انتقدت ورقة سياسات متخصصة ” بنود مسودة قانون البلديات واللامركزية لكونها لا توفر حلا جذريا لمشكلة تداخل الصلاحيات بين مجالس المحافظات، ومجالس البلدية والتنفيذية، إذ لم تتضمن توضيحا للمهام المناطة بكل جهة على حدا، بصورة تفصيلية قابلة للقياس”.
وجاء في الورقة، التي أعدها مركز قلعة الكرك للإستشارات والتدريب، وبالتعاون مع مؤسسة فريدرش إيبرت (مكتب الأردن والعراق)، أن “مسودة القانون المتداولة حاليا أعطت رؤساء البلديات النصيب الأكبر من عضوية مجلس المحافظة، ما يشكل تضارباً في دور، ومهمة، وصلاحيات كل من مجلسي البلدي والمحافظة، ولا يحقق الغاية من زيادة التنسيق فيما بينهم”.
بل إن ذلك الأمر”سيؤدي الى خلافات بين رؤساء البلديات عند تحديد الأولويات، حيث سيسعى كل رئيس بلدية لتحصيل أكبر فائدة لقاعدته الانتخابية، بالإضافة الى أن هذه التشكيلة ستزيد من تداخل الصلاحيات، وهيمنة قرارات المجالس البلدية، مما يحرم الناخبين من الحصول على مقاعد متخصصة أكثر في مهام مجلس المحافظة”.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ إن ” بنود العضوية كذلك ستؤثر سلباً على نسبة مشاركة المرأة في صنع القرار، في وقت تعاني فيه من صعوبة الوصول الى منصب رئاسة البلدية، وهذا ما لم يحدث في الأردن سابقاً إلا مرة واحدة فقط”.
وهذا “يخالف التزام المملكة بإعلان ومنهاج عمل بيجين 1995، حيث اتفقت الدول الأعضاء على اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتعزيز، وضمان مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار”.
ووفق ما جاء في ورقة السياسات فإن “إلغاء المجالس المحلية يضعف فكرة تمثيل الأطراف، ومركز القرار في المدن بعيداً عن الريف، والبادية، والقرى المتباعدة بشكل عام، ويحد من نسب تمثيل النساء الإجمالي، اذ يصبح تمثيل المرأة داخل المجالس البلدية مقتصراً على 25% من ممثلات بلدية المركز، مما يقلل من عددهن داخلها”. وفي حال الإصرار على ذلك الأمر لا بد من “زيادة النسبة المخصصة لمقاعد النساء داخل المجالس البلدية لتصل الى 30 % كحد أدنى، ذلك أن محدودية مشاركة المرأة، التي تعد كذلك غير واضحة المعالم في ظل احالة تحديد عدد اعضاء المجالس الى نظام ، تحد من دورها الأساسي في رفع مقومات المشاركة السياسية والاقتصادية”.
وأشارت الورقة الى “عدم وجود آلية شفافة في تعيين المدراء التنفيذيين، والمساعدين للمجلسين البلدي والمحافظة، تراعي الأدوار الاجتماعية، ومعايير الموارد البشرية بشكل عام، مع انتفاء ضمان وجود النساء في هذه المناصب بشكل خاص”.
وذلك الأمر “يتعارض مع تحقيق الهدف الاستراتيجي ز/2 من اتفاقية بيجين 1995، والذي ينص على زيادة قدرة المرأة على المشاركة في صنع القرار والقيادة”.
“ولم تعط المسودة صلاحيات المتابعة والتقييم، وأدوات المحاسبة والمساءلة لمجلس المحافظة تجاه المجلس التنفيذي، بل اقتصرت على ذكر مناقشة اي من أعضاء المجلس التنفيذي، كما ولم تحدد اجراءات للمتابعة في حال عدم الاقتناع”، تبعا لما ورد في الورقة.
ولم تمنح المسودة “صلاحية التعديل على الخطط المقدمة من قبل المجلس التنفيذي، حيث حصرت مهمة مجلس المحافظة بالإقرار الشكلي، وأرجعت الخلاف، أو رفض الإقرار إلى لجنة مشتركة مقسومة مناصفة بين المجلسين تقر بالأغلبية”.
