مرايا – دعا سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي، إلى احترام القدس بوصفها الملتقى الإنساني المؤثر على الصعيدين القيمي والأخلاقي.

كما دعا سموه، إلى رؤية متكاملة في القدس، توظّف طرق البحث والرصد لتعدد الأفكار والمدارس المختلفة، مشيراً إلى أن الحديث عن المستقبل يتطلّب وجود الميزان الذي يمكّن من الحفاظ على الاستقرار الفكري، بما لا يسبب الضرر للمدينة والعرب المقدسيين من خلال التعرّض لعمليات الانتقام كما حدث منذ أول أيام الاحتلال تجاه حي المغاربة.

وأوضح سموه، خلال مشاركته في لقاء نظّمه منتدى الفكر العربي أخيرا، عبر تقنية الاتصال المرئي، أن الموروث يؤدي إلى الحضارة مقابل الهمجية، وأن وسطية القدس تدعونا إلى تلّمس مفاهيم التاريخ على أساس العِبر وليس على أساس استمرار الظلامة ومفهوم القلعة العازلة.

وأكد سموه أن جوهر مشروع “القدس في الضمير”، الذي دعا إليه سموه قبل عقود بمشاركة المرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين، يُعنى بالإنسان العربي والفلسطيني المقدسي الذي يعيش الأزمة المستمرة داخل المدينة المقدسة، وكذلك بمستقبل هذه المدينة وهويتها ودورها ودور الإنسان فيها.

وقال إن “المرصد الحضري الذي نريده، ومركز الحسن بن طلال لدراسات القدس ما بعد الدكتوراه، كما المركز الإسباني في الطنطور منذ سنة 1966، من شأنها أن تجسّر من خلال الدراسات المسافات بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، للحفاظ على الميزان الفكري الثقافي، فالفكرة الأساسية هي التعلّم من خلال فهم موروث الآخر، وأن بناء الثقة يقود على الأقل إلى الحوار القائم على القيم المشتركة”.

واضاف إن الأزمة هي أزمة قيم؛ فموضوع حقوق الإنسان والإسلام المعاصر كما يصورونه في الغرب، يدعو للتساؤل هل هي مسألة قيم أم هي مسألة هدف سياسي جديد بعد فشل الشيوعية النووية من ترهيب العالم لنصبح نحن مكان الاستهداف، مشيراً إلى أن مسألة الحوار لا تُبنى على فكرة عائمة مسبقة.

وتضمن اللقاء، محاضرة لمدير عام مركز الحسن بن طلال لدراسات القدس الدكتور محمد هاشم غوشة بعنوان: “صورة القدس في المخطوطات الأوروبية والإسلامية والعربية – المخطوطات الجغرافية أنموذجاً”.

وقال غوشة إن “وجود القدس في قلب العالم القديم شكّل فرصةً للجغرافيين ورسّامي الخرائط لإظهار المدينة المقدسة في مركز العالم، معتمدةً فيما يبدو على خريطة مأدبا الفسيفسائية المكتَشفة في كنيسة الروم الأرثوذكس في سنة 1884، أو لربما على خرائط سابقة نشرها بطليموس في القرن الثاني الميلادي، فخرجت من دير سانت سيفر في فرنسا إلينا خريطة دائرية للعالم ترقى إلى سنة 1150 تُظهر القدس في مركز الكرة الأرضية”.

من جهته، بين الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الدكتور محمد أبو حمور، أن برنامج “القدس في الضمير” الذي يرعاه سمو الأمير الحسن، يهدف إلى إبقاء ذاكرة الأمة حيّةً تجاه القدس ومقدساتها وكرامة الإنسان والوطن الفلسطيني، وأن الدور الفكري هو جزء من حماية المقدسات والحقوق العربية الإسلامية والمسيحية، وتعبير عن الترابط المصيري بين الأردن وفلسطين في ظل الرعاية الهاشمية للمقدسات والمسؤولية التاريخية والقومية والإنسانية تجاه فلسطين وشعبها وأرضها المباركة.

وشارك في اللقاء، الباحثة في تاريخ القدس وفلسطين من البحرين الدكتورة نائلة الوعري، وأستاذ دراسات التاريخ الإسلامي في جامعة الكويت الدكتور نعمان جبران، ورئيس جامعة أحمد يسوي التركية الكازاخستانية الدولية الدكتور جنكيز تومار، والباحث في الآثار الإسلامية من مصر الدكتور فرج الحسيني.

ولفت المشاركون، الى أهمية صورة القدس في المؤلفات الجغرافية والرحلية والخرائط بوصفها قلب العالم القديم ومركزه، والتي اتسمت في مختلف عصورها بالقداسة والتنوع، لافتين إلى أن الخرائط الغربية صورت القدس كنواة للعالم، كما ظهر مفهوم “القدس السماوية” الذي دلَّ على إلغاء فكرة الحاجة للحروب للوصول إلى الأماكن المقدسة.

وأكدوا أن خرائط القدس تعدّ مصدراً أساسياً لمعرفة معالمها في مختلف المراحل التاريخية.

وبيّن بعضهم الاهتمام المعاصر بالقدس وتاريخها، ومن ذلك مثلاً تزايد الاهتمام البحثي، مشيرين إلى الفروقات بين الخرائط الجغرافية الأوروبية والإسلامية والعربية، وأن الدور الفكري هو جزء من حماية الحقوق والمقدسات في القدس في ظل الرعاية والوصاية الهاشمية، والترابط المصيري بين الأردن وفلسطين والمسؤولية التاريخية والقومية والإنسانية.