في الوقت الذي يكشف فيه شهر رمضان المبارك عن تفاقم أوضاع الأسر الفقيرة وتزايد ملحوظ في أعداد طالبي المساعدات من فقراء ومحتاجي مدينة معان، تراجعت تبرعات المحسنين للعاملين في المجال الخيري المؤسسي من خارج المحافظة بنحو 70 %، ما حرم المئات من العائلات المحتاجة من المساعدات التي طالما انتظروها، منذ شهر آذار (مارس) من العام الماضي.

وفيما تعيش بعض العائلات الفقيرة في معان على رواتب ضئيلة من صندوق المعونة الوطنية وصناديق الزكاة وبعض كفالات الأيتام، والتي لم تتمكن من استلامها بسبب إحجام الكفلاء عن الدفع، تعيش أخرى على الأجر اليومي لأربابها، الذين يعملون لدى أصحاب المقاهي ومهن وورش ومحال ومصالح خاصة، إضافة إلى بعض عائلات اللاجئين السوريين والعمالة الوافدة المتواجدين داخل المدينة، وأصحاب المهن الحرة من الذين توقفت مصادر دخلهم، بسبب تداعيات “كورونا”، فضلا عن وجود المئات من المتعطلين عن العمل في المنطقة.
ويرى عدد من رؤساء لجان الزكاة والجمعيات الخيرية في المحافظة، أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها التجار والشركات الكبرى انعكست سلبا على مساهمات المحسنين والمتبرعين خلال الشهر الفضيل، التي تراجعت بنسبة تراوحت ما بين 50 – 70 % مقارنة بالأعوام الماضية، في حين أن ازدياد أعداد الفقراء والمحتاجين والأرامل والأيتام، يلقي أعباء إضافية على الجمعيات ولجان الزكاة التي بالكاد لا تستطيع مساعدة الحالات الموجودة لديها سابقا.
ويؤكد رئيس لجنة زكاة وصدقات فروة بن عمرو الجذامي قاسم الخطيب، ان الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة في معان تعتمد بشكل كلي على تبرعات المحسنين وشركات القطاع العام والخاص، لافتا إلى أنه ومع بدء الشهر الفضيل فان المساعدات تكاد تكون شبه معدومة لعدم إيفاء هذه الشركات باستحقاقاتها المجتمعية وغياب الدعم لهذه اللجان والجمعيات الخيرية والاكتفاء بتوزيع 1 % من المستحقات المجتمعية لهذه الشركات واقتصار دورها على دعم المتنفذين والمقربين لإداراتها، في ظل وجود ما يقارب 5 من لجان الزكاة في المحافظة.
وأشار الخطيب، إلى أن ارتفاع حجم الفقر أسهم في ازدياد أعداد المعوزين في ظل تراجع قدرة المؤسسات المعنية على تقديم المساعدات والتي تراجعت بنسبة زادت على 70 % مقارنة بالسنوات الماضية، مبينا أن الأوضاع تتفاقم يوما بعد يوم لدى طالبي المساعدة في ظل ارتفاع الأسعار وعدم قدرة الكثيرين على الشراء ما يضطرهم إلى اللجوء إلى لجان الزكاة والجمعيات والمؤسسات التطوعية الخيرية التي باتت تشتكي كحالهم، لافتا ان هذا الأمر يسبب حرجا للعاملين في هذه المؤسسات لعدم قدرتها على سد احتياجات ومتطلبات الأسر المعوزة.
وقال رئيس جمعية النهضة الخيرية حسان العظم، إن هناك ازديادا في أعداد طالبي المساعدات في المدينة، حيث أن مئات من الأسر الفقيرة كانت تنظر بفارغ الصبر قدوم شهر رمضان ليفرج بعضا من همومهم، إلا أن جائحة “كورونا” جاءت لتزيد من معاناتهم وتحرمهم من المساعدات التي طالما انتظروها، بسبب تراجع الدعم وتقلص أعداد المتبرعين بعكس السنوات السابقة، الأمر الذي أثر على الأوضاع المعيشية لأسر الفقراء والمحتاجين، خلال الشهر الفضيل.
ويعول رئيس لجنة زكاة وصدقات معان عبدالوهاب الرواد، على الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل للحصول على التبرعات من المحسنين، والتي سيتم استغلالها في توفير متطلبات الأسر خلال العيد، مؤكدا أن إسهامات الجهات الداعمة والمحسنين تراجعت بنسبة كبيرة زادت على 70 % مقارنة بالسنوات الماضية، في الوقت الذي زادت فيه أيضا أعداد الأسر المحتاجة وطالبي المساعدات بشكل غير مسبوق عنه في الأعوام الماضية.
