الأردن يشارك العالم الاحتفال بيوم الأغذية العالمي

يعجز أكثر من 3 مليارات نسمة، يشكلون نحو 40% من سكان العالم، عن تحمل كلفة نمط غذائي صحي وفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، في وقت يصادف السبت يوم الأغذية العالمي.

في حين، حذر برنامج الأغذية العالمي، من أن العالم سيواجه “زيادة هائلة في معدلات الجوع تؤججها أزمة المناخ”.

وقالت “الفاو” في بيان بهذه المناسبة، إن “النظم الغذائية والزراعية اليوم ترفع الستار عن أوجه عدم مساواة وإجحاف مستفحلة في مجتمعنا العالمي. ففي الوقت الذي يتواصل فيه ارتفاع مستويات الوزن الزائد والسمنة في مختلف أرجاء العالم، يتعذر على 3 مليارات من الأشخاص تحمل كلف الأنماط الغذائية الصحية”.

الأردن

ويشارك الأردن العالم السبت الاحتفال بيوم الأغذية العالمي، ويأتي الاحتفال لهذا العام تحت شعار” أفعالنا هي مستقبلنا “.

الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان عبلة عماوي قالت في بيان صحفي إلى أنه على مستوى العالم هنالك حاجة إلى نظم غذائية وزراعية مستدامة قادرة على توفير ما يلزم من أغذية لما يصل إلى 10 مليارات شخص بحلول عام 2050، كما تشير الإحصائيات إلى أنه يعجز أكثر من 3 مليارات نسمة (40% من سكان العالم) من تحمل كلفة نمط غذائي صحي.

وبينت أن جائحة فيروس كورونا أثرت على جميع ركائز الأمن الغذائي وهي توافر الغذاء وإمكانية الحصول عليه والانتفاع به واستقراره، حيث تأثرت القدرة على الحصول على الغذاء بشكل خاص بفقدان الدخل وسبل العيش وزيادة أسعار المواد الغذائية وتعطل البرامج منها برامج التغذية المدرسية وحدوث اضطراب في سلاسل التوريد، ومن المتوقع أن تضيف الجائحة ما بين 83 إلى 132 مليون شخص إلى أولئك الذين يعانون من نقص التغذية، كما تم تقدير عدد من سقطوا في الفقر المدقع نتيجة للجائحة ما بين 88 و115 مليون شخص.

وعلى مستوى المنطقة العربية بينت عماوي أن التقديرات تشير إلى أن هنالك نحو 116 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و43 مليون شخص يعانون من نقص التغذية.

أما على مستوى الأردن، أكدت عماوي إلى أن الأمن الغذائي هو في صميم خطة التنمية المستدامة لعام 2030، خاصة الهدف الثاني (القضاء على الجوع وتعزيز الزراعة المستدامة)، ويسعى الأردن إلى تحقيقه بحلول عام 2030، حيث يعمل على تنفيذ سياسات وبرامج لتعزيز الأمن الغذائي والقضاء على الجوع وسوء التغذية ، إلا أنه وبالرغم من ذلك إلا أن الأردن يواجه مجموعة من التحديات في سبيل تعزيز الأمن الغذائي نتيجة الطلب المتزايد على الغذاء بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني المقترن بأنماط استهلاك غير مستدامة والضغط على النظم الإيكولوجية والبيئية وشح المياه.

ويحتل الأردن المرتبة 62 على مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2020، إلى جانب أعباء سوء التغذية المتعددة والأمراض غير السارية المرتبطة بالنظم الغذائية، حيث تبلغ نسبة فقر الدم بين النساء 43% وبين الأطفال 32%، وتبلغ نسبة السمنة عند البالغين (18 سنة فأكثر) 32,3 %، وبين النساء المتزوجات في الفئة العمرية (15-49 سنة) 21,9%.

وبين المجلس الأعلى للسكان في البيان أن الأردن عانى كغيره من دول العالم من تداعيات جائحة كورونا، والتي أثرت على جميع الفئات الاجتماعية لا سيما المستضعفة والهشة والقطاعات الاقتصادية منذ مطلع عام 2020، وما تبعها من آثار اقتصادية فاقمت من حدة الفقر والبطالة وانخفاض الأمن الغذائي بجميع أبعاده وتأثيره على برامج الحماية الاجتماعية، والتي شكلت تحدياً أمام متابعة المسار في القضاء على الجوع بحلول عام 2030.

