مرايا – أكد مسؤولون ومختصون بالشأن البلدي، أن للمجالس البلدية دوراً اقتصادياً مهماً، ما زال غير فاعل، يستدعي توفير مخططات شمولية في المحافظات، تعزز التنافسية بينها.

 

ودعوا في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية(بترا) الجهات المختصة، إلى الاستفادة من موارد البلديات بالنحو الأمثل، بما يخدم مجتمعاتها المحلية، وإعادة توجيهها نحو الاستثمار، خاصة خارج المحافظات الكبرى.

وقال وزير البلديات الأسبق، الدكتور حازم قشوع، إن الدور الاقتصادي المناط بالمجالس البلدية، يتطلب توفير مخططات شمولية في المحافظات، توضح السمة الإنتاجية والعلامة الفارقة لكل محافظة، ما يولّد حالة من التنافس بينها.

 

وأضاف “إن التنافس بين المحافظات، يتطلب إيجاد نظام حوافز يتم بموجبه توطين الاستثمارات، من خلال رزم ضريبية، تتباين وفق سمة كل محافظة، ومهارات ومؤهلات مواردها البشرية” وفصّل قشوع بعض المحافظات، وفقا لسماتها الإنتاجية ومناخها وعدد من العوامل الأخرى، فمحافظة معان كمصدر للطاقة البديلة والمتجددة، والزرقاء، مكان للصناعات المتوسطة، وإربد للمهارات والصناعات والاستثمارات المعرفية، والشريط الممتد من البحر الميت إلى العقبة مروراً بوادي رم للسياحة وغيرها.

 

وأشار إلى أن تحديد السمة الإنتاجية لكل محافظة، يسهل على المستثمرين توجيه مشاريعهم بنحو أفضل، بما يعزز الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لتلك المشاريع، ويحفز أصحابها من خلال رزم ضريبية، وحوافز تتناسب وسمة منطقة المشروع.

 

ولفت إلى ضرورة تحديد نقاط الاستهداف في المجتمع المحلي، فالمجتمعات التي ترتفع فيها نسبة العنوسة، يجب الاهتمام فيها بتشغيل المرأة وتمكينها، من خلال تعميم فكرة المطبخ الإنتاجي مثلاً في الجامعات، عبر البلدية.

 

وبين أن من أساسيات عمل البلدية، الاهتمام بإنشاء صالات الأفراح والأتراح، واستحداث حدائق تحوي رياضاً للأطفال، لمن لا يستطيعون إرسال أطفالهم في هذه المرحلة العمرية إلى التعليم الخاص، وبما يشكل أحياء جديدة، تخرج منها مسميات جديدة.

 

واقترح على البلديات أن تتبنى فكرة السيارات والمركبات وتوسع وتطور عملها، خاصة على امتداد الطرق الرئيسية، بما يوجد فرص عمل لما لا يقل عن ثلاثين ألف فرصة، بالإضافة إلى تخصيص أراض للمدارس، بهدف زراعتها، بما يعود بنحو مليون دينار كل أربع سنوات لكل500 دونم.

 

وقال الدكتور قشوع إن المشاكل الاقتصادية وخاصة البطالة، تتطلب تفكيراً خارج الصندوق، وتسليطا للضوء على الحالات الإبداعية، من رياضيين وفنانين.

 

من جهته قال رئيس لجنة الخدمات العامة والنقل في مجلس النواب، النائب ماجد الرواشدة، إن البلديات هي الأقدر على تحديد الاحتياجات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والبيئية في مناطقها. وأضاف إن الدور الاقتصادي والاستثماري للبلديات يتمثل في إنشاء قاعدة بيانات عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في مناطقها، كونها المؤسسات الأقرب للمجتمع المحلي، وتوفير البنية التحتية اللازمة للمشاريع المنوي إقامتها، ومنح إعفاءات وحوافز لمشاريع توفر فرص عمل، وإقامة فروع انتاجية في مناطق البلدية بالشراكة مع القطاع الخاص من خلال تقديم أراض مملوكة للبلدية، إضافة إلى التنسيق لإقامة مشاريع بالتعاون مع القطاع الخاص بالاستناد إلى الميزة التنافسية لمناطقها.

 

وأكد مدير مركز الحياة (راصد) الدكتور عامر بني عامر، أن المجالس البلدية تستطيع لعب دور اقتصادي واستثماري، من خلال مجموعة من العوامل أهمها: توفير بنية تحتية جيدة وجاذبة للمستثمرين، بما يسهم في تدفق المزيد من الاستثمارات غير المباشرة بالتنسيق مع البلدية، مشيرا إلى أن البنية التحتية في تلك المناطق تسهل جذب هذه الاستثمارات وتجعلها ممكنة ومتاحة، وبالتالي يتم توفير فرص عمل لأبناء المنطقة وتحسين الوضع التنموية فيها. “أما العامل الثاني، فهو من خلال مجموعة من الاستثمارات التي يمكن للبلدية أن تستثمر فيها، بحيث تقوم بإدارتها بالتعاون مع أبناء المنطقة المحلية، ما يوفر فرص عمل لهم، من خلال استغلال الأراضي والمباني التابعة للبلدية” بحسب بني عامروأشار إلى أن توفير فرص العمل، يمكن أن يتم بالشراكة ما بين البلديات والقطاع الخاص، لتنفيذ استثمارات، لافتا إلى أن شراكة البلدية مباشرة مع القطاع الخاص، تسهم في تسهيل عمل المستثمر وتقلل من الإجراءات وتولد المزيد من فرص العمل. وأكد أن العامل الرابع والأخير، يكمن في إيجاد نافذة واحدة للمستثمر، لتسهيل المعاملات والإجراءات المقدمة، مما يسهم في جذب المزيد من المستثمرين.

