مرايا – بين تداعيات أزمة جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية في دول الخليج تتخوف السلطات الأردنية من هجرة عكسية للعمالة الأردنية من دول الخليج للأردن بسبب فقدان هؤلاء العاملين وظائفهم.

الهجرة العكسية للعمالة الأردنية بدأت منذ عامين، ومن شأن هذه الهجرة زيادة نسبة البطالة المرتفعة أصلا في المملكة والتي تتجاوز 19.5%، إضافة إلى تراجع قيمة الحوالات المالية التي ترفد الخزينة الأردنية بأموال قدرت خلال 2019 بـ2.6 مليار دينار (3.7 مليارات دولار)، وفق تقرير “الجزيرة نت”.

وتتخوف المملكة من تكرار سيناريو عودة الأردنيين المغتربين بأعداد كبيرة كما جرى في عام 1990 إبان الغزو العراقي للكويت وما نتج عنه من عودة عشرات آلاف الأردنيين من دول الخليج.

بداية الأزمة
أزمة الهجرة العكسية المتمثلة بعودة العمالة الأردنية من دول الخليج الى الأردن بدأت منذ العام 2018 بعدما فرضت السلطات السعودية في يوليو/تموز 2017 رسوما على كل مرافق في عائلة الوافدين بقيمة 100 ريال شهريا، تزداد 100 ريال كل عام.

وانعكس ذلك بشكل سلبي على العاملين الأردنيين هناك، مما أدى إلى عودة نحو 5200 مهندس أردني خلال عام 2018 من أصل 14 ألف مهندس في السعودية، وذلك وفق دراسة لنقابة المهندسين الأردنيين اطلعت عليها الجزيرة نت، إضافة إلى آلاف المعلمين ممن يعملون في القطاع الخاص، وفق نقابة المعلمين.

الأرقام تتحدث
وبلغة الأرقام، سجلت حوالات المغتربين الأردنيين في الخارج تراجعا ملحوظا خلال الثلث الأول من العام الحالي وصلت قيمته إلى 51 مليون دينار (71 مليون دولار)، وبنسبة انخفاض بلغت 5.9% مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019.

ووفق إحصائيات البنك المركزي الأردني، بلغت حوالات المغتربين 800 مليون دينار (1.12 مليار دولار) في الثلث الأول من العام الحالي 2020، فيما بلغت قيمة الحوالات للفترة ذاتها من العام الماضي ما قيمته 851 مليون دينار (1.2 مليار دولار).

ووفق محافظ البنك المركزي زياد فريز، فإن حوالات المغتربين في الخارج تمثل أحد أهم التدفقات المالية الخارجية للأردن، وتفوق في قيمتها أحيانا قيمة المساعدات الرسمية وتدفقات الاستثمار المباشر.

خيارات محدودة أمام العائدين
الخيارات أمام العائدين تكاد تكون محدودة، فموظفو القطاع العام الحاصلون على إجازة بدون راتب سيقطعون إجازاتهم ويعودون إلى وظائفهم، ومنهم من سينشئ مشروعه الاقتصادي الخاص، أما بقية العائدين فسينضمون إلى طابور الباحثين عن عمل.

اعلان
وتقدم وزارة العمل للباحثين عن فرص عمل وطالبي الوظائف في القطاع الخاص فرصة “الربط مع أصحاب العمل”، وذلك من خلال منصة “سجل” الإلكترونية.

وقال وزير العمل نضال البطاينة للجزيرة نت إن الوزارة تعمل على ربط أصحاب العمل بطالبي الوظائف والباحثين عن العمل من خلال مديريات التشغيل ومنصة “سجل” الإلكترونية، إضافة الى التنسيق مع هيئة تنشيط الاستثمار لفتح فرص استثمارية بين الراغبين منهم بالاستثمار في أي من المجالات الاقتصادية.

وأشار البطاينة إلى أن الوزارة تساعد في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال الصناديق الإقراضية.

تسريح وهروب
أسباب عودة العاملين في الخليج تتعدد، فالمهندس أحمد الطراونة عمل في السعودية مدة 10 أعوام، لكنه غادرها بعد تسريحه من عمله وفق حديثه للجزيرة نت، فقد أوقفت الأزمة المالية في السعودية المشاريع التي تنفذها شركته، مما أدى إلى تسريحه وموظفي الشركة، فاضطره ذلك للعودة إلى الأردن والبحث عن عمل جديد.

أما المعلم عبدالله العبادي فغادر السعودية طواعية، وذلك بعدما فرضت رسوما عالية على إقامة الوافدين وعائلاتهم وفق حديثه للجزيرة نت، في حين غادر الأستاذ الجامعي محمد ملحم السعودية منتصف العام الماضي مخافة اعتقاله من قبل أجهزة الأمن السعودية بعد اعتقال زملاء له في الجامعة.

الوضع الاقتصادي في الإمارات ليس بأفضل حالا منه في السعودية، فالموظف السابق بحكومة أبو ظبي محمد البلوي قال للجزيرة نت إنه أنهى عمله هناك بعد تخفيض راتبه 40% منتصف عام 2019 وإلغاء البدلات الأخرى، مضيفا أنه يعتزم إنشاء مشروع خاص به.

القادم أصعب
الخبير العمالي أحمد عوض قال للجزيرة نت إن الأشهر المقبلة -خاصة الربع الأخير من العام الحالي- تحمل الأسوأ للعمالة الأردنية في الخليج، فأزمة كورونا وتبعاتها والأزمة الاقتصادية في دول الخليج تتعمقان، وهذا سيكون على حساب العمالة الأردنية هناك.

واضاف “إننا أمام أزمة جديدة بتسريح العمالة الأردنية في الخليج تضاف إلى الأزمات القائمة، وللأسف الحلول أمام الحكومة معدومة”، وقال إن القادمين من الخليج سينضمون لنحو 150 ألف عامل بالقطاع الخاص تم تسريحهم في المملكة، وهو ما يزيد الأمور تعقيدا.