مرايا – مع توقع صدور قانون استثمار جديد قريبا، يستعد مستثمرون أصحاب مشاريع صناعية في منطقة معان التنموية لالتقاط أنفاسهم، وبدء التعويل على إنقاذ استثماراتهم المهددة بالفشل، في وقت يؤكد مصدر رسمي مسؤول في وزارة الاستثمار أن الحكومة وافقت على إقرار مشروع قانون جديد للاستثمار ينظم البيئة الاستثمارية لسنة 2022، بعد أن تمت إحالته إلى مجلس النواب لمناقشته، والسير في الإجراءات الدستورية لإقراره قريبا.
وحتى صدور “القانون” الذي وفق المصدر ذاته ستعالج بنوده تحديات البيئة الاستثمارية، يرى مستثمرون أن استمرار المشاكل والمعيقات التي تواجههم في منطقة معان التنموية، والمتمثلة بـ”ارتفاع الكلف الإنتاجية والتصنيعية، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام وأثمان الطاقة المختلفة والمياه والضرائب والرسوم وأجور النقل والشحن، وندرة العمالة الوافدة”، من شأنه إنهاء استثماراتهم بالكامل.
وفيما يتساءل مستثمرون حول نجاعة بنود القانون الجديد، وهل سيقدم المزيد من الحوافز الاستثمارية والإعفاءات الضريبية والجمركية، وإعادة الميزات التنافسية والحوافز الجاذبة للمناطق التنموية كما كانت من قبل، يأتي رد المصدر ليؤكد أن “مشروع القانون الجديد سيعالج القضايا والثغرات والاختلالات كافة التي كانت تعد تحديات تواجه المستثمرين في المرحلة السابقة والمرتبطة بالقانون القديم العام 2014.
وبموجب “القانون”، سيتم إنشاء نافذة استثمارية -أحد أهم مطلب للمستثمرين- بهدف تقديم خدمة المكان الواحد، تتبنى معايير وإجراءات موحدة وسريعة لإعطاء الموافقات المطلوبة لمعظم الأنشطة الاقتصادية وتوحيد المرجعيات وإزالة التقاطعات والتعقيدات وتحديد الأدوار والمهام المطلوبة من مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية، بما يضمن تقليل الوقت والجهد والتكاليف المرتبطة بممارسة الأعمال فورا، إلى جانب إيلاء خدمات ما بعد الاستثمار ومتابعة شؤون المستثمرين ورعايتهم الأهمية القصوى.
في مواصلة لعرض مطالب ومشاكل المستثمرين التي يأمل أغلبهم بأن يتم تداركها بالقانون الجديد، يؤكد المستثمرون معاذ الدويك وأكرم الهنيدي وخليل غوجان، ضروة إيجاد حلول سريعة لجميع المعضلات والتحديات وإزالة المعيقات البيروقراطية لمعاملات المستثمرين، وتعديل شروط الحصول على الموافقات الأمنية فيما يتعلق بالصناعات الكيميائية ومستورداتها، وتسهيل الإجراءات الأمنية عند عملية استلام الحاويات، وتسهيل اعتماد معادلات التصنيع للمواد الكيميائية، وإعادة النظر بإجراءات السلامة العامة المشروطة من قبل الدفاع المدني.
كما طالبوا بإعادة النظر في معايير تقييم الأثر البيئي بشكل علمي وعادل للمصانع القائم عملها على الخلط دون أي تفاعلات كيماوية وتحديد سقوف سعرية لهذه الخدمات الاستشارية؛ حيث يطلب من مصانع الأسمدة القائمة عملياتها الإنتاجية على الخلط الذي يعد تقييم أثر بيئي بدلا من دراسة الأثر البيئي، وذلك بهدف اختصار الوقت والجهد والتكاليف لمصانع بسيطة ليس لها أثر بيئي فعلي.
ومن جملة مشاكل المستثمرين أنه لا يتم منح المصانع المحلية في المنطقة التنموية أي معاملة تفضيلية، بل تكون في بعض الأحيان الخامات المحلية أغلى من الخامات المستوردة والأسعار العالمية، من خلال الارتفاع المستمر لأسعار كلف المواد الأولية المصنعة محليا داخل السوق الأردنية، معتبرين ذلك تحديا يواجه المستثمرين في مرحلة الإنتاج وتحديا آخر في مرحلة ما بعد الإنتاج.
كما طالبوا بإيجاد مقترحات لدراسة قانون الضريبة والحوافز الاستثمارية للأنشطة القائمة في المناطق التنموية، وتحسينها بما يشجع جذب الاستثمار والمستثمرين ويحمي مشاريعهم الصناعية من خطر الإغلاق.