وأشار المجلس إلى أن الاردن يعتبر من الدول المستوردة للغذاء، نظراً لاعتماده بشكل رئيسي على الاستيراد في توفير الغذاء لسكانه الذين تجاوز عددهم (11) مليون نسمة، ومتوقع أن يصل عدد السكان إلى نحو (12) مليون نسمة بحلول عام 2030، كما يقع على عاتق الأردن توفير الغذاء لنحو نحو 31% نسمة من السكان غير الأردنيين المقيمين على أراضيه، مما شكل ويشكل ضغطاً على توفير الأمن الغذائي، إذ إن الأردن يستورد أكثر من (57 %) من المواد الغذائية، ويقدر مستوى انعدام الأمن الغذائي الشديد لعام 2020 ب 13,5% ، ويعيش أكثر من 15,7 % من السكان تحت خط الفقر، وتبلغ نسبة انتشار نقص التغذية في الأردن للفترة (2017-2019) نحو 8,5%.

وفيما يتعلق بالأمن الغذائي للاجئين، فقد أشارت دراسة لعينة ممثلة من اللاجئين والأسر الأردنية في المجتمعات المضيفة، والتي نفذت من قبل برنامج الأغذية العالمي في الأردن عام2021 إلى أن 93,4% من أسر اللاجئين في المجتمعات إما يعانون من انعدام الأمن الغذائي أو عرضة لانعدام الأمن الغذائي) 23,4% انعدام الأمن الغذائي و 60% عرضة لانعدام الأمن الغذائي)، وتشمل الفئات السكانية الضعيفة بشكل خاص الأسر التي تعيلها نساء والأسر التي بها أفراد معاقون أو يعانون من أمراض مزمنة. كما أرسل 20٪ من أسر اللاجئين في المجتمعات أطفالاً معظمهم من الذكور للعمل ووافق 4٪ من الأسر على الزواج المبكر الأطفال، ومعظمهم من الإناث، من أجل تلبية الاحتياجات الغذائية للأسر.

وأكد المجلس أن المرأة الأردنية تقوم بدور رئيسي في تعزيز الأمن الغذائي، وتشارك بعض النساء في أنشطة مدرّة لدخل الأسرة من خلال إنتاج الأغذية من داخل المنزل، إلا أن مشاركة المرأة الاقتصادية لا تزال متدنية، إلى جانب محدودية تملكهن للحيازات الزراعية والتي لا تتجاوز6% من مجموع الحيازات الزراعية في المملكة وبنسبة مشاركة اقتصادية بلغت 5,6% في القطاع الزراعي، وارتفاع نسبة من يعملن في القطاع غير المنظم، وانخفاض قدرة النساء على الحصول على التمويل الرسمي مقارنة بالرجال إلى جانب المشاكل التسويقية.

ولغايات سعي الأردن إلى تحقيق الأمن الغذائي بحلول عام 2030، يوصي المجلس بأهمية توجيه السياسات إلى تعزيز الإنتاج المستدام للأغذية الميسورة الكلفة وتعظيم الاستفادة من إمكانات الإنتاج الغذائي المحلي وتحسين الإنتاجية وجودة الغذاء، وضمان توفر مخزونات استراتيجية كافية من الموارد لغذائية الأساسية ، وتحفيز الاستثمارات والحد من فقدان الأغذية وهدرها، وتحسين إمكانات الوصول والحصول على الغذاء من خلال دعم برامج شبكات الحماية الاجتماعية، وإيجاد فرص الاقتصادية المستدامة خاصة في المجتمعات الريفية وبشكل خاص للنساء والشباب، وتعزيز بحوث النظم الغذائية والابتكار والتكنولوجيا، وتعزيز برامج معالجة أشكال سوء التغذية، وزيادة الدعم للأمن الغذائي والتغذية في حالات الأزمات لاسيما أفقر الفئات السكانية المتضررة بما فيها اللاجئون.

والأردن في المرتبة 64 على مؤشر الأمن الغذائي عام 2019.

ووفق الأمم المتحدة، فإن 84% من الأردنيين والسوريين البالغين (18-69 سنة) من سكان المملكة، يتناولون غذاء غير صحي وهو “أقل من المعدلات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية للتناول اليومي للفاكهة أو الخضار”.

ولذلك، أوصت الأمم المتحدة في الأردن، لبناء نظم توفر غذاء آمنا ومستداما وصحيا وبأسعار معقولة للجميع، بـ “ضمان توافر الغذاء من الموارد الطبيعية إما من خلال إنتاج الغذاء، أو عن طريق زراعة الأرض أو تربية الحيوانات، أو تحسين تجهيز الأغذية خاصة للمنتجات الغذائية المحلية من ناحية. ومن ناحية أخرى، إتاحة وتوفير الطعام للبيع في الأسواق والمحال التجارية”.

ودعت إلى “تسويق المنتجات الغذائية كطريقة فعالة للحد من تسويق الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والدهون المتحولة والملح والسكر للأطفال”، و”تعديل المواصفات الخاصة بالصناعات الغذائية لخفض معدلات استهلاك الملح والسكر والدهون المشبعة في الغذاء”.

