مرايا – رغم مرور عام ونصف على عمر حكومة د.عمر الرزاز، إلا أن إنجازاتها المتحققة ضمن ملفي التصدير إلى العراق وتعزيز الاستفادة من تبسيط قواعد “المنشأ الأوروبية” ما تزال محدودة والفائدة شبه معدومة.
وزارة الصناعة والتجارة والتموين، بحكم مسؤوليتها عن ملفي التصدير الى العراق وتبسيط قواعد “المنشأ الأوروبية”، لم تنجح حتى اللحظة في زيادة الصادرات الى العراق والاتحاد الأوروبي رغم التسهيلات والاتفاقيات التي وقعت بهذا الشأن.
وما تزال الصادرات الوطنية إلى العراق تتراجع؛ إذ أظهرت آخر أرقام التجارة الخارجية الصادرة عن الإحصاءات العامة أن قيمة الصادرات الوطنية إليها تراجعت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة بلغت حوالي 8 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وبحسب تلك الأرقام، انخفضت قيمة الصادرات خلال الفترة بقيمة 22.5 مليون دينار لتصل الى 265.2 مليون دينار مقابل 287.7 مليون دينار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
التراجع في قيمة الصادرات الوطنية الى العراق جاء بخلاف الآمال والتوقعات الحكومية بحدوث انفراجة كبيرة أمام المنتجات الوطنية لزيادة التصدير اليها، خصوصا بعد توقيع حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المتعلقة بالشأن الاقتصادي وإعادة فتح المعبر الحدودي البري بين البلدين.
واتفق الأردن والعراق، خلال شهر شباط (فبراير) الماضي، حول ملفات اقتصادية واسعة أهمها تطبیق قرار إعفاء 344 سلعة أردنیة من الرسوم العراقیة ومشروع مد أنبوب النفط والمنطقة الصناعیة والنقل والكهرباء والزراعة والاتصالات وتكنولوجیا المعلومات، وكانت على هامش زیارة رئیس الوزراء إلى بغداد.
فاعليات صناعية بررت التراجع بالتصدير الى العراق الى جملة من الأسباب منها؛ استمرار وجود معوقات فنية تتعلق بالجمارك والنقل، إضافة الى ارتفاع كلف الإنتاج وعدم المقدرة عن المنافسة داخل السوق العراقية من مثيلاتها من المنتجات المستوردة من دول المنطقة.
وقال رئيس غرفة صناعة الأردن م.فتحي الجغيبر “إن القطاع الصناعي لم يستفد بالشكل المطلوب من الاتفاقيات التي وقعت بين الأردن والشقيقة العراق لوجود جملة من التحديات على رأسها ارتفاع كلف الإنتاج وعدم القدرة على المنافسة داخل هذه السوق من المنتج نفسه المستورد من دول أخرى”.
وبين الجغبير أن القطاع الصناعي، بدون إعادة النظر بكلف الإنتاج، وخصوصا الطاقة، لن يستطيع المنافسة وزيادة التصدير الى السوق العراقية، مبينا أن كلف الإنتاج في الأردن أعلى من الدول المجاورة بنسبة 35 % بسبب ارتفاع كلف الطاقة.
ودعا رئيس الغرفة الى ضرورة إعادة النظر بكلف الإنتاج، خصوصا فيما يتعلق بالطاقة من أجل زيادة الصادرات وتعزيز الاستفادة من الأسواق والاتفاقيات التي تربط المملكة مع العديد من دول العام.
وقال مسؤول ملف التصدير الى العراق في غرفة صناعة الأردن إيهاب قادري “إن تراجع التصدير الى العراق وعدم الاستفادة من الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مؤخرا بين البلدين جاءا بسبب استمرار وجود المعوقات الفنية المتعلقة بالنقل والجمارك”.
وبين قادري أن الغرفة على تواصل مستمر مع الجهات المعنية لحل تلك المعوقات، موضحا أن هنالك حلولا لتلك المعوقات بدأت تظهر على أرض الواقع، خصوصا فيما يتعلق بالنقل ومنح التأشيرات ودخول الشاحنات الى أراضي البلدين.
وطالب قادري بضرورة استمرار التواصل مع السلطات العراقية والعمل على تسهيل دخول المنتجات الأردنية، مؤكدا قدرة المنتجات الأردنية على تلبية احتياجات العراقية بجودة عالية.
وبهذا الخصوص، قال وزير الصناعة والتجارة والتموين د.طارق الحموري، في تصريحات سابقة لـ”الغد”: “إن الوزارة على تواصل مستمر مع الجارة الشقيقة العراق وتسعى الى حل جميع المعوقات الفنية التي تحول دون زيادة التبادل التجاري بين البلدين”.