ودعوا الى أهمية تمييز مستثمري المنطقة التنموية ذات الخصوصية بحزمة حوافز إضافية ضريبية وجمركية لإدامة أعمالهم وتوسيعها بما يعود بالفائدة على المجتمع المحلي، لا سيما توفير فرص عمل إضافية، خاصة للمصانع ذات القيمة المضافة الأعلى وتشغيل اعتمادها للعمالة المحلية؛ حيث تم إلغاء إعفاء الدخل المتأتي من الصادرات من ضريبة الدخل العام 2020 لتصل الأمور في العام نفسه لأن يتم منح الصناعات خارج المناطق التنموية حوافز للصادرات وحرمان المناطق التنموية.
وفي عودة لحديث المصدر، فإن مشروع القانون الجديد يهدف إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني وقدرته على جذب الاستثمار وإلغاء مظاهر البيروقراطية وتعقيد الإجراءات كافة، التي تعيق ممارسة الأنشطة والأعمال، بحيث يتم التسهيل على المستثمرين والمساواة بين المستثمرين المحلي والأجنبي بالإجراءات كافة، بما يسهم في تعزيز دور الحكومة بتنظيم وتمكين البيئة الاستثمارية، وحماية المستثمرين واستثماراتهم داخل المملكة من قرارات وتعديلات مفاجئة، وذلك بتوحيد التشريعات المرتبطة ببيئة الاستثمار والأعمال.
ووفقا لمشروع القانون، سيراعى منح حوافز أو مزايا أو إعفاءات الأنشطة الاقتصادية في أي منطقة من مناطق المملكة للفوائد المتوقع تحقيقها وأثرها على الخزينة العامة والمنافسة العادلة، وتتضمن الحوافز أيضا إعفاءات وحوافز متعلقة بسعر بدل بيع أو إيجار الأراضي المملوكة للخزينة العامة لغايات إقامة الأنشطة الاقتصادية ودعم كلف الطاقة والمياه، إضافة إلى السماح للمستثمرين بخصم كلف إنشاء البنية التحتية التي قاموا بإيصالها للنشاط في حال تشغيل المشروع خلال مدة زمنية معينة.
وأضاف المصدر، أن القانون الجديد عصري متقدم عن كل قوانين الاستثمار السابقة وينافس دول المنطقة من حيث تسهيل الإجراءات ومنح الحوافز للمستثمرين، إلى جانب وضع الأردن في بيئة تنافسية للدول المتقدمة لجذب الاستثمار، حتى يكون القانون جاذبا ومناسبا يتماشى مع الرؤية المستقبلية للمملكة.
وكانت لجنة وزارية، برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان، ضمت وزراء الصناعة والتجارة والبيئة والطاقة والثروة المعدنية والاقتصاد الرقمي والريادة، ورئيس هيئة الاستثمار بالوكالة ومدير عام دائرة الجمارك ومدير عام ضريبة الدخل، قد التقت في 31 تموز (يوليو) من العام الماضي لبحث أبرز المعيقات والتحديات التي تواجه المستثمرين في منطقة معان التنموية للعمل على تذليلها.
وقال الوزير كريشان، خلال اللقاء الذي عقد بجامعة الحسين بن طلال بمشاركة مستثمرين في مختلف القطاعات الصناعية بمدينة معان، وبحضور رئيس الجامعة الدكتور عاطف الخرابشة “إن التوجيهات الملكية للحكومة أمرت بتشكيل لجنة وزارية تقوم على زيارة المناطق التنموية والصناعية، ومتابعة التحديات والمطالب والفرص القائمة فيها، والعمل على حلها وفق الإمكانات المتاحة، والدفع باتجاه تقديم جميع التسهيلات للمستثمرين، لإنجاح العملية التنموية، وتوفير فرص العمل لأبناء الوطن”.
وكان رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة التقى عددا من المستثمرين في محافظة معان بجامعة الحسين بن طلال بحضور أعضاء اللجنة الوزارية لمتابعة أداء المناطق التنموية والحرة.
وقدم نائب رئيس الوزراء وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان، بدوره، إيجازا لرئيس الوزراء حول مجمل القضايا التي طرحها المستثمرون في اللقاء.
وأكد الخصاونة، حينها، أن الحكومة ملتزمة بتمكين القطاع الخاص وإعادة تفعيل المناطق التنموية ووضعها على المسار الصحيح من أجل توفير فرص العمل، من خلال القيام بإجراءات تشريعية، والنظر في منح معاملات ضريبية مختلفة شريطة ربطها بتشغيل الأردنيين في المشاريع والاستثمارات في المحافظات، تنفيذا للرؤى الملكية بضرورة النهوض في هذه المناطق وتوفير حياة كريمة لبناتنا وأبنائنا في المحافظات.
وتحدث الخصاونة للمستثمرين، مبينا أن هناك دعما للقطاعات كافة وبوتيرة متدرجة لربيع العام الحالي والسعي لتخفيف كلف الطاقة الكهربائية وتمكين القطاع الخاص كونه الشريك في العملية التنموية وقدرته على توفير فرص العمل من تشغيل وتدريب وتطوير في إطار واحتياجات سوق العمل.