مرايا – ثمّة أحداث تتطلب قراءات جذرية وبكافة الأبعاد والتفاصيل، ولا يمكن المرور عنها كحدث عادي، هكذا جاءت زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني أمس إلى مدينة رام الله ولقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، حيث حملت هذه الزيارة التاريخية دلالات عميقة تحتاج إلى وقفات تحليلة سواء لجهة توقيتها الذي جاء في غاية الأهمية، أو في مضامينها التي أعادت وضع القضية الفلسطينية أولوية عربية ودولية.

زيارة هامة، بكافة تفاصيلها، وحتما سابقت الأحداث التي تعصف بالعالم والمنطقة، وأعادت ترتيب الأولويات التي تغيّرت نظرا لظروف المرحلة، في المشهد الدولي والاقليمي، مع التأكيد أن الأردن وفلسطين في خندق واحد، كما أكد جلالة الملك من رام الله، حيث قال جلالته «ان الأردن سيبقى على الدوام مع الأشقاء الفلسطينيين ويقف إلى جانبهم أمام التحديات، داعماً لحقوقهم»، مضيفا «نحن والفلسطينيون الأقرب إلى بعض وفي نفس الخندق»، وحتما من هو في خندق الأردن فقد أمن مستقبله وقضاياه.

الفلسطينيون اعتبروا الزيارة مهمة جدا، وعلامة فارقة في أحداث المرحلة، ودعما يحتاجه الجانب الفلسطيني في ظل انشغال العالم بقضايا متعددة عن قضيتهم، وتسليط الضوء على الحدث الفلسطيني، سيما وأن جلالة الملك عبد الله الثاني يتمتع بثقة العالم، ومنحه القضية الفلسطينية هذا الاهتمام من شأنه أن يفتح أعين العالم صوبها، ولما تقوم به سلطات الاحتلال من انتهاكات خطيرة في فلسطين عموما والقدس خصوصا.

جلالة الملك جدد التأكيد على الثوابت الأردنية خلال زيارته، وكان لذلك أكبر الأثر في منح الجانب الفلسطيني ثقة بأن حلولا قادمة، حيث أكد جلالة الملك على «أن المنطقة لا يمكنها أن تنعم بالأمن والاستقرار من دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، فهي الثوابت التي في تطبيقها والالتزام بها دوليا تصل القضية الفلسطينية وكذلك عملية السلام إلى مساحات تنفيذية آمنة.

شخصيات فلسطينية من مدن فلسطينية متعددة، أكدوا أن جلالة الملك عبد الله الثاني، منح القضية الفلسطينية قوّة كبيرة في زيارته، وأعادها في وقت هام إلى واجهة الحدث العربي والدولي، اضافة لكونها حملت رسائل هامة للعالم بأنه دون حلّ عادل وشامل للقضية الفلسطينة لن يحلّ السلام في العالم، معتبرين أنها زيارة غاية في الأهمية.

تأكيدات جلالته على حماية القدس والمقدسات والحفاظ على الوضع التاريخي للقدس المحتلة، أيضا رسالة هامة للعالم وللاحتلال الاسرائيلي بأن القدس ليس بمفردها، وهناك اهتمام ورعاية هاشمية من لدن جلالة الملك لها، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، مؤكدين أن في كل مضامين الزيارة رسائل أردنية بقيادة جلالة الملك أن الأردن بتنسيق مع الجانب الفلسطيني داعم رئيسي للقضية الفلسطينية والمقدسات والحق الفلسطيني. وفق ما يراه الشخصيات الفلسطينية .

مفتي القدس والديار الفلسطينية فضيلة الشيخ محمد حسين، أكد أن زيارة جلالة الملك غاية في الأهمية، وتأكيد أن الأردن بقيادة جلالة الملك ومن منطلق الوصاية الهاشمية حامي للمقدسات في القدس المحتلة، وكافة المقدسات في مأمن، وبطبيعة الحال يمكننا القول أن هذه الرعاية تشمل المقدسات في فلسطين عامة والقدس خاصة وفي مقدمتها المسجد الأقصى، بتنسيق مستمر مع الجانب الفلسطيني.

ولفت الشيخ حسين في حديث صحفي، من مدينة القدس المحتلة إلى أن زيارة جلالة الملك أمس إلى رام الله تؤكد حرص جلالته على التنسيق مع أخيه الرئيس محمود عبّاس، حيث تضمن لقاءهما المشترك تفاصيل هامة، وتأكيدات على ضرورة احلال السلام، ووقف الانتهاكات الاسرائيلية على الفلسطينيين والمقدسات.

وأكد الشيخ حسين أن في زيارة جلالته رسائل غاية في الأهمية وجهها جلالة الملك للعالم، وللاحتلال الاسرائيلي، أبرزها أن الأردن وفلسطين في خندق واحد، وأن الأردن داعم أساسي ورئيسي للفلسطينيين حتى ينالوا حقوقهم، ورسالة للاحتلال بأن الأردن بقيادة جلالته ووفقا للوصاية الهاشمية سيبقى حاميا للمقدسات وراعيا لها.

