مرايا – بيع الأرض والعودة إلى العمل فيها بالأجرة، أو العمل على ضمانها، هو الحل الذي لجأ إليه عشرات المزارعين في وادي الأردن، للتخلص من ديون متراكمة أرهقتهم، بعد أن أصبحت مزارعهم جرداء وجافة، وخصوصا مزارع الحمضيات جراء عدم قدرتهم المالية على الاستمرار في زراعتها وريها.
ويؤكد مهتمون في القطاع الزارعي، أن ما وصلت إليه الأمور يعكس عدم جدية الحكومات المتعاقبة في الحفاظ على المزارع ومهنته، التي طالما أكدت أهمية دعم القطاع الزراعي والنهوض به.
ولا يخفي المزارع محمد الزينات أنه اضطر لبيع أرضه جراء تراكم الديوان عليه، بسبب الخسائر التي مني بها جراء الكوارث الطبيعية وضعف التسويق وإغلاق المنافذ الحدودية مع الأسواق الخارجية، مشيرا الى أنه يعمل الآن في مزرعة مقابل الحصول على أجرة يومية. ويؤكد أن قلبه يعتصر ألما على ما حل به من أوضاع أجبرته على بيع أرضه.
ويؤكد مزارع آخر طلب عدم نشر اسمه، أنه اضطر الى بيع أرضه والعمل فيها كأجير لدى المشتري لوقف الديون والخسائر التي يمنى بها في كل موسم.
وأشار الى أن المالك الجديد للمزرعة أبقاه للعمل فيها لإكمال الموسم الزراعي كونه هو من زرعها.
المزارع أيمن يوسف لا ترى عيناه وهو جالس في وسط أرضه أبعد من سياج مزرعته التي لم يحصد منها إلا الديون، والهروب من وجه العدالة، لحين تصويب أوضاعه ليجلس حبيسا بين بيته وأرضه المهجورة، بعد أن وجد نفسه في متاهة الارتهان لمؤسسات دائنة، سعيا للوصول إلى زراعة ناجحة.
وأكد أن العمل الزراعي في الوادي أصبح غير مجدٍ ولا يحقق مكاسب مادية عكس السنوات الماضية.
وأشار خالد البشتاوي، إلى أن أغلب مزارعي الوادي، وخصوصا صغار المزارعين، أصبحوا مطلوبين قضائيا بسبب تراكم المطالبات المالية عليهم، للجهات الإقراضية من بنوك ومؤسسات زراعية.
ويتابع البشتاوي “أن سنوات العمل المضنية بالزراعة كفيلة بتحول مزارعين إلى هاربين من وجه العدالة، نتيجة شيكات بدون رصيد وقعوها مقابل حصولهم على مستلزمات الإنتاج الزراعي على أمل سدادها عند جني المحصول، إلا أن سلطة وادي الأردن، فاقمت الأمور عليهم بعد أن أصدرت قرارا بتخفيض ساعات الضخ للمزارعين في وادي الأردن، وخاصة أن هناك العديد من الزراعات الخضرية التي تحتاج الى كميات أعلى من 6 ساعات”.
ويقول “إن سلطة وادي الأردن قامت بتقليل ساعات ضخ المياه من 9 ساعات في الأسبوع الى 6 ساعات، بحجة عدم توفرها وقلتها، مما أدى الى جفاف المزارع وخصوصا المزارع الخضرية والورقية”.
ويؤكد أنه لم يجنِ من مهنة الزراعة التي ورثها عن أجداده إلا الفقر والخسائر المتتالية، مشيرا الى أنه لم يعد قادرا على الصمود أمام تلك المصاعب التي تواجهه، ما دفعه لعرض أرضه للبيع هربا من شبح السجن، ومتطلبات الحياة الباهظة.
ويحمل رئيس جمعية مزارعي وادي الريان، مثقال الزيناتي، الحكومة، مسؤولية تردي القطاع من خلال إعلانها الوقوف إلى جانب المزارع، فيما الواقع أثبت غرقه بمتاهات من خلال سياسات وقرارات غير مدروسة، مستشهدا على ذلك بقرار منع تقليل الزراعات الصيفية التي تعتمد عليها العديد من الأسر لتسديد التزاماتها، من أقساط وديون متراكمة عليهم من بقالات وجامعات ومدارس.
وتنتشر في وادي الأردن، بحسب مزارعين، ظاهرة “الشيكات بدون رصيد”، ويعد صغار المزارعين أكثر ضحاياها نتيجة سرعة انهيارهم ماديا مع أول موسم خسارة.
ومن جانبه، أكد مساعد أمين عام سلطة وادي الأردن في لواء الغور الشمالي، المهندس غسان عبيدات، أن السلطة تدرس قرارا بزيادة عدد ساعات الضخ للمزارعين، مشيرا الى أن السلطة تعمل صيانة للمضخات التابعة لزيادة قوة المياه.
ويذكر أن نسبة المساحة المزروعة بالخضراوات في مناطق الأغوار للعروة التشرينية انخفضت العام الحالي بما نسبته 3 % مقارنة بالعام الماضي؛ حيث تقلصت إلى 139.600 دونم مقابل 144.144 دونما، وبالمقابل زادت المساحة المزروعة بالمحاصيل الحقلية بنسبة 23 % لترتفع إلى 20.650 دونما مقابل 16.835 دونما، وبلغت المساحة الكلية المزروعة بالخضراوات والمحاصيل الحقلية والأشجار المثمرة نحو 251 ألف دونم، وبنسبة نمو 1 % مقارنة بالعروة التشرينية للعام السابق 2011.
واستحوذت المساحة المزروعة بالمحاصيل الحقلية في منطقة الشونة الشمالية على أكثر من نصف إجمالي المساحة المزروعة وبنسبة بلغت 56 %.