مرايا – أشار التقرير الوطني الشامل، حول تغير المناخ في الأردن، إلى أنّ “تساقط الأمطار سيتراجع بحدود 15 في المائة، بحسب السيناريو المتوسط، لترتفع النسبة إلى 21 في المائة، بحسب سيناريو الحدّ الأقصى، فيما جفت الينابيع والمصادر الجوفية خلال السنوات الماضية، وتراجعت قدراتها بنحو 50 في المائة.

وقالت أمينة سر “جمعية التغير المناخي وحماية البيئة الأردنية”، ماري بحدوشة في تقرير لموقع “العربي الجديد”: “نحن كجمعيات بيئية نرى أنّ هناك إجراءات جيدة من وزارة البيئة الأردنية، لكنّها غير كافية لمواجهة تغير المناخ، وخصوصاً في الإطار التشريعي، فالمفروض تفعيل القوانين وتطبيقها، وأن تكون الرقابة مستمرة على كلّ الملوثات البيئية بشكل أكبر وأكثر حزماً، مؤكدة أهمية ألّا تكون التشريعات حبراً على ورق.

ولفتت إلى أنّ جهود الحكومة غير كافية، وخصوصاً في مجال التوعية، فالجمعيات البيئية غير قادرة على تقديم التوعية الكافية، فيما المجتمع يحتاج إلى التوعية بشكل أوسع وأكثر اهتماماً، للوصول إلى جميع الشرائح.

وأضافت: “نحن لا نعيش بمعزل عن العالم، والأردن يتأثر بتغير المناخ، وخصوصاً الارتفاع في درجات حرارة الأرض الذي قد يسبب كارثة بيئية في العالم، خصوصاً من قبل الدول الصناعية الكبرى، في ظلّ تزايد عدد السكان، فالجميع يعاني من أثر تغير المناخ هذا.

وأشارت بحدوشة: “بالرغم من أنّ الأردن كدولة ليست كبيرة في المساحة وعدد السكان، وغير صناعية، ونسبة الانبعاثات الكربونية غير كبيرة، مقارنة بالدول الصناعية، لكن علينا المحافظة على البيئة من خلال الاهتمام بالزراعة”، ولا سيما زراعة الأشجار، لزيادة نسبة الأوكسجين في الجو، فالأشجار جاذبة لمياه الأمطار، وتحبس كمية كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون.

ودعت السكان إلى تقليل كميات النفايات التي تخلفها البيوت الأردنية يومياً، وخصوصاً النفايات البلاستيكية ذات التحلل البطيء. وتؤكد بحدوشة أهمية الإدارة الصحيحة للمياه، والتقليل من استهلاك الطاقة من خلال التركيز على العزل في البيوت، ومحاولة الحدّ من استخدام الوقود الأحفوري في التدفئة، مثل الكاز والغاز والديزل، التي جميعها تسبب انبعاث كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون بشكل كبير، مشيرة إلى أنّ الذهاب إلى خيار طاقة الرياح والطاقة الشمسية يقلّل من الانبعاثات الكربونية في الأجواء.

ومن جانبه، قال مدير التغير المناخي، في وزارة البيئة الأردنية، بلال الشقارين لموقع “العربي الجديد”: “إنّ هناك إجراءات عدة يجري اتخاذها للتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ في الأردن، من بينها وضع خطة المساهمات المحددة وطنياً للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة، وقد تُرجمَت بشكل مشاريع تكيّف قابلة للتطبيق مع كلّ القطاعات ذات العلاقة، مثل الزراعة والمياه والطاقة”.

وأشار إلى وضع تشريع لتغير المناخ العام الماضي، “يعدّ الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، وينص في بنوده على تشكيل فرق باللجنة الوطنية، وأخرى فنية تشمل كلّ المؤسسات المعنية”.

وأوضح الشقارين أنّ اتفاقية تغير المناخ بدأت منذ عام 1992 من ريو دي جانيرو، في قمة الأرض، وجرى الخروج بثلاث اتفاقيات هي: التنوع الحيوي، والتصحر، وتغير المناخ، والأردن كان عضواً في الاتفاقيات الثلاث. ويلفت الشقارين إلى أنّ تغير المناخ متعلق بانبعاث غازات الكربون، سواء من العالم الصناعي أو الدول النامية، مشيراً إلى أنّ نسبة انبعاثات الغازات من الأردن بالنسبة إلى العالم شيء لا يذكر، وهي 0.06 في المائة.

وقال الشقارين إنّ المملكة الأردنية تقع في المنطقة الأكثر تأثراً في العالم بارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يؤثر بما يُسمى الأنظمة البيئية الهشة، و”أكثر ما هو هش في نظامنا البيئي في الأردن، الجفاف وندرة المياه من الأساس، ما يزيد تفاقم الأمور”. يتابع قائلاً إنّ الأردن لمواجهة هذا الوضع قدّم مساهماته في مؤتمر اتفاقية باريس، وتعهد في حينه بتخفيض الانبعاثات بنسبة 14 في المائة بحلول عام 2030.

وأشار إلى أنّ هذا مرتبط بتقديم دعم مالي وفني من الدول الكبرى والمؤسسات العالمية، وهكذا يسعى الأردن إلى إيجاد فرص تمويلية من أجل تطوير الكثير من المشاريع وخلق فرص عمل، لتقليص انبعاثات الكربون، وإيجاد مشاريع للتكيف مع تغير المناخ.

وقال الشقارين إنّ الأردن أنجز مشاريع ممتازة في مجال الطاقة المتجددة المعتمدة على الرياح والشمس، لافتاً إلى أنّ الأردن يحتل المرتبة السادسة عالمياً في إنتاج الطاقة المتجددة، والأولى في المنطقة، وهي مصادر طاقة نظيفة تخلو من أيّ انبعاث كربوني. ويلفت إلى أنّ هناك عملاً مستمراً على تحسين التربة ومصادر المياه والغابات، وخطة وطنية للبيئة والتكيف المناخي، لرفع مناعة المناطق ذات الحساسية العالية لتكون أكثر مقاومة لتغير المناخ، موضحاً أنّ الأردن قدم تقاريره والتوقعات المستقبلية حتى عام 2100، حول التغيرات البيئية التي ستمر بها المملكة، وبناءً على هذه الدراسات يجري العمل والتصرف حالياً.

لكن بالرغم من كلّ الحديث الحكومي عن مواجهة تغير المناخ والحفاظ على البيئة، تكشف بعض الإجراءات أنّ البيئة ليست عنوان اهتمام حكومي عام، بل يتعلق الاهتمام ببعض المؤسسات. وما جرى قبل أيام، عندما جرفت جهات أمنية 1600 دونم واقتلعت نحو 40 ألف شجرة وشجيرة في محمية فيفا التابعة للأغوار الجنوبية، يكشف مدى التناقض أحياناً بين الطموحات المعلنة والتطبيق على أرض الواقع.