كُشف عن حلقة رقيقة من الغبار تدور حول الشمس على طول المسار المداري لكوكب الزهرة بأكبر قدر من التفاصيل حتى الآن، وذلك بفضل الأدوات التي يحملها مسبار باركر الشمسي.

وتُظهر الصور الأصلية ذات الضوء الأبيض، المأخوذة من داخل مدار كوكب الزهرة، الحلقة بالكامل تقريبا. وهذه بيانات حيوية لفهم الحلقة وديناميكيات النظام الشمسي وتفاعلات الجاذبية.

وقال عالم الفلك جيليرمو ستينبورغ، من مختبر أبحاث البحرية الأمريكية: “هذه هي المرة الأولى التي يمكن فيها الكشف عن حلقة الغبار الشمسي في النظام الشمسي الداخلي بمجدها الكامل في صور” الضوء الأبيض””.

ويُعرف النظام الشمسي بأنه مكان مليء بالغبار حقا، حيث يتكون كل شيء من الغبار (والغاز). ودُمج الكثير من الغبار في الكواكب والكويكبات وما إلى ذلك (ناهيك عن الشمس).

ووجدت الأبحاث الحديثة أن المريخ يمكن أن يرش الغبار في كل مكان خلال العواصف العالمية الضخمة التي تحدث كل عام.

وكل هذا الغبار يمكن أن ينجرف حوله، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يختطف في صدى مداري مع كوكب؛ أي أنه يدور على المسار نفسه، مع فترة مدارية تمثل نسبة عدد صحيح واحد مع تلك الخاصة بالكوكب.

وعُرفت حلقة غبار كوكب الزهرة، وتمت ملاحظتها جزئيا، من خلال البعثة الشمسية الألمانية الأمريكية المشتركة “هيليوس” ومهمة ناسا الشمسية STEREO.

كما زُوّد مسبار “باركر” بأداة تسمى مصور المجال الواسع للمسبار الشمسي (WISPR). ويتكون WISPR من اثنين من مصورات الغلاف الشمسي للضوء المرئي المصممة لتصوير الوسط الكوكبي لدراسة الرياح الشمسية – التدفق المستمر للجسيمات المشحونة المنبثقة من الشمس.

ونظرا لأن الغبار بين الكواكب شديد السطوع مع ضوء الشمس المنعكس، فإنه يتفوق على الرياح الشمسية، لذلك يتم تطبيق معالجة خاصة للصور لإزالة ضوضاء الخلفية في عمليات رصد الرياح الشمسية. وهذا يعني أيضا أن WISPR قادر بشكل فريد على مراقبة حلقة الغبار الرنينية لكوكب الزهرة.

وأثناء العمليات العادية، بالطبع، سيتم استخراج حلقة الغبار تلقائيا من البيانات. وأجرى “باركر” بعض المناورات المتدحرجة في أغسطس وسبتمبر من عام 2019 لإدارة زخمها، ما تسبب في تحرك كاميرات WISPR – وظهور خط ساطع في الصور الناتجة.

وفي البداية، اعتقد علماء الفلك أنه شيء آخر، مثل خوذة متوهجة تنطلق من منطقة نشطة من الشمس، أو حتى خطأ في معالجة الصورة. وكانت كبيرة جدا بحيث لا يمكن أن تكون غاسل خوذة، كما تم استبعاد أخطاء معالجة الصور. وكانت الخطوة التالية هي النظر إلى ما هو موجود في هذا الفضاء، وذلك عندما اكتشفوا أن الخط يتماشى تماما مع مدار كوكب الزهرة.

ونظرا لأن التوهج يتوافق أيضا مع تشتت الضوء بواسطة الغبار، فقد خلص الفريق إلى أن التفسير الأكثر ترجيحا هو حلقة الغبار الرنانة للكوكب.

ويمكن أن تكون البيانات مفيدة للغاية. ويعتقد العلماء أن الغبار بين الكواكب يمكن أن يكون آلية نقل للجزيئات داخل النظام الشمسي، وهي وسيلة يتم من خلالها للمواد المنبعثة من الكويكبات أو المذنبات أن تشق طريقها إلى أجسام أخرى.

وما زلنا لا نعرف كيف تشكلت حلقات الغبار هذه، أو من أين أتت، ومع ذلك، فكلما توفرت لدينا معلومات أكثر، اقتربنا من اكتشافها.

وأوضح عالم الفيزياء الفلكية راسل هوارد، من مختبر أبحاث البحرية الأمريكية: “إحدى الأفكار هي أن حلقات الغبار تكونت بشكل طبيعي من السحابة البدائية، لكن العديد من الباحثين يؤكدون أن جاذبية كل كوكب احتجزت الجسيمات تدريجيا، وربما حتى جسيمات الكويكب أو المذنبات داخل مداره”.