وبين الحموري أن هنالك لجانا مشتركة بين البلدين تعقد اجتماعات دورية لما تم الاتفاق عليه لتحسين ومعالجة أي إشكاليات قد تحصل خلال التنفيذ، مؤكدا أن الأردن ينظر الى الجارة العراق كشريك حقيقي وصولا الى التكامل الاقتصادي الذي يحقق المنافع المشتركة للطرفين.
وفيما يتعلق بتبسيط قواعد “المنشأ الأوروبية”، تظهر آخر الأرقام الصادرة عن وزارة الصناعة والتجارة والتموين، أن إجمالي الشركات الصناعية التي استطاعت التصدير الى أوروبا لم يتجاوز 10 شركات فقط رغم مضي أكثر من ثلاث سنوات على قرار دخول قرار التبسيط حيز التنفيذ.
وبحسب أرقام الوزارة، فإن 15 شركة حصلت على تفويض واستكملت شروط ومتطلبات التصدير عبر هذا الاتفاق، إلا أن 10 شركات فقط تمكنت من التصدير وبقيمة تصل 41 مليون يورو؛ إذ كانت صادراتها الى اسبانيا وقبرص وفرنسا وهولندا وهنغاريا، إضافة الى بلجيكا والسويد.
وكان الاتحاد الأوروبي أعلن، نهاية العام الماضي، عن تقدیم مزید من التسهیلات على شروط اتفاق تبسیط قواعد المنشأ التي تم توقیعها بین الأردن والاتحاد الأوروبي العام 2016؛ إذ أصبح الاتفاق یشمل جمیع المصانع القائمة في المملكة بعد أن كانت محصورة في 18 منطقة صناعیة متخصصة والإبقاء على نسبة العمالة السوریة عند 15 %.
كما تم تمدید الاتفاق إلى العام 2030 بدلا من العام 2026، كما شمل الاتفاق تخفیض العدد الإجمالي لفرص العمل “المطلوب توفیرها للاجئین السوریین بشكل قانوني وفاعل” من 200 ألف إلى 60 ألف فرصة عمل على الأقل في مختلف القطاعات الاقتصادیة.
وبعد تحقیق شرط لـ60 ألف فرصة عمل للسوریین بشكل قانوني وفاعل، یلغى تلقائیا شرط توظیف 15 % من العمالة في أي مصنع یرغب بالتصدیر إلى أوروبا.
وقال رئيس غرفة صناعة إربد هاني أبو حسان “حتى اللحظة لا يوجد استفادة من اتفاق تبسيط قواعد المنشأ الأوروبية بالشكل المطلوب رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على دخول الاتفاق حيز التنفيذ”.
وبين أبو حسان أن نقص المعرفة الكاملة بالأسواق الأوروبية وضعف حملات الترويج وغياب الدراسات الكافية عن الأسواق الأوروبية وتحديد احتياجات الأسواق، كلها أسباب لتواضع الاستفادة من اتفاق تبسيط “المنشأ الأوروبية”. وشدد أبو حسان الذي يشغل أيضا النائب الأول لرئيس غرفة صناعة الأردن على ضرورة تعزيز التعاون ما بين الحكومة والقطاع الخاص من أجل تعزيز الاستفادة من هذا الاتفاق وفتح أسواق جديدة أمام المنتجات الأردنية داخل الأسوق الأوروبية.
واقترح أبو حسان، من أجل تعزيز الاستفادة من هذا الاتفاق، تشكيل لحنة فنية وكوادر مدربة تقوم بتحديد الفرص ودراسة احتياجات الأسواق الأوروبية من المنتجات الأردنية التي تمتلك الفرصة بالدخول والمنافسة، إضافة الى تفعيل دور سفارات المملكة في الترويج والتشبيك ما بين القطاع الصناعي والتجار الأوروبيين. وبدأت الوزارة، مؤخرا، بتطبيق خطة من أجل تحفيز المصانع وزيادة الصادرات إلى أسواق الاتحاد الأوروبي وتعزيز الاستفادة من التسهيلات الجديدة على قواعد “المنشأ الأوروبية” تتضمن توعية القطاع الصناعي الأردني بقرار تبسيط قواعد المنشأ ومضامين التسهيلات الجديدة.
كما تشمل إعداد دراسة تفصيلية حول السوق الأوروبية والمنتجات والمصانع الأردنية ذات الفرص التصديرية للاتحاد الأوروبي، عدا عن تفعيل دور الملحقين الدبلوماسيين الأردنيين في الترويج للاتفاقية وإعداد نشرات تعريفية بأبرز مزايا القطاع الصناعي الأردن والتركيز على تفعيل قرار تبسيط قواعد المنشأ من خلال تحديد العوائق غير الجمركية مثل المعايير الأوروبية والمواصفات، والمتطلبات الفنية، ووضع العلامات، وذلك بما يسهم في تلبية متطلبات دول أسواق الاتحاد الأوروبية.
الغد