وحصرت المسودة “صلاحية حل مجلس المحافظة، أو إيقاف الأعضاء بيد الوزير المعني منفرداً دون قرار قضائي مسبب وفق الممارسات العالمية الفضلى، في حين كان لا بد أن يتم حل المجالس بناء على قرار قضائي يضمن مصلحة جميع الاطراف” .
ويمكن إعادة الروح إلى مبدأ اللامركزية والهدف من إنشاء مجالس المحافظات من خلال فتح حوار توافقي وطني، يضم كافة أطراف المعادلة الخدمية، ويكون قادر على إرساء أرضية مشتركة من العمل التكاملي، محققاً الغاية من اللامركزية، ومجالس الإدارة، لكون جميع النقاشات التي تدور حالياً عامة، وتخلو من تفاصيل دقيقة لمسودة القانون.
ومن بين الفرص كذلك تأطير الأدوار لكل من مجالس المحافظة، والبلدي، والتنفيذي، في حال الاصرار على الغاء المجالس المحلية، وبشكل يضمن توزيع المهام، واستقلالية الأداء، وتمكين الإرادة المجتمعية في صناعة القرار، مع ضمان الاعتبارية القانونية والإدارية لكل واحد منهم، بتزويده بالأدوات الفاعلة للمتابعة، والتقييم، والمساءلة والتنفيذ.
وشددت الورقة على أن “التشريع الثابت كما الإرادة السياسية النابعة من حوار وطني متكامل وتشاركي يعطي دعماً مستداماً للتنسيق بين المؤسسات الممثلة للمجتمع من جهة، وتلك المنفذة لقراراتها من جهة أخرى، لمنع التصادم فيما بينها”.
كما ويجب على “القانون الضامّ والجامع بين البلديات ومجالس المحافظات، أن يرسم شكل العلاقة فيما بينهما بشكل واضح ودقيق وبدون استخدام مصطلحات فضفاضة”.
وأكدت نتائج الورقة على أنه “لا يمكن للمشاريع الخدمية التي تطلقها مجالس المحافظات استجابة لاحتياجات مجتمعاتها، ألا تكون مبنية على مؤشرات أداء قابلة للقياس على المستوى الزمني، والعملي، والمهام الموكلة لكل طرف، لتبين مواطِن التأخير، أو العرقلة، أو التقصير، وتزويد المجالس بكوادر إدارية محترفة تمكنها من العمل على تطبيق هذه المؤشرات، واستحداث مساحة للمنافسة على أفضل أداء على مستوى المملكة بين مجالس الإدارة المحلية”.
ويخلق الحوار الوطني واستدامة علاقة مجالس الإدارة المحلية مع مؤسسات المجتمع المدني، “حالة من كسب التأييد، والدعم المستمر للقواعد الشعبية لممثليها، وإعادة لبلورة الأدوار الديمقراطية، لكل من عضو مجلس المحافظة، والبلدية، ومجلس النواب والأعيان وكذلك، المسؤولين التنفيذيين في المحافظات”.
ومن التوصيات التي قدمتها الورقة “ضرورة تقديم تشريع متكامل مبني على أسس إدارية، وعمليّة واضحة الأدوار بين التخطيط، والتنفيذ، والقدرة على القياس، والمساءلة والحوكمة، تمنع تضارب المصالح، والمراكز القانونية للتشريعات، وملاءمة الخطط الوطنية المتعلقة بالتنمية، والموارد البشرية وحقوق الإنسان، والمرأة والنوع الاجتماعي”.
ودعت أيضا الى “تقديم المواد القانونية لضمانات للحفاظ على خصوصية المجالس (المنتخبة)، وأطر التمثيل والحفاظ على حصة النساء، والشباب، والمناطق الأبعد عن مراكز المحافظات أوالبلديات الكبرى”.
وشددت التوصيات على “ضرورة وضع آلية تعاون فعالة مع مؤسسات المجتمع المدني، كهيئات استشارية رديفة داعمة في الخبرات، والتواصل مع المجتمعات وفئاتها، من خلال المعهد التدريبي المقترح، وتعزيزاً لمعايير الدور الاجتماعي وضمان تحقيقه”.

الغد