مرايا – أكد عضو لجنة الأوبئة، علي محافظة، أن هناك “عزوفا شديدا” عن التطعيم من قبل المواطنين من جهة، والحكومة من جهة أخرى.

وأوضح محافظة خلال حديثه لموقع “عربي21” أنه “عندما يسجل 365 ألف شخص لأخذ اللقاح؛ فهذا يعني أن ما نسبته ثلاثة بالمئة من الشعب الأردني فقط يريد التطعيم، وحينما تقدم الحكومة اللقاح لـ40 ألف شخص فقط؛ فهذا يعني أن عملية التطعيم لا تسير بشكل صحيح”.

وأضاف أن نسبة التردد بين الأردنيين لأخذ المطعوم فاجأت الجميع، “فالاستطلاعات تبين أن أكثر من 70 بالمئة من المواطنين يرفضون أخذ اللقاح”.

وحول سبب عزوف الأردنيين عن أخذ اللقاح؛ قال محافظة إن كثيرا منهم يعتقدون أن وباء كورونا ولقاحاته عبارة عن مؤامرة، مشيرا إلى أن الإشاعات التي يتناقلها المواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن الآثار الجانبية للمطعوم ساهمت في رفضه.

وتعليقا على الحديث المتداول بين المواطنين حول وفاة أشخاص بمرض كورونا رغم أخذهم اللقاح؛ قال إن من يأخذ جرعة أو جرعتين من المطعوم قد يصاب بالفيروس، “فنحن لا نقول إن فعاليته أكيدة 100 بالمئة”.

وأوضح محافظة أن “الأعراض الجانبية للّقاح بسيطة وليست مميتة، كارتفاع الحرارة أو حدوث قشعريرة أو صداع أو ألم بسيط”، مشيرا إلى أن “بعض الأشخاص الذين أصيبوا بتحسس شديد لأخذهم المطعوم تعافوا منه”.

وبيّن أن نسبة كبيرة من الأردنيين أصيبوا بالمرض دون أن يشعروا بأية أعراض، ما أوصلهم إلى قناعة بأنه مرض خفيف، أو بأنهم اكتسبوا مناعة من الفيروس، وبالتالي فلا داعي لأخذ اللقاح.

وأكد أن المطاعيم في الأردن غير متوفرة بالكمية الكافية، لافتا إلى أن ثمة تقصيرا لدى الحكومة والمثقفين والإعلاميين وبقية فئات المجتمع؛ في توعية المواطنين بضرورة أخذ اللقاح.

ورأى محافظة أن العزوف عن أخذ اللقاح لا علاقة له بوجود “أزمة ثقة” بين المواطنين والحكومة، فهناك دول لا توجد فيها هذه الأزمة ومع ذلك نرى فيها عزوفا عن أخذ المطعوم، ففي الكويت مثلا نسبة الإقبال على أخذ المطعوم 23 بالمئة، وفي السعودية 31 بالمئة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس لجنة الصحة النيابية السابق، إبراهيم البدور، في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي؛ فإن 40 بالمئة من الذين سجلوا على المنصة الحكومية لأخذ المطعوم “لم يذهبوا للمراكز التي تم تحديدها لهم؛ رغم تواصل الوزارة وبعث رسالة تذكير”.

وأبان استطلاع للرأي أعده مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أن الأسباب الرئيسية لعزوف الأردنيين عن أخذ المطعوم هي: عدم الثقة بالمطعوم (38 بالمئة)، والتخوف من آثاره السلبية (24 بالمئة)، وعدم الاقتناع بالمطعوم (11 بالمئة).

وأظهر الاستطلاع الذي نشر في 3 شباط/ فبراير الجاري، أن الغالبية العظمى من الأردنيين تعتقد أن الوضع الوبائي المتعلق بانتشار فيروس كورونا في الأردن بات تحت السيطرة، و33 بالمئة يفضلون لقاح فايزر-بيونتك على غيره.

أسباب أخرى

ويرى أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي، أن من أبرز أسباب عزوف الأردنيين عن أخذ اللقاح؛ هو إجبارهم على المطعوم الذي تريده الحكومة، “فالإنسان بطبعه يحب حرية الاختيار”.

وقال لـ”عربي21″ إن ثمة تقصيرا في فتح وتعميم مراكز أخذ اللقاحات، وفي الاستفادة من المساجد والمراكز الصحية الموجودة بمختلف مناطق المملكة، لافتا إلى التجربة البريطانية “التي جعلت من دور العبادة مراكز لتقديم اللقاح كي يصل إلى أكبر عدد ممكن”.

وأكد الخزاعي وجود حالة من عدم الثقة بين المواطنين والحكومات المتعاقبة، ما يؤدي إلى التوجس من كل ما تتبناه السلطات الرسمية، مضيفا أنه “كان على الحكومة أن تستعين بالقطاع الخاص لتوعية المواطنين، والرد على الإشاعات التي تتحدث عن أعراض جانبية للقاحات قد تصل إلى الوفاة”.

وأوضح أن كثيرا من الذين أصيبوا بالفيروس عزلوا أنفسهم دون إبلاغ السلطات المختصة، وتناولوا العلاجات التي أدت إلى شفائهم، ما أوجد اعتقادا لديهم ولدى معارفهم بأن من السهل السيطرة على المرض، وبالتالي فلا حاجة لأخذ اللقاح.

ولفت الخزاعي إلى ما أسماه “عدوى الانتظار” حيث يفضل كثيرون أن يتريثوا حتى يروا آثار اللقاح على الآخرين ممن أخذوا المطعوم قبلهم، مؤكدا أن تقاعس الحكومة عن إعطاء اللقاحات للمسجلين في المنصة الخاصة بها ساهم في عزوف المواطن عن التسجيل كونه لا يرى فائدة محسوسة من ذلك.

وكان وزير الصحة نذير عبيدات، قد قال الجمعة في تصريحات لقناة “المملكة”، إن هناك شحا في توفر اللقاحات عالميا، مؤكدا أنه “يتم إعطاء اللقاح المضاد للفيروس لثلاثة إلى أربعة آلاف شخص يوميا”.

وبين أن الأردن وقع اتفاقيات مع عدة شركات لتوفير 30 بالمئة من اللقاحات المضادة للفيروس، مشيرا إلى “أن العمل جار لتوفير اللقاح لأكبر عدد من سكان الأردن بسبب السلالة الجديدة”.

وشهد الأردن ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات بفيروس كورونا خلال الـ30 يوما الماضية بما نسبته 30 بالمئة أسبوعيا، وبلغ إجمالي الوفيات منذ بدء الوباء في البلاد 4,528 وفاة، وإجمالي الإصابات 357 ألفا و611 إصابة.