* د. عايش: أسعار النفط والغاز والذهب والقمح سترتفع لمستويات قياسية وتاريخية
* النفط سيرتفع في المرحلة الأولى من التصعيد العسكري الى 120 دولار للبرميل

مرايا – بدأت طبول الحرب تقرع في تطور متسارع حول ملف الأزمة “الروسية – الأوكرانية”، حيث حشدت روسيا خلال شهر كانون الأول الماضي آلاف الجنود والآاليات العسكرية الثقيلة على الحدود وتوعدت الولايات المتحدة وحلف الناتو بالتصدي الحازم لأي تدخل خارجي، في حين اتهمت الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو روسيا بأنها تستعد لهجوم عسكري وشيك على أوكرانيا وانها سترد على أي تحرك بالمقابل، ما يشير الى ان حربا “عالمية ثالثة” تلوح في الأفق إذا ما استمر هذا التصعيد السياسي والعسكري.

وحول التداعيات التي تسبق هذه التطورات وما قد يلحقها على العالم بأسره والأردن كجزء منه، كشف الخبير الاقتصادي الدكتور حسام عايش عن أن التوترات السياسية لهذه الأزمة ستكون “وخيمة” وكبيرة، حيث بدأت انعكاساتها على الأسواق العالمية خاصة فيما يخص النفط والغاز والدولار وكل دولة ستحاول أن تخفف من وطأة تأثير هذه التداعيات حسب مقدرتها وامكانياتها الاقتصادية.

وقال عايش في حديث لـ عمون السبت، إننا نشهد ارتفاع متسارع في أسعار النفط حيث بلغت أعلى مستوياتها بالصعود والتذبذب منذ أكثر من 7 سنوات بفعل مخاوف بشأن نقص الإمدادات والاضطرابات السياسية ‬في شرق أوروبا والشرق الأوسط وارتفع المؤشر العالمي بنسبة 1,3% الأسبوع الماضي، وبالأمس ارتفعت أسعار النفط للأسبوع الخامس على التوالي ليصل سعر البرميل إلى أكثر من 94 دولاراً، مؤكدا أن أي إرتفاع سيرتد على كلفة الفاتورة النفطية الأردنية فحتى نهاية شهر تشرين الثاني من العام 2021 بلغت قيمة الفاتورة النفطية من النفط ومشتقاته نحو 1.598 مليار دينار متوقعا ارتفاعها مع بيانات شهر كانون الاول الماضي الى 1.800 مليار دينار وهذا ارتفاع كبير مقارنة بالسنوات السابقة ما يعني دفع كلف اضافية في هذا الجانب.

وتوقع الخبير الاقتصادي، أن يرتفع سعر برميل النفط الى 120 دولارا للبرميل في حال بدء أي عمليات عسكرية في الشرق الاوروبي، وفي جانب الغاز الذي يغطي الاردن نحو 40% من احتياجاته عبر الجانب الاسرائيلي، وإذا تصاعدت حدة الأزمة الأوكرانية ستتأثر الإمدادات الروسية الى أوروبا والعالم وسترتفع اسعاره ايضا على اعتبار ان روسيا أحد اكبر منتجي ومصدري الغاز في العالم وعندها ستسعى الدول ومن بينها الأردن لتعويض نقص امدادات الغاز المقدر بنحو 45% لتوليد الطاقة.

وبين عايش، أن التأثيرات الاقتصادية ستشمل مواد غذائية اساسية مثل الحبوب والقمح والتي تعتبر روسيا وأوكرانيا من أكبر المنتجين والمصدرين للعالم لهاتين المادتين بنسبة تقدر بـ30% من حجم الإنتاج العالمي وما ينطبق على النفط والغاز ينطبق بالضرورة على المواد الغذائية وخاصة القمح لأنه في حال وقوع حرب ستتوقف عملية تصديره من تلك الدول وبالتالي سترتفع اسعار القمح عالميا الأمر الذي سيؤدي الى ارتفاع الكثير من اسعار المواد الغذائية وهذا ما لا تسعى الحكومات اليه خاصة مع محاولتها القائمة للتعافي من آثار جائحة كورونا وما فرضته من خسائر على الاقتصاد العالمي في جميع النواحي، منوها الى أن هذه الأزمة في حال إمتدت وتوسعت ستفاقم من الخسائر المادية للعالم والمجتمعات وستضيف اليها تراجع النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع معدلات التضخم وزيادة في الكلف خاصة على الدول غير المنتجة ومنها الاردن حتى أن البنوك المركزية قد تلجأ الى رفع سعر الفائدة على القروض للتخفيف من وطأة انخفاض الاسهم والتداولات المالية وكل ذلك يصاحبه ارتفاع اسعار الذهب بإعتباره ملاذا آمنا في مثل هذه الظروف، ونتيجة كل ذلك تراجع فرص التعافي الاقتصادي والنتائج التي تعتمد عليها الحكومات فيما يخص موازنتها العامة.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن أخطر ما في المتغيرات الساسية الحالية هو وجود حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي العالمي وصعوبة تحديد الاتجاهات العامة بهذا الاتجاه للاقتصاد والبرامج والخطط المالية أو حتى للإسترتيجية الموضوعة لتعويض النقص الذي سيحصل في الخام والغاز والقمح على وجه التحديد بالتزامن مع زيادة الطلب على تلك المواد وتأثر سلاسل الإمداد العالمي والتي سيكون الاردن بالضرورة جزء من هذه المعادلة العالمية الصعبة كونه يستورد 3 أضعاف ما يصدر ويعتمد على ما نسبته 80% من احتياجاته على المستوردات ما يعني ان المملكة من الدول التي ستتأثر مباشرة بتداعيات الأزمة الأوكرانية في حال استمرت، مع الأخذ بعين الاعتبار أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك، وكل ذلك يتطلب توفير مخزون استراتيجي كافٍ من المواد والسلع الاساسية ولشهور طويلة.

وزاد عايش، أن هناك اتصالات دولية سبقت المرحلة الحالية بتأكيد الادارة الامريكية على دول منتجة للنفط والغاز مثل قطر والسعودية وغيرها لتعويض اي نقص في الامدادات العالمية الناجمة عن توقع وقف الامدادات الروسية من هذه المواد الاستراتيجية على مستوى العالم، معتبرا اننا امام جائحة جديدة “الغزو الروسي لأوكرانيا” كما ان شكل العالم في حال وقعت هذه الحرب سيتغير تماما خاصة على مستوى العلاقات الدولية والتحالفات السياسية التي يشكلها القطبين الرئيسيين أمريكا وروسيا، حيث لن يقبل بعد ذلك الحفاظ على توازنات سياسية وعلاقات محايدة بل سيدخل الجميع في التشكيلات والاصطفافات الجديدة، وبالطبع فإن منطقة الشرق الأوسط ستكون أول المتأثرين وأكثر الخاسرين، حيث أن معظم دول المنطقة ومنها الأردن ترتبط باتفاقيات تجارية مع روسيا وأوكرانيا وبالتالي قد تتوقف إتجاهات معينة من التبادل التجاري والتصدير وخسارة اسواق خارجية نتيجة ظهور قرارات وعقوبات دولية قد تطبق لاحقا ومثال ذلك ما تتعرض له ايران والصين من عقوبات اقتصادية وسياسية وهما الحليفان الرئيسان لروسيا.