي جو بايدن (81 عاما) والجمهوري دونالد ترامب (77 عاما) التنافس مرة جديدة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وتبدو على الرئيس الحالي أحياناً علامات تقدّم بالسنّ، ما يُشعر بعض مؤيديه بالقلق بشأن توليه ولاية جديدة.

أما ترامب فيواجه لوائح اتهام عدّة وانطلاق ثلاث محاكمات على الأقل في 2024 قبل الانتخابات الرئاسية، إلا أن ذلك لا يمنعه من خوض حملته الانتخابية.