وعبر الدكتور بني عامر عن تطلعه لدور البلدية ليس فقط في تنفيذ الاستثمارات المباشرة، وإنما العمل على جذب المستثمرين، وتوفير البيئة المناسبة لهم، وتقليل الإجراءات الادارية والبيروقراطية، وتنفيذ شراكات واسعة مع القطاع المحلي.

 

بدوره، قال المستشار والخبير بالإدارة المحلية، راكز الخلايلة، إن للمجالس البلدية دورا كبيرا وواسعا، لكنه غير فاعل، مشيراً إلى أن أي مشروع استثماري يحتاج إلى تكاليف عالية لتجهيز البنية التحتية، والأراضي والعقارات وغيرها.

 

وأضاف إن الشراكة الحقيقية بين القطاع الخاص والبلديات، يمكن أن تؤسس مشاريع استثمارية وتنموية كبيرة، حيث تسهم في تخفيض تكاليف الإنتاج، وتوفر فرص عمل، لافتاً إلى امتلاك البلديات الأدوات المناسبة للتخطيط العمراني، من حيث تحديد المناطق، وتقديم وتجهيز البنية التحتية لتسهيل العملية الاستثمارية وتحديد المناطق الصناعية والإنتاجية، وتوفر المقومات التي تشجع على الاستثمار بسهولة مثل شبكة الطرق، وتوفير الخدمات الاساسية كـالماء والكهرباء.

 

واعتبر أن تطبيق الدور الذي منحه قانون الإدارة المحلية للبلديات يحتاج إلى شراكة فاعلة مع القطاع الخاص، بما يمنحهم القدرة والإمكانات لدراسة الجدوى الاقتصادية، والميزة النسبية للمدينة وإمكانية الاستثمار فيها، مؤكدا ضرورة التركيز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لأنها تساعد في توفير فرص عمل، وخاصة أنها تنتشر على المواقع الجغرافية الأردنية المختلفة. وأشار إلى أن البلديات تعد ذراعا قويا ورافعا للاستثمارات، من خلال تشجيع الاستثمار خارج المحافظات الكبرى.

 

وأكد على أهمية الاستفادة من موارد البلديات وإعادة استغلالها بما يخدم المجتمعات المحلية، من خلال استثمارها وإعادة توجيهها نحو الاستثمار.

من جانبه أكد الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن هناك دوراً مهماً جداً للمجالس البلدية، في دعم المجتمعات المحلية وتوفير فرص العمل، لكنه ليس فاعلاً كما يجب.

 

وقال إن تطوير وتنمية المجتمعات المحلية بما يؤدي إلى توفير فرص عمل واستثمار الإمكانيات الاقتصادية الشبابية المتاحة، يؤثر في تسويق الفرص الاستثمارية لمناطق البلديات، مشيراً إلى أن ضرورة أن تؤدي كل بلدية دورها بنفسها أو بالشراكة مع بلديات مجاورة، أو من خلال الحكومة والقطاع الخاص والمستثمرين الخارجيين.

 

وأكد أن مفهوم البلدية لا يجب أن يؤطر في الخدمات والعملية الانتخابية فقط، بل يجب أن تدرس نتائج هذه الخدمات باعتبارها مدخلات لإثراء عملية اقتصادية استثمارية مستدامة، لافتاً إلى ضرورة أن تدعم وتشجع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن توفّر احصائيات دقيقة ومفصلة حول المقيمين في مناطقها، لمعرفة كيفية الاستفادة من مهاراتهم وخبراتهم وتطويرها.

 

وبين أن البلديات يجب أن تكون وحدة الإنتاج الأولى، التي تخطط وتنفذ مشاريع متدرجة في حجمها وإمكانياتها، لكنها مستدامة في أنشطتها، بما يوسع المشاركة في صنع القرارات والمقترحات والحلول.

 

وأشار إلى أن “الدور الاقتصادي البلديات يقوم على تطوير البيئة القانونية الناظمة لعمل المشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة والكبيرة، بالإضافة إلى توفير بنية تحتية فعالة من مياه وطاقة واتصالات بأسعار مناسبة، أسوة بالمناطق التنموية الخاصة”ودعا عايش إلى ضرورة أن تطور البلديات العلاقة مع مؤسسات التمويل المحلية والبنوك، بما يجعلها حلقة وصل حقيقية بين أصحاب الأفكار وبين مصادر التمويل، خاصة للمشاريع الإنتاجية، بكلفة منخفضة، بما يولد المزيد من فرص العمل، بالإضافة إلى ضرورة مأسسة العلاقة مع الحكومة.