مرايا – لن يحملوا حقائبهم المدرسية بعد اليوم…. لن تحضنهم اسرهم بعد اليوم ولن يتمكنوا من الاحلام…كان وداعهم لامهاتهم وابائهم يوم الخميس الماضي الوداع الاخير وما اوجعه من وداع ابدي لن يعودوا بعده لاحضان امهاتهم وابائهم.

رحلة الموت كما سميت لم تكن عادية وطبيعية لاطفال وطلاب صفوف السادس والسابع والثامن لمدرسة فكتوريا التي نظمت رحلة في وقت غير المعتاد للرحلات المدرسية ضاربة بعرض الحائط تحذيرات الارصاد الجوية من الامطار والسيول.

وان كانت هذه الاقدار الا ان الاسباب وراء الحادث تبقى هي وهذا الامر لا يلغي حقيقة وجود اسباب واهمال وتقصير اودى بحياة اطفال وادمى قلوب امهاتهم وابائهم والاردنيين جميعا.

ولعل حادث البحر الميت يعيد الى الاذهان مسلسل حوادث حدثت لاطفال وطلاب كان سببها الرئيس الاهمال فقبل سنوات توفي طفل في مدرسته نتيجة الغرق ودخوله لبركة المدرسة بعد ان انزلت حافلة المدرسة الطلاب دون ان يكون هناك رقيب عليهم ليتوجه الطفل الى بركة السباحة ويغرق دون ان يلتفت احد لغيابه الا بعد فوات الاوان.

حوادث تقف الكلمات امامها عاجزة عن التعبير وعن نقل مشاعر امهات واباء فقدوا اطفالهم لنعيد التساؤل المشروع الذي يتبادر اليوم وكل يوم تتجدد به مثل هذه الحوادث كيف يمكن للعقاب ان يكون حقيقيا ورادعا.

كيف يمكن عدم الاكتفاء بلجان تحقيق فقط وانزال اقصى العقوبات على من تسبب بمثل هذا الحادث الاليم.

لم يعد اليوم مقبولا امام حادث كهذا اودى بحياة 21 شخصا جلهم من الاطفال وزرع الحسرة والالم في قلوب امهاتهم وابائهم ان لا تاتي العقوبات صارمة لكل من يثبت تقصيره.

مدرسة فكتوريا وتبعا لتصريحات وزارة التربية والتعليم غيرت مسار الرحلة.. ولماذا لم تلغ الرحلة في ذاك اليوم بعد ان حذرت الارصاد الجوية من تساقط للامطار والسيول ورياح قوية ؟.

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي والخبير في مواجهة العنف قال تفاوتت ردود الفعل حول فاجعة البحر الميت من تقبل القضاء والقدر الى تحميل المسؤولية على جهات محددة كالحكومة وزارة الاشغال ووزارة التربية والتعليم وعلى مالك وادارة المدرسة في حين حمل البعض الاهالي للسماح لاطفالهم بالذهاب للرحلة بالرغم من تحذيرات الدفاع المدني بحدوث سيول جارفة الا ان ما يمكن طرحه هو هل كان بالامكان الوقاية من هذه الفاجعة ؟.

واضاف جهشان: لقد تم اختيار مكان راحة واستجمام للاطفال خلال الرحلة في وادي مجرى سيل وان كان جافا شكل خطرا كبيرا كونه مخالف للمنطق ولتحذيرات وزارة التربية والتعليم خاصة في ظل تحذير واضح من قبل الارصاد الجوية والدفاع المدني خلال الايام الاربعة السابقة اضافة الى انه كان من المتوقع ان تقوم وزارة التربية والتعليم بتوجيه الغاء الرحلات لوجود تحذير مسبق من الارصاد الجوية.

واشار كان متوقعا من ادارة السير ان تغلق الطرق بالاماكن الخطرة بسبب وجود تحذيرات سابقة علاوة على مسؤولية وزارة الاشغال بعدم صيانة الطرق وتحديد الاماكن الخطرة بمرجعية خبراء الهندسة اضافة الى ان هناك تقصيرا من قبل وزارة السياحة التي لا تعتني بمثل هذه المناطق وغياب الارشادات التحذيرية الواضحة والمعلن عنها والمصانة بشكل جيد لتشترك هذه الجهات بالمسؤولية خاصة وان وزارة السياحة قامت بالترويج لسياحة المغامرات بشكل عاجل دون دراسة حقيقية للواقع ومدى توفر الامن والسلامة لمناطق هذه السياحة.

واكد جهشان كان على الجهات المعنية ان توفر المعلومات المتعلقة بالمخاطر التي تهدد الطلاب الى المواطنين واهاليهم بشكل يضمن وصول المعلومة بشكلها الصحيح كما من المتوقع ان تقوم وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة السياحة بتحديد اماكن آمنة وفيها مواصفات السلامة وحماية الاطفال وحصر اماكن الرحلات بهذه الاماكن غير الخطرة اضافة الى ضمان ان يكون هناك تصميم وتنفيذ للطرق قد تم بشكل علمي وبشكل يضمن انسياب حركة المركبات.

واكد جهشان ان وقوع مثل هذا الحادث يتطلب تحديد مسؤولية كل جهة بدءا من ادارة المدرسة مرورا بوزارة التربية والتعليم ومنحها موافقات الرحلات بمثل هذه الفترة من العام وعدم الغائها للرحلة الى جاهزية الطرق ودور وزارة السياحة بتحديد الاماكن الخطرة وعدم تركها متاحة للجميع.

هذا الحادث يتطلب الوقوف بوجه اي اهمال وتقصير يحدث ومعاقبة من ساهم بوقوع الحادث ويتطلب مراجعة كاملة لوزارة التربية والتعليم للرحلات المدرسية وآلياتها واجراءاتها وان يكون لها دور اكبر من مجرد منح الموافقات او حجبها فاماكن الرحلات التي تحددها المدارس لا تناسب الكثير من الطلاب خاصة مع لجوء العديد من المدارس لتنظيم رحلات تعليمية تندرج تحت مسميات اخرى كالمغامرة والتحديات وغيرها.
الرأي