مرايا – دفع ضيق الحال وقلة المساعدات في شهر رمضان بالعديد من الأسر الفقيرة في إربد، إلى تشغيل أطفالها على البسطات في الشوارع لبيع السلع الرمضانية ومستلزمات العيد من ملابس وألعاب وإكسسوارات.

ووفق أحد الأطفال ويدعى خالد ويبلغ من العمر 12 عاما، أنه اضطر للعمل على بسطة خلال شهر رمضان لتأمين متطلبات أسرته المكونة من 8 أفراد، بعد أن تقلصت المساعدات من قبل الجهات المعنية أو حتى فاعلي الخير.

ويشير إلى أن والده يتقاضى معونة وطنية 200 دينار، وهذا المبلغ لا يفي بمتطلبات الأسرة في شهر رمضان وشراء ملابس العيد، مشيرا إلى أنه يضطر إلى الخروج من منزله في العاشرة صباحا والعودة قبل الفطور بربع ساعة، وبعدها العودة إلى السوق التجاري إلى ما بعد منتصف الليل.

ويتابع خالد الذي يسكن في إحدى المناطق الشعبية (حي التركمان) وتعد من المناطق الأكثر فقرا في مدينة إربد، أن أسرته تسكن في منزل مستأجر بـ 80 دينارا شهريا، ويضطر إلى أن يقضي أكثر من 16 ساعة خارج المنزل للحصول على يومية من صاحب البسطة تمكنه من شراء الملابس له ولأسرته.

ويضيف أن الأجرة اليومية غير متفق عليها مع صاحب البسطة وإنها حسب قوله تعتمد على “الغلة”، مشيرا إلى أنه في بعض الأيام تصل يوميته إلى 20 دينارا وأكثر، وفي بعض الأيام لا تتجاوز يوميته الـ 10 دنانير.

ويضيف أن صاحب البسطة يملك أكثر من 20 بسطة يقوم بتشغيل الأطفال عليها، بعد توزيعهم على جميع الشوارع الرئيسية والفرعية وعلى الأرصفة المخصصة للمشاة.

ويؤكد الفتى ويدعى علاء(16 عاما) أنه يعمل خلال العطلة الصيفية طيلة شهر رمضان على بيع الألعاب في شارع “السينما” وسط مدينة إربد، بعد أن تمكن من شراء بسطة وتوفير مبلغ مالي من أجل شراء الألعاب من أحد محلات الجملة وبيعها في السوق.

ويشير إلى انه اضطر للعمل خلال العطلة الصفية نظرا لحاجة أسرته المكونة من 6 أفراد لمبالغ مالية لشراء متطلبات شهر رمضان والعيد، وخصوصا وان معظم المساعدات هذا العام اقتصرت على المساعدات العينية ولا يوجد هناك مساعدات نقدية.

ويوضح أن والده متقاعد من الضمان الاجتماعي ويتقاضى راتبا لا يتجاوز 300 دينار، مشيرا إلى أن أشقاء له أيضا يعملون في السوق التجاري ببيع الملابس ومتطلبات العيد، لتوفير دخل إضافي للأسرة تمكنها من الوفاء بمتطلبات الحياة الصعبة.

ويؤكد أن العمل بشكل منفصل أجدى ماليا من العمل كعامل بأجرة يومية مع صاحب بسطة آخر، مؤكدا أن هناك استغلال يمارسه أصحاب تلك البسطات على الأطفال بإعطائهم أجرة يومية متدنية مقابل ساعات عمل طويلة.

ويشير إلى أنه يبيع في اليوم بمبلغ 200 دينار، يكون صافي الربح زهاء 30 دينارا على مدار 10 ساعات يوميا، مشيرا إلى أن الحاجة وضيق الحال دفعته للعمل على بسطة بالرغم من أنه متفوق في دراسته.

ويقر رئيس جمعية حماية الأسرة والطفولة في اربد كاظم الكفيري أن أعداد عمالة الأطفال على البسطات تتضاعف 100 % خلال العطلة الصفية وشهر رمضان المبارك، في ظل ضعف الرقابة عليهم من قبل الجهات المعنية.

ويضف الكفيري أن الظروف الاقتصادية الصعبة لبعض الأسر في اربد وخصوصا في المناطق الشعبية دفعها لتشغيل أطفالها على البسطات وخصوصا وان هذا الشهر يعتبر موسما لأغلبية الأسر لسد متطلباتها الأساسية خلال الأشهر المقبلة.

ويشير الكفيري إلى أن ضعف الرقابة وتغاضي الجهات المعنية عن عمل الأطفال في هذا الشهر، دفع بالعديد منهم الى العمل، لافتا إلى أن هناك مئات السوريين يعملون ايضا على البسطات في السوق التجاري في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها، بعد تقليص حجم المساعدات المقدمة لهم من قبل المنظمات الدولية.

ويؤكد الكفيري انه وبالرغم من عدم وجود إحصائية رسمية بعدد الأطفال الذين يعملون خلال هذا الشهر، إلا انه وحسب التوقعات والتقديرات فان الرقم يتجاوز 12 ألف طفل ما بين أردني وسوري يعملون على البسطات.

بدوره، قال مصدر في مديرية عمل اربد، إن تضاعف أعداد من تقل أعمارهم عن 18 عاما من العاملين في السوق التجاري خلال شهر رمضان وفترة العيد يحول دون قيام مفتشي العمل بضبطهم واتخاذ الإجراء المناسب لهم، وخصوصا وان غالبيتهم يعملون على بسطات ولا يوجد جهة لمخالفتها.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الأسواق تشهد حركة تسوق نشطة هذه الأيام، وبالتالي لا يمكن لمفتشي العمل ضبط هذه الأعداد الكبيرة من عمالة الأطفال داخل السوق التجاري، مؤكدا أن هذه الظاهرة تتكرر في كل عام خلال شهر رمضان المبارك والأعياد.

من جانبه، قال الناطق الإعلامي في بلدية إربد الكبرى إسماعيل الحوري أن كوادر الأسواق في البلدية قامت خلال الأيام الماضية بتكثيف حملاتها الصباحية والمسائية لمنع البسطات في الشوارع الرئيسية، والتي من شأنها إعاقة حركة المشاة والمركبات.

وأكد الحوري أن البلدية صادرت عددا من البسطات خلال الفترة الماضية وتم تحويل أصحابها إلى الحاكم الإداري من أجل اتخاذ الإجراءات الإدارية بحقه، داعيا أصحاب البسطات إلى الابتعاد عن الأماكن المزدحمة تجنبا لأي إعاقات مرورية.