* اقتصاديون يعتبرون الخطوات الحكومية مستمدة من برنامج “النقد الدولي” المكروه شعبيا
مريا – اعتبر خبراء اقتصاديون، أن حكومة الدكتور عمر الرزاز لم تقدم حتى اليوم برنامجها الإصلاحي الاقتصادي الذي تحدثت عنه خلال الأشهر الماضية، متهمينها “بعدم اتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية سريعة من شأنها أن تنعش الاقتصاد وتبدأ بمعالجة المشكلات الاقتصادية”.
وبينما يرى بعض الخبراء أنّ الحكومة “تباطأت” في اتخاذ الإجراءات الإصلاحية وأنّ خطواتها تبقى مستمدة من برنامج صندوق النقد الدولي الذي يواجه اعتراضات وانتقادات شعبية واسعة، يعتقد آخرون أن العمل الروتيني لرئيس الحكومة ينتج عنه تأخير الإصلاح، وعدم وجود انسجام في الفريق الاقتصادي للحكومة أيضا.
كما اعتبر بعضهم، أن الحكومة واجهت تحديات استثنائية على المستوى المناخي لم تواجهها أي حكومة منذ عقود، فحادثة فيضانات البحر الميت شكلت مفاجأة غير سارة فيما تلتها بوقت قصير حادثة لم تقل إيلاما عن سابقتها بسيول عارمة اجتاحت مدنا في الجنوب، وهذا بحد ذاته شتت جهود الحكومة وأفرغ طاقتها.
وبالسياق، قال وزير الاقتصاد الأسبق سامر الطويل “التأخير الحكومي في الإصلاح سببه عدم وجود برنامج إصلاحي وطني وحقيقي تطرحه الحكومة، فيما سيكون البرنامج المطروح امتدادا لبرنامج صندوق النقد الدولي”.
وزاد الطويل “طالما أنّ البرنامج الذي ستأتي به الحكومة سيعكس وجهة نظر صندوق النقد الدولي فإنّه لن يسير بسهولة خصوصا أنّه معارض من قبل الشارع وله انعكاسات اقتصادية واجتماعية كبيرة.
قال “ذلك يعطي انطباعا أن الحكومة تتلكأ في السير في البرنامج”.
وتوقع الطويل ألا يكون البرنامج الذي ستأتي به الحكومة سوى “اضافة هدفها تجميل برنامج صندوق النقد الدولي”.
وأضاف ” الحكومة الحالية لم تأت ببرنامج مضاد تطرح فيه بدائل عن ما طرحه صندوق النقد الدولي وهي غير قادرة على المفاوضة على بدائل أفضل تجنبا للخضوع لشروط صندوق النقد”.
وبِلُغَةِ الأرقام، فقد قفز إجمالي الدين العام في الأشهر الثلاثة التي تلت تولي الحكومة مهامها بمقدار 500 مليون دينار وبمعدل 166 مليون دينار شهريا.
وبلغ الدين في نهاية أيلول (سبتمبر) 28.4 مليار دينار مقارنة مع 27.9 مليار دينار في نهاية حزيران (يونيو) الماضي، الشهر الذي تسلمت فيه الحكومة مهامها.
وفي نطاق آخر، أخذت أسعار السلع (التضخم) منحنى متطرفا إذ سجل التضخم معدلات سالبة الشهر الماضي والشهر الذي سبقه على التوالي في مؤشر يدلل على تراجع الطلب على إجمالي السلع والخدمات، في حين يعني استمراره تشكل خطر على مستوى النمو الاقتصادي.
وسجلت الموازنة العامة عجزا بين شهري تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر) الماضيين قبل المنح بمقدار 244 مليون دينار وهذا المؤشر أبدى تحسنا مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي إذ بلغ آن ذاك 423 مليونا.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور أنور الخفش أنّ أسباب تباطؤ النمو الاقتصادي تعود إلى “عدم وجود خريطة طريق للتحفيز الاقتصادي تسير عليها الحكومة الجديدة”.
وأضاف “كان من المفترض أن تكون حكومة الرزاز “اقتصادية” وأن تعط أهمية وأولوية لكتاب التكليف السامي من حيث تحقيق النمو والتنمية والمحافظة على التوازن النقدي إلا أنّ الحكومة “لم تقدم حتى اليوم أي خطة على الرغم من وعودها المتكررة بتقديم خطتها”.
وقال “نحن بحاجة إلى خريطة طريق اقتصادية لتحفيز الاقتصاد واستهداف تحقيق معدلات نمو اقتصادي تصل الى 4 أو5 %”.
أما أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، فأشار إلى أن تأخر الحكومة في تنفيذ الإصلاحات سببه الرئيسي والأول “أنّ رئيس الحكومة في الأردن ليس له ولاية عامة في اختيار فريقه الوزاري كاملا، ما يؤدي إلى فريق غير منسجم ومتكافئ”.
ويضاف إلى ذلك هو أنّ الحكومة تكلف بأعمال روتينية يومية تلهيها عن الإصلاح، “فهناك معارك جانبية وانشغالات روتينية تلهي أي حكومة عن السير في أي خطط تريد السير فيها”.
ورأى الحموري أنّ “النتائج لأي اجراء اقتصادي عادة ما تأخذ فترة زمنية” رغم أنّ الحكومة “اصلا لم تأخذ حتى اليوم إجراءات حقيقية تظهر نتائجها خلال الأشهر المقبلة”.
واعتبر، أنّ ما يجري في الاقليم يلعب دورا في هذا التأخير خصوصا في العراق وسورية ومحاربة الإرهاب”.
وختم الحموري بأن الحكومة الحالية ليس لديها في فريقها من يملك الرؤيا الاستراتيجية ويقود الفريق الاقتصادي لتحقيق إصلاح ملموس النتائج، فهم “عبارة عن موظفين حكوميين بدرجات عالية لا يحملون رؤى اقتصادية وطنية”.
من ناحيته، أكد وزير تطوير القطاع العام الأسبق ماهر المدادحة، أنّ السير في الإصلاح الاقتصادي بات بطيئا مع الحكومة الحالية، وذلك بسبب مواجهتها العديد من المشكلات الاخرى التي أخرت من السير في برنامجها أو حتى الإعلان عنه ومن ضمنها أحداث الغرق التي واجهت طلبة ومواطنين الاسابيع الماضية.
ورغم ذلك يرى المدادحة أنّ قانون ضريبة الدخل خطوة مهمة في إصلاح المالية العامة، وان كان “ضغط صندوق النقد الدولي والظروف المالية العامة” هي من ساهم في الاسراع في وضع القانون.
وقال “يجب أن تكون هناك خطة “استراتيجية” متوسطة المدى يتم الالتزام بها من قبل الحكومة، مع التأكيد على أن لا تكون هذه الخطوة مجرد تكرار للخطط السابقة التي وضعت من قبل الحكومات المتعاقبة”.