“الفاو” أشارت في بيانها، إلى أن “الطريقة التي نقوم بوساطتها بإنتاج الأغذية واستهلاكها، وللأسف، هدرها تتسبب في تكبد خسائر جسمية تطال كوكبنا، ممّا يُعرض الموارد الطبيعية والبيئة والمناخ لضغط نحن في غنى عنه”.

جلالة الملك عبدالله الثاني، قال خلال خطابه في الجلسة العامة للاجتماع الـ 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن “نقص الغذاء سيكون من بين التحديات العديدة التي سيتعين علينا مواجهتها، وعلى نطاقٍ أوسع بكثيرٍ من العقود السابقة. وقد بدأ ذلك بالظهور بالفعل، فنحن نرى تهديداتٍ للأمن الغذائي في لبنان، ونرى الجوع يهدد مجتمعات اللاجئين المعرضة للخطر في منطقتنا، والمجتمعات التي تعيش بالفقر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وإفريقيا، وأميركا اللاتينية، ومناطق أخرى”.

وأضاف الملك أن “التحضير لهذا الخطر أولويةٌ رئيسيةٌ للأردن، ونحن أيضا على استعدادٍ لفعل ما في وسعنا للمساهمة في مساعدة منطقتنا وأصدقائنا، من خلال توجيه قدراتنا للعمل كمركزٍ إقليمي للأمن الغذائي، وإيماناً منا بأهمية الأمن الغذائي للأجيال القادمة، فنحن ملتزمون بقوة بالحفاظ على المصدر الرئيسي لاستمرار الحياة البشرية، وهي البيئة التي نعيش فيها”.

ويعيش لبنان أزمة اقتصادية منذ عامين صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال عامي الأزمة أكثر من 600%، وفق الأمم المتحدة.

القضاء على الجوع

برنامج الأغذية العالمي قال سابقا، إن العالم “ينتج ما يكفي من الغذاء لإطعام 7 مليارات شخص في العالم، ومع ذلك ينام 690 مليون شخص جائعًا كل ليلة”.

وشرحت “الفاو” أن النظام الغذائي والزراعي المستدام “يتمتع فيه الجميع بمجموعة متنوعة من الأغذية المغذية والآمنة بكميات كافية وأسعار معقولة، ولا يتضور فيه أحد جوعًا أو لا يعاني فيه من أي شكل من أشكال سوء التغذية”.

ويحتاج العالم إلى نظم غذائية وزراعية “مستدامة قادرة على توفير ما يلزم من أغذية لما يصل إلى 10 مليارات شخص بحلول عام 2050” على ما ذكرت “الفاو”.

والقضاء على الجوع أحد أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة.

لكن ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين عن “مستويات ما قبل الثورة الصناعية سيشهد سقوط 189 مليون شخص إضافي في براثن الجوع” بحسب برنامج الأغذية العالمي.

وعندما تقترن أزمة المناخ بالنزاعات، فإنها “تؤدي إلى تفاقم مواطن الضعف القائمة، وتعظم حجم الضرر والدمار واليأس … ففي أفغانستان، تسبب الجفاف الشديد المرتبط بالنزاعات والصعوبات الاقتصادية في معاناة ثلث السكان من الجوع” بحسب برنامج الأغذية العالمي.

وقال البرنامج إنه ساعد “المجتمعات المحلية على التكيف مع المناخ المتغير الذي يهدد قدرتها على زراعة الغذاء وتأمين الدخل وتحمل الصدمات. وقد قدم البرنامج الدعم لنحو 39 حكومة، وساعدها على تحقيق طموحاتها الوطنية بشأن المناخ”.

وبحسب “الفاو”، فإن جائحة كورونا “أماطت اللثام عن مدى الحاجة إلى إجراء تغيير عاجل في الطريق الذي نسلكه. فقد بات من الأصعب بالنسبة إلى المزارعين – الذين يعانون الأمرّين أصلًا من تقلبات المناخ والظواهر القصوى – بيع محاصيلهم، في الوقت الذي يضطر فيه عدد أكبر من سكان المدن اللجوء إلى بنوك الأغذية جراء تزايد مستوى الفقر، ويحتاج فيه ملايين الأشخاص إلى مساعدات غذائية طارئة”.

وفي المقابل، أوصت “الفاو” الحكومات إلى “اعتماد سياسات جديدة تؤدي إلى تعزيز الإنتاج المستدام للأغذية المغذية الميسورة الكلفة وزيادة مشاركة المزارعين”، إضافة إلى “تحفيز الابتكار، وزيادة الدخل الريفي، وإتاحة شبكات أمان لأصحاب الحيازات الصغيرة، وبناء القدرة على الصمود أمام تغير المناخ”.

وتوفر النظم الغذائية والزراعية، “أكثر من أي قطاع اقتصادي آخر”، فرص عمل لمليار شخص في مختلف ربوع العالم، وفق الأرقام الأممية.