استقبلت المحاكم النظامية الأردنية خلال السنوات الخمس الأخيرة نحو 600 قضية لحوادث سير قام أصحابها بافتعال وقوع الحادث بحثا عن تعويضات مالية من شركات التأمين، وبعد سلسلة جلسات في المحاكم وصلت إلى 306 قضايا إلى الحكم بإدانة مفتعلي هذه الحوادث.

وتتبعت وكالة الأنباء الأردنية، سير قضايا حوادث السير المفتعلة، في بيانات المحاكم الأردنية، وتوصلت إلى أن المحاكم استقبلت بين عام 2017 وحتى العام الحالي 2021، عددا من قضايا حوادث السير المفتعلة والتي بلغت 594 قضية جزائية.

وقررت المحاكم الحكم بالإدانة في 306 قضايا من القضايا التي وردت إليها خلال السنوات الخمس الماضية، وأعلنت براءة وعدم المسؤولية في 99 قضية جزائية وردت إليها حسب آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن المجلس القضائي.

وقالت خبيرة القانون والتشريعات نهلا المومني، إن المشرع الجزائي نظم بصورة عامة جريمة اختلاق الجرائم واختلاق الأدلة المادية عليها في المادة 209 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960.

وأضافت أن المشرع جرم كلا من أخبر السلطة القضائية أو أية سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية عن جريمة لم ترتكب، وكلا من كان سببا في مباشرة تحقيق تمهيدي أو قضائي باختلاقه أدلة مادية على جريمة كهذه، عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على 10 دنانير أو بكلتا هاتين العقوبتين.

وبينت أنه ونظرا لخطورة جريمة افتعال الحوادث او الحوادث المرورية المزعومة وإخلالها بأمن الأفراد وانطوائها على الاحتيال والإيهام والابتزاز في أحد جوانبها وانتشارها في المجتمع إلى حد ما وقيامها على استغلال خوف الأفراد من الملاحقة الجزائية وإلحاقها خسائر كبيرة بشركات التأمين أيضا، قام المشرع الجزائي عام 2017 بتعديل المادة 415 من قانون العقوبات والتي تجرم ابتداء جريمة الابتزاز وجلب منفعة غير مشروعة، حيث نصت الفقرة الثالثة على أن تكون عقوبة الحبس مدة سنتين وغرامة مقدارها 50 دينارا إذا تعلق الأمر المزعوم بحادث مروري وان لم ينطو على تهديد أو لم يكن من شأنه النيل من قدر هذا الشخص أو من شرف أحد أقاربه.

ولفتت النظر إلى أن تشدد المشرع وإفراد نص خاص لها ضمن قانون العقوبات من الأمور الإيجابية والتعديلات المهمة التي شهدها عام 2017 إلا أنه كان يستحسن بالمشرع أيضا رفع قيمة الغرامة المفروضة ايضا، حيث إن بعض الأفراد خاصة من معتادي الإجرام يشكل ارتفاع قيمة الغرامة المفروضة على الجريمة رادعا إضافيا.

وأكدت أن التحدي الأكبر في قضية افتعال الحوادث يتعلق بنقص الوعي القانوني لدى الأفراد ورضوخهم لمن يمارس هذه الأفعال خوفا من الملاحقة الجزائية، في الوقت الذي يتوجب أن يقوم الفرد الذي يتعرض لمثل هذه الأفعال باستكمال الإجراءات القانونية خاصة وأن مديرية الأمن العام لديها الخبرة اللازمة لكشف إذا ما كان الحادث مفتعلا أم لا، بالإضافة إلى وجود بيانات لدى الجهات المعنية بمكرري هذه الأفعال من المجرمين.

الخبير في شؤون التأمين شاهر العواملة قال، إن مثل هذه الحوادث تؤثر سلبا على بيئة الاستثمار وشركات التأمين وإن الحل في مثل هذه الحوادث المفتعلة يكون بالعقوبة الرادعة خاصة لمن يكررون مثل هذه الجرائم.

وأضاف أن افتعال الحوادث ليس مقتصرا على حوادث السير بل إن هناك افتعالا في بعض نسب العجز خاصة الحوادث التي ترافقها إصابات بشرية، وقد يصل معدل تكلفة حادث السير المفتعل والذي ترافقه إصابات ما بين 900 – 1000 دينار، بينما في الحوادث التي لا ترافقها إصابات فإن تكلفتها ستكون بين 450 – 500 دينار.

ولفت النظر إلى أنه من الضروري فرض عقوبة رادعة على مفتعل الحوادث واستعادة ما تم اخذه جراء افتعال الحادث، حيث يؤثر افتعال هذه الحوادث بنسبة 5% من المدفوعات على الشركات الخاصة بالتأمين.

ويشير التقرير السنوي لحوادث المرور والتي وقعت خلال العام الماضي 2020 إلى وقوع 122970 حادثا مروريا، كان من بينها 8451 حادثا تضمنت إصابات بشرية، توفي خلالها 461 شخصا، وأصيب 558 بإصابات بليغة، و4788 بإصابات متوسطة، و 7344 بإصابات بسيطة، وبتكلفة مالية قدرت بـ 296 مليون دينار.