ويشير الناشط الاجتماعي أشرف حامد، إلى أن غالبية الأسر الفقيرة التي كانت تعتمد على الجمعيات والمؤسسات الخيرية ولجان المساعدات، لم تتمكن من الحصول على مساعدات إلى الآن، في الوقت الذي تزايد فيه مئات الأسر المحتاجة ممن فقدوا مصدر دخلهم، ودفع القائمين على هذه المؤسسات للتوجه لتقديم المساعدات لهم وقلل من الدعم الموجه للفقراء والمحتاجين، مبينا أن هناك تراجعا ملحوظا في الدعم المقدم من الشركات أو المحسنين للجمعيات ما يحرمها من مد يد العون للفقراء والمحتاجين خاصة خلال الشهر الفضيل.
ولفت إلى أن البعض من المؤسسات التطوعية الخيرية لا يوجد لها مصدر دخل ثابت، وتعتمد بشكل كلي على المحسنين والشركات الوطنية في توفير المساعدات للأسر المحتاجة، مطالبا الحكومة بدعم الجمعيات المعنية بالعمل الخيري لتمكينها من القيام بالدور المطلوب منها خصوصا في هذا الشهر الفضيل.
وقال أحد المستفيدين من لجان العمل الخيري أحمد أبو فاطمة، إن ارتفاع أعداد المحتاجين يزيد من حاجة الجمعيات ولجان الزكاة إلى توفير الدعم المستمر لها، لافتا إلى أن بعض الأسر كانت تنتظر هذا الشهر بفارغ الصبر لما يوفره لهم من مساعدات تسد جوعهم وتوفر لهم الكسوة اللازمة، مبينا أن البعض من المؤسسات الخيرية المعنية بتوزيع المساعدات كانت تقوم وقبل أزمة كورونا بتوفير المواد الغذائية الأساسية التي تكفي طيلة أيام الشهر الفضيل.
وأشار أبو محمد الفناطسة، إلى أن غالبية الجمعيات الخيرية ولجان العمل الخيري التطوعي كانت تقوم قبل شهر رمضان بتفقد الأسر المحتاجة وتزويدهم بالمواد الغذائية الرئيسة، كالخبز والأرز والسكر والزيت والمعلبات، والتي تغنيهم عن السؤال خلال الشهر الفضيل، إلا ان رمضان الحالي مختلف، اذ ان غالبية اللجان المعنية بالعمل الخيري لم تعد قادرة على تقديم المساعدات لهم وليس بحجم السنوات السابقة، موضحة ان الجمعيات الخيرية تحتاج لدعم المؤسسات والأفراد لتتمكن من رعاية الاسر طوال العام، وخلال الشهر الفضيل على وجه الخصوص.
الى ذلك، أكد مدير التنمية الاجتماعية لمحافظة معان الدكتور أمجد الجازي، أن المديرية وزعت قسائم شرائية على الأسر المحتاجة بقيمة 251 ألف دينار، منها 1600 قسيمة شراء بقيمة 100 دينار بمكرمة ملكية و2600 قسيمة بقيمة 35 دينار، في شهر رمضان المبارك على الأسر المحتاجة.
وأشار الجازي، إلى أن 4200 أسرة استفادت من هذه القسائم لشراء الاحتياجات الأساسية لشهر رمضان، والتخفيف من المعاناة التي يتعرضون لها في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
وقال إن كوبونات المواد الغذائية وزعت وفق آلية معينة وبحسب إجراءات وضوابط محددة بالتشارك مع الجهات المعنية، بحيث لا يتم تكرار المستفيدين من المكرمة الملكية والقسائم الشرائية، التي جاءت ضمن البرنامج الحكومي لمساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة، التي تقوم بتقديمها لدى أسواق المؤسستين العسكرية والمدنية للحصول على ما تحتاجه من المواد الغذائية في هذا الشهر الفضيل، لافتا إلى أن الفئات المستهدفة تشمل الأسر المحتاجة من الأرامل والأيتام والمطلقات والحالات الخاصة.
وأضاف، أن عمل الجمعيات الخيرية تعتمد بشكل شبه كلي على العمل الخيري، والمساعدات التي تقدم لها من المؤسسات والأفراد، والتي تنشط خلال شهر رمضان المبارك، موضحا أن المديرية تقوم بمساعدة هذه الجمعيات من خلال توزيع الطرود والمساعدات التي ترد من الشركات عليها.
وبين الجازي أن عدد الجمعيات الخيرية في المحافظة يزيد على الـ”140جمعية، والتي تعمل على تقديم المساعدات على الأسر الفقيرة ، داعيا الشركات الوطنية في محافظة معان بضرورة المساهمة في البرامج الخيرية في هذا الشهر العظيم شهر التكافل والتعاضد ضمن استحقاقاتها المجتمعية للتخفيف على الأسر الفقيرة والمحتاجة في هذا الشهر الكريم.الغد