مرايا – صادق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على قانون إلغاء عقوبة الإعدام في القانون الفلسطيني كشرط لانضمام فلسطين لعدد من المواثيق والمعاهدات الدولية.

يذكر أن عباس قد صادق في السادس من الشهر الجاري على انضمام فلسطين لـ 7 اتفاقيات وبروتوكولات دولية من بينها العهد الثاني للميثاق السياسي والمدني المتعلق بمنع عقوبة الإعدام للدول المنظمة إليه، بالإضافة لبروتوكولات دولية تتعلق بأمور البيئة وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب.

قانون مثير للجدل

يعد قانون الإعدام في الأراضي الفلسطينية من القضايا التي أثارت الجدل بين المنظمات الحقوقية والقضاء الفلسطيني خصوصا بعد أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، والتي شهدت بعدها تنفيذ القضاء في غزة حكم الإعدام لعدد من المتورطين في قضايا التخابر مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي أدانتها السلطة الفلسطينية لأنها لم تستكمل باقي الإجراءات القانونية المتمثلة بمصادقة الرئيس على تنفيذ هذه العقوبة.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، أن “دخول فلسطين في نادي المنظمات الدولية يتطلب منها أن تلتزم بما تنص عليه هذه القوانين، والسلطة الفلسطينية بدورها لا تعارض تعديل قانون العقوبات بما يسمح لها بممارسة حرية استخدام كافة صلاحيتها في هذه المنظمات”.

تنظم عقوبة الإعدام في الأراضي الفلسطينية لثلاثة قوانين للعقوبات، أحدها قانون عسكري، صدر عن منظمة التحرير، والآخران قانونان مدنيان أحدهما مطبق في الضفة الغربية والآخر في قطاع غزة.

تستند المنظمات الحقوقية في إدانتها لقانون الإعدام من منطلق استخدامها لأغراض سياسية مثل جريمة “التآمر على قلب نظام الحكم”، كما يطبق حكم الإعدام في القانون المدني ضد القضايا الجنائية المتمثلة بتنفيذ الإعدام لمن ثبت تورطه في قتل شخص متعمد، أما القضاء العسكري فيتولى مهمة إصدار قانون الإعدام في المتورطين في قضايا التخابر مع الجيش الإسرائيلي والتي أدت لاستشهاد مقاومين فلسطينيين.

يضيف أبو يوسف أن “السلطة الفلسطينية لا تولي عقوبة الإعدام أولوية في كل القضايا التي تصل للمحاكم وتعطي للقانون العرفي “العشائري” فرصة لتصفية الخلافات بغرض حماية الأروح، وحتى في القضايا العسكرية فإن الجاني يلقى مصيره في إصدار العقوبة ولكن تنفيذ الحكم لا يصدر متسرعا ويستغرق فترة زمنية تزيد عن 10 سنوات، وهو ما لم تلتزم به حماس في غزة، التي أعدمت العشرات بحجة التخابر دون أن يستخدم الجاني حقوقه القانونية في الدفاع عن نفسه”.

ودعا أبو يوسف قضاء حماس إلى “الالتزام بهذا البروتوكول وعدم التصرف بشكل منفرد في تطبيق العقوبة، لأن من شأن ذلك تعريض السلطة الفلسطينية للمساءلة من المنظمات الدولية التي قد تعاقبها بإخراجها من هذه المنظمات في حال نفذ حكم الإعدام بحق المدانين في أراضيها”.

وتشير تقديرات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى أن عدد أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم الفلسطينية “المدنية والعسكرية” وصل إلى 202 حكما منذ نشأة السلطة في العام 1994، من بينها 172 حكما في قطاع غزة، و30 حكما في الضفة الغربية، تم تطبيق عقوبة الإعدام بحق 41 مدانا منهم 39 من قطاع غزة صادق الرئيس على 11 منها، والباقي تم تطبيقه بعد الانقسام الفلسطيني التي تولت المحاكم العسكرية تنفيذها بحق العملاء.

حماس تتحفظ

بدوره أكد رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي النائب عن حركة حماس، يحيى موسى، أن “انضمام السلطة الفلسطينية للبروتوكولات والمعاهدات الدولية لا يعفي القضاء من تطبيق القانون، وقانون الإعدام ليس هدفا بحد ذاته بل هو إجراء وقائي يطبقه القضاء لحماية المجتمع من جرائم القتل سواء أكانت جرائم جنائية أو ما يتعلق بقضايا التخابر مع الاحتلال الإسرائيلي.”

وأضاف النائب موسى أن “نواب المجلس التشريعي في غزة سيواصلون دعم تنفيذ تلك العقوبة بغض النظر عن مصادقة الرئيس على بروتوكول إلغاء عقوبة الإعدام والذي يعد مخالفة للمادة 41 من القانون الأساسي الفلسطيني للعام 2003”.

تسرع السلطة

إلى ذلك أكد أستاذ القانون المستشار، أحمد حسنية، أن “كل القوانين الذي يستند إليه القضاء الفلسطيني في تطبيق قانون الإعدام هي قوانين عسكرية معمول بها منذ الانتداب البريطاني قبل 100 عام، وبذلك كان لزاما على المؤسسة القضائية والتشريعية الفلسطينية أن تعيد النظر في نظام العقوبات ليتلاءم مع التطورات السياسية التي حدثت في النظام الدولي الجديد”.

وأضاف المستشار حسنية أنه “كان يجب على السلطة الفلسطينية أن تعيد النظر في إلغاء هذه العقوبة بعد إنهاء الانقسام السياسي مع قطاع غزة، لأنه بهذه الحالة ستعاقب من قبل المنظمات الدولية في حال نفذ القضاء في غزة حكما للإعدام كون قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أراضي السلطة الفلسطينية”.