مرايا – قضت المحكمة الدستورية خلال جلسة عقدتها برئاسة رئيسها هشام التل، برد الطعن بعدم دستورية الفقرة أ من المادة 11 من قانون الاستملاك رقم 12 لسنة 1987 وتعديلاته، والذي احيل اليها من محكمة التمييز الوارد إليها من محكمة بداية معان بناء على طلب من أحد أظراف دعوى موضوعية منظوره أمامها.
وبينت المحكمة في حيثيات الحكم أن مشروعية الفقرة أ من المادة 11 المطعون بعدم دستوريتها مستمدة من حكم المادة 11 من الدستور، التي أضفت على موضوع الاستملاك رداء المنفعة العامة، ما يجعل الدفع الذي أثارته الجهة الطاعنة غير قائم على أساس قانوني سليم وحريا بالرد.
وفي التفاصيل، أشارت المحكمة أنه تبين أن الطاعنين أقاموا لدى محكمة بداية معان، الدعوى البدائية الحقوقية بمواجهة المدعى عليها، وزارة الأشغال العامة، يمثلها وكيل إدارة قضايا الدولة، وأوردوا بصحيفة الادعاء، أنهم يملكون قطعة أرض من حوض أيل / بسطة من أراضي معان، وأن المدعى عليها، قامت باستملاك ما مساحته (3) دونمات و (800) مترٍ مربعٍ لغايات تصويب طريق مثلث وادي موسى، ثم تخلت عن 639 متراً مربعاً ، من المساحة المستملكة.
وخلص المدعون إلى طلب الحكم لهم بالتعويض عن المساحة المستملكة، والنتف والفضلات، وأثناء السير بإجراءات الدعوى تقدمت الجهة الطاعنة بمذكرة، تضمنت الدفع بعدم دستورية الفقرة (أ) من المادة (11) من قانون الاستملاك النافذ، بحجة مخالفتها لحكم المادة (11) من الدستور، وانتهت في ختام مذكرتها إلى طلب وقف النظر بالدعوى الأصلية، وإِحالة الملف إلى محكمة التمييز.
ووجدت محكمة التمييز أن المتطلبات القانونية التي أوجبتها الفقرة (ب) من المادة (11) من قانون المحكمة الدستورية النافذ بجدية الطعن متوفرة في طلب الجهة الطاعنة، وعلى هذه العلة القانونية أصدرت قرارها بإحالة الطلب إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه، ونهضت رئاسة محكمتنا بتنفيذ الإجراءات الوجوبية المبحوث عنها بالبندين ( 1 و2 ) من الفقرة (ب) من المادة (12) من قانون المحكمة الدستورية النافذ، وتم إرسال نسخة من قرار الإحالة الصادر عن محكمة التمييز إلى كلٍ من السادة: رئيس مجلس الأعيان ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء. وبمقتضى الكتب المنتهية على التوالي ورد كتاب رئيس الوزراء المؤرخ في شهر نيسان من العام الحالي مرفق به مذكرة رئيس ديوان التشريع والرأي وخلاصتها أن المادة (11) من قانون الاستملاك رقم (12) لسنة (1987) وتعديلاته، تتفق وأحكام الدستور، وأسباب الطعن لا ترد عليها وحرية بالرد، وطلب رئيس الوزراء اعتبار مذكرة ديوان التشريع والرأي، رداً على الطعن، تنفيذاً لأحكام البند (2) من الفقرة (ب) من المادة (12) من قانون المحكمة الدستورية.
كما قدم وكيل الجهة الطاعنة مذكرة إلى محكمتنا طلب فيها الحكم بعدم دستورية الفقرة (أ) من المادة (11) من قانون الاستملاك النافذ، لمخالفتها حكم المادة (11) من الدستور.
قررت محكمتنا الاكتفاء بما تم تقديمه من المذكرات، ورؤية هذا الطعن تدقيقاً، عملاً بالمادة (14) من قانون المحكمة الدستورية.
وفي الموضوع وبعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد أن الجهة الطاعنة، أسست طعنها بعدم دستورية الفقرة (أ) من المادة (11) من قانون الاستملاك النافذ ومنطوقها (مع مراعاة ما ورد في الفقرتين (ب) و(ج) من هذه المادة ، إذا كان الاستملاك لفتح أو توسيع طريق، أو إنشاء مشروع أسكان حكومي، فيقتطع مجاناً ما لا يزيد على ربع مساحة الأرض، إذا كان الاستملاك للطريق ، وما لا يزيد على ربع مساحة الجزء المستملك من الأرض، اذا كان الاستملاك لإنشاء مشروع الاسكان على ذلك الجزء، على ان تُخصص المساحة المقتطعة مجاناً لغاية إنشاء الطرق في مشروع الإسكان، ويكون المستملك ملزماً بدفع التعويض عن تلك المساحة في أيِّ وقتٍ بعد إنشاء المشروع إِذا لم يُنفذْ تلك الطرق، ويشترط في جميع عمليات الاستملاك أن يدفع التعويض عن كامل ما هو مُلحقٌ أو ثابت بالجزء المستملك من الأرض، كالأبنية والأشجار، وذلك مهما كانت الغاية من الاستملاك، على سندٍ من القول مؤداه، مخالفة حكم هذه الفقرة، لحكم المادة (11) من الدستور .
وبالرجوع لحكم المادة (11) من الدستور، يتضح أنها تنص على (لا يستملك ملك أحدٍ إلاّ للمنفعة العامة وفي مقابل تعويضٍ عادل حسبما يُعين في القانون)، وحيث أن الوقائع الثابتة حسبما تحصلناه من أوراق الدعوى والطعن، تؤكد أن واقعة الاستملاك تمت لغايات تحقيق منفعةٍ عامة موضوعها تصويب الوضع القائم لطريق مثلث وادي موسى، المتاح لاستخدامه من قبل الكافة، وحيث أن واضع الدستور أرسى في مادته الحادية عشرة مبدأين يتوجب الالتزام بأحكامهما أولهما أن يكون هدف الاستملاك تحقيق المنفعة العامة ، وثانيهما أن يتم دفع تعويض عادل إلى المالك.
وحيث أن الدستور بقوله (حسبما يعين في القانون) قد فوض المشرع لوضع قانون يتولى فيه تبيان الآليات والوسائل القانونية التي بمقتضاها تتوفر مِكْنَةُ تنفيذ مبدأي، المنفعة العامة والتعويض العادل، وحيث أن المشرع استند لهذا التفويض ومارس صلاحياته التي تخوله إجراء الملاءمات والمفاضلة بين مختلف البدائل، التي يستقل بتقديرها، مستجيباً لمقتضيات الصالح العام، وتحقيق المساواة بين المستملك والمالك، ولهذا وبالبناء على ما بيناه، تقرر المحكمة الحكم رد الطعن.