مرايا – شكلت انتخابات نقابة المهندسين الزراعيين، التي جرت أول من أمس، منعطفا مهما في تاريخ القائمة البيضاء في النقابات المهنية، وهي القائمة التي اتخذها الإسلاميون منذ سنين طويلة، بوابة للمشاركة في العملية الانتخابية.
الانعطافة الكبيرة في مسيرة “إسلاميي” النقابات، تتمثل بخسارتهم، بعد أن تراجعت القائمة البيضاء (تحالف الإسلاميين ومستقلين) أمام قائمة “المهندس الزراعي”، وهي الوليدة الجديدة على الساحة النقابية.
وتمكن المهندس الزراعي علي أبو نقطة، الذي شغل منصب مساعد الأمين العام للثروة الحيوانية بوزارة الزراعة، من الفوز بمنصب نقيب المهندسين الزراعيين للدورة الـ25 والتي تمتد بين أعوام (2022-2025) بعد حصوله على 1952 صوتا من مجموع 3101 صوتا، متقدما على مرشح القائمة البيضاء، نقيب المهندسين الزراعيين السابق المهندس نهاد العليمي الذي حصل على 1087 صوتا.
وفاز بمنصب نائب النقيب المهندس سائد الظاهر (1862 صوتا)، فيما تشكل مجلس النقابة من الأعضاء الفائزين وهم: إبراهيم الهبارنة (1844 صوتا)، أشرف الديري (1816 صوتا)، بدر شنيكات (1849 صوتا)، شادي القيسي (1849 صوتا)، كرم القسوس (1627 صوتا)، محمد كوكش (1853 صوتا) إضافة إلى المهندس وسيم الشريدة (1829 صوتا).
وبهذه النتيجة، تكون قائمة “المهندس الزراعي”، سيطرت على مقاعد مجلس النقابة، فيما خرجت “البيضاء” خالية الوفاض.
ولعل المطلع على الشأن النقابي، يلحظ تراجع الإسلاميين من المناصب الرئيسية في مجالس النقابات لعدة أسباب، أهمها بقاؤهم دون تشبيك وتطوير على أدواتهم أو برامجهم مع ضعف الاستقطاب، في حين كان “المستقلون” يعملون ومنذ سنوات طويلة على زيادة قواعدهم الانتخابية مضمونا وعددا.
مراقبون أكدوا أن خسارة الإسلاميين لرئاسة مجلس نقابة الأطباء، الذي حل منتصف العام 2020، ومن ثم انسحابهم من انتخابات نقابة المهندسين، كبرى النقابات، كان مؤشرا واضحا إلى وضعهم في باقي النقابات، وهذا ما بدا واضحا في انتخابات “المهندسين الزراعيين”.
ولفتوا إلى أن السيطرة على مجالس “المهندسين” و”المهندسين الزراعيين” لسنوات طويلة دون وجود منافس، عززت فكرة كانت تدور في أذهان الكثيرين من النقابيين، ألا وهي ضرورة إيجاد جسم نقابي متحالف ومتكامل يكون ندا قويا للقائمة البيضاء.
وأشاروا إلى أن خسارة “المهندسين الزراعيين” الأخيرة، لم تشكل صدمة للإسلاميين، لأن المؤشرات كلها كانت تشير إلى خسارتهم، وأن فوزهم ولو بمقعد واحد في المجلس، كان سيُعدّ بمنزلة إنجاز.
ورجحوا خسارة الإسلاميين في العديد من النقابات، إلى جملة أخطاء أدت إلى هذه النتائج التي لم تعهدها “البيضاء منذ سنوات عدة، بخاصة مع تراجع الأداء النقابي والأوضاع المالية للصناديق المختلفة، بالإضافة للاتهامات التي تكون حاضرة عادة بين مختلف الألوان النقابية، وأهمها الإقصاء وعدم التشاركية باتخاذ القرارات.
ويبدو أنه بإسدال الستار على انتخابات “المهندسين الزراعيين” واقتراب انتخابات مجلس نقابة المهندسين، فإن عودة الإسلاميين إلى لملمة وضعهم أصبح متأخرا.
وأكدت المصادر ذاتها، أنه من الواضح بأن الخسارة الأخيرة، شكلت “ضربة” للتيار الإسلامي الذي يبدو أنه سيبتعد تكتيكيا، في حال لم يجر حل المعضلات التي واجهته.
واعتبرت المصادر أن باقي النقابات الأخرى، والتي تنتظر إجراء انتخاباتها، على غرار الممرضين والمحامين وأطباء الأسنان والأطباء والصيادلة، سيعمد الإسلاميون فيها، لتشكيل تحالفات مع قوائم وتيارات أخرى، بحيث لن يكون هناك مرشح واضح لمنصب النقيب، وإنما محاولة الاكتفاء بالتواجد فقط عبر عضوية المجلس.
يذكر أن العام 2015، شكل بداية التراجع للقوائم البيضاء في النقابات المهنية، حيث خسرت “البيضاء” وجودها القوي في نقابات على غرار الممرضين والمهندسين والأطباء، وما إن وصل العام 2018، حتى خسر الإسلاميون سيطرتهم على مجلس نقابة المهندسين، في حين يعتبر العام 2022، عاما غير موفقا لمسيرة الإسلاميين في الانتخابات النقابية.