تواصل الاعتداءات على النظام المائي تزايدها بانتظار من يحدّ من هذا المسلسل التراجيدي لأحد أهم متطلبات الأمن الحياتي وأشدها ندرة.
وما تزال قضية الاعتداءات على المياه في العاصمة ومختلف محافظات المملكة تؤرق مضجع قطاع المياه، لا سيما في ظل ضبط وزارة المياه والري ما يقارب 1700 اعتداء منذ مطلع شباط (فبراير) الماضي حتى نهاية آب (أغسطس) الحالي.
وفيما تسعى الوزارة لإحكام قبضتها على كافة أشكال سرقات المياه بهدف بترها بشكل كامل، يبدو أن تلك الأزمة تتصدّر مشهد تحديات المياه المتفاقمة في بلد يصنف ثاني أفقر دولة بالمياه على مستوى العالم، رغم تضافر الجهود الحكومية التشاركية لوقف هذا الهدر الكبير بالتوازي مع شح المياه.
وبحسب بيانات وزارة المياه والري/ سلطة المياه، المتعلقة بضبوطاتها للاعتداءات، ووفق حملة إحكام السيطرة على مصادر المياه، تنوعت أشكال الاعتداءات على المياه خلال الفترة ما بين شباط الماضي وآب الحالي، شملت اعتداءات على خط مياه الديسي، وأخرى على قناة الملك عبد الله، إضافة إلى اعتداءات على خطوط ناقلة تسحب مئات آلاف الأمتار المكعبة، بهدف تزويد برك زراعية ومزارع وبيوت بلاستيكية أو بيع صهاريج مخالفة.
يحدث ذلك، إلى جانب ضبوطات مخالفة لصهاريج تعتدي على خطوط ناقلة، واعتداءات على خطوط مياه رئيسة وفرعية وخطوط تزويد، في العاصمة عمان ومختلف محافظات المملكة. وتلقي تحديات الوضع الجيوسياسي في الأردن بظلالها الصعبة على جملة تحديات يعانيها قطاع المياه، في حين تعد زيادة الاعتداءات على شبكات وخطوط المياه التحدي الأبرز.
وما تزال الوزارة تواجه تحدي معضلة الاعتداءات على المياه، وسط رصد ما يتجاوز 88 ألف اعتداء على مفاصل تزويد المياه الحيوية، ومن ضمنها الاعتداءات على شريان المياه في المملكة (خط الديسي) منذ العام 2013 حتى شهر نيسان (أبريل) الماضي.
وبلغ مجموع الاعتداءات على خطوط المياه منذ بدء حملة إحكام السيطرة على مصادر المياه في العام 2013 حتى نهاية نيسان (أبريل) الماضي 59630 اعتداء، مقابل 24615 على قناة الملك عبدالله.
كما كانت الوزارة ردمت 1213 بئرا مخالفة منذ بدء الحملة، وضبطت 2445 اعتداء على أراضي الخزينة في منطقة وادي الأردن.
وتهدد قضية عدم تعديل أي قوانين أو أنظمة خلال الأعوام الماضية، بعدم إمكانية تقنين وتنظيم الزراعة المروية، إلى جانب عوامل الوضع الجيوسياسي في المنطقة، الذي ساهم بعرقلة تطبيق القوانين والأنظمة النافذة بفاعلية، في بلد يحصل على 60 % من حاجته من المياه من 12 حوضا جوفيا. وباتت إجراءات حزم وزارة المياه والري واضحة وصريحة ومشددة حيال المضي ضمن حملة إحكام السيطرة على مصادر المياه وحمايتها من الاعتداءات، مجددة تأكيدها اعتبار أي اعتداء على أحد مصادر المياه الاستراتيجية الوطنية كمنظومة مياه الديسي، والذي يشكل 55 % من حصة مياه محافظات عمان والزرقاء ومادبا، في منطقة مأهولة بالسكان، هو اعتداء صارخ على حصص المواطنين المائية، ويتطلب تنفيذ وتشديد العقوبات بحسب الأنظمة والقوانين.
وتصب خطورة انعكاسات هذه الاعتداءات، في خفض حصة المياه المخصصة لعدة مناطق وحرمان أخرى من حصصها الكافية من مياه الشرب، لا سيما في ظل محدودية المصادر المائية المتاحة والضغوطات المتزايدة وعكورة المياه، الناجمة عن فيضانات الهطل المطرية الغزيرة، التي تُحمّل العاملين في القطاع أعباء جسيمة.

الغد