وفي هذه الزيارة، قال الشيخ حسين ان جلالة الملك والشعب الأردني مع فلسطين في كل الظروف وهي أولوية عند جلالته، والمحافظة على الوضع الصحيح للقدس والمقدسات، ومنع أي انتهاكات بشأنها.

مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك قال الشيخ عزام الخطيب أن كافة المناطق الفلسطيينة ترى في هذه الزيارة التي تأتي قبل حلول شهر رمضان بأيام أنها زيارة تاريخية، تشكّل رسالة دعم للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية.

وأضاف الشيخ الخطيب في حديث صحفي من القدس أن جلالة الملك في زيارته وجّه رسالة للجميع أن المنطقة لن تنعم بسلام عادل ومشرّف الاّ بقيام الدولة الفسطينية، وهذه الثوابت الأردنية التي يؤكد عليها جلالته باستمرار في كافة المناسبات والمحافل، وجلالته مصرّ على هذا الموقف، اضافة الى رسالة جلالته باهتمامه بوضع القدس التاريخي، وعدم المساس به، والاهتمام بالمسجد الأقصى الشريف، ايضا هي رسالة هامة قبل حلول شهر رمضان وتأكيدات جلالته على حماية المقدسات وأن لا يتم تغيير الطابع الديني والقانوني وعلى الجميع أن يفهم هذه الرسائل الهامة.

رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس المطران عطا الله حنا قال بدروه، زيارة الملك الى فلسطين وتحديدا الى رام الله ولقائه مع الرئيس محمود عبّاس انما هي تعبير عن الموقف الثابت لجلالة الملك تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام وتجاه القدس بشكل خاص وهو صاحب الوصاية الهاشمية على مقدساتنا وأوقافنا الاسلامية والمسيحية.

وأضاف الأب حنا في تصريح صحفي من القدس اننا نحيي جلالة الملك على هذه الخطوة ونعتبر زيارته الى رام الله زيارة لكل الشعب الفلسطيني ولكل انسان فلسطيني يتوق الى العدالة والحرية.

وقال الأب حنّا نحن نثمن هذه المواقف الثابتة التي لا تتزعزع، ونؤكد كمؤسسات دينية ومقدسيين بأننا متمسكون بالوصاية الهاشمية على مقدساتنا وأوقفنا الاسلامية والمسيحية.

فيما أكد الخبير الفلسطيني المحامي عبد المعطي الصادق أنها زيارة لا تحمل بعدا محليا فحسب، إنما هي زيارة هامة على مستوى عربي ودولي، سيما وأن توقيتها جاء في غاية الأهمية حيث يعيش العالم تخبّطا في الخطى نتيجة لعدة ظروف بطابع أمني وسياسي واقتصادي، وبطبيعة الحال جاءت الزيارة لتحمل رسالة هامة أن الأردن وفلسطين في خندق واحد، وأن الأردن داعم للقضية الفلسطينية وأنه حريص على التنسيق مع الجانب الفلسطيني.

وأشار الصادق إلى أن زيارة جلالة الملك جاءت قبل حلول شهر رمضان المبارك بأيام وفي ذلك أيضا رسالة هامة بأن الأردن منطلقا من الوصاية الهاشمية هو حامي وراعي للمقدسات في القدس المحتلة، اضافة لتقديم الدعم اللازم للجانب الفلسطيني بهذا السياق وغيره.

وحتما التنسيق الأردني الفلسطيني وفقا للصادق هام خلال المرحلة الحالية ليعرف كلاهما الخطوات القادمة في الأحداث التي غيّرت من أولويات المرحلة، وأخّرت من مكانة القضية الفلسطينية عربيا ودوليا، ووسط كل هذه الأحداث فإن فلسطين مرتبكة، ليؤكد جلالته على الثوابت الأردنية والحرص على فلسطين ويبادر بشد أزر الجانب الفلسطيني، والتأكيد على وقوف الأردن معه.

من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، دكتور واصل أبو يوسف، زيارة الملك أمس لمدينة رام الله والقمة التي عقدت بين الملك والرئيس محمود عباس مقدرة وتأتي في سياق استمرار التنسق المشترك والدعم الدائم الأردني الذي يمثله الملك والحكومة والشعب الأردني من أجل انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين ليكون هناك استقرار وامن وسلام .. وان الحلول الاقتصادية لن تكون بديلا للحل السياسي.

وأضاف دكتور أبو يوسف من رام الله وايضا بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وأهمية الوصاية الهاشمية للمقدسات وأهمية وقف الاقتحامات اليومية للمستوطنين في ظل قرارات الاحتلال التي تزعزع الأوضاع وتخلط الأوراق، لتأتي حاسمة بأن الأردن يرعى ويحمي المقدسات.

الدستور