ما تزال حالات غرق الأطفال في البرك الزراعية والمسطحات المائية، المنتشرة في مختلف مناطق وادي الأردن، تُلقي بظلالها الثقيلة على سكان هذه المناطق مسببة لهم قلقا، لا يستطيعون التخلص منه، خصوصا وهم ينامون ويستيقظون على وفاة طفل أو شاب غرقا في بركة زراعية أو مسطح مائي أو قناة الملك عبدالله.

فها هو الطفل ياسين، ذو الربيعين، وفي غفلة عن والديه يفارق الحياة غرقا بعد أن انزلقت قدماه في بركة زراعية قريبة من منزله، والتي عبارة عن “خيمة” لا تقي حرارة صيف لاهبة ولا شتاء برد قارس.

ويدرك الوالدان المكلومان، بعد تناول إفطارهما بقليل، بأن فلذة كبدهما (ياسين) غير متواجد في “الخيمة” أو حولها، فيسارعان إلى البحث عنه، ليجداه ملقى على سطح مياه بركة زراعية، وقد فارق الحياة.

قصة ياسين، الذي لم يشبع بعد من حليب والدته ولم يمارس طفولته كباقي أقرانه، تشبه الكثير من قصص العشرات من الأطفال الذين قضوا غرقا في برك زراعية أو مسطحات مائية أو قناة الملك عبدالله المتواجدة بمختلف مناطق وادي الأردن.

غالبية المزارعين من غير الأردنيين يقومون بنصب “خيامهم” في أراض زراعية قريبة من برك المياه، وذلك للاستفادة منها في الأعمال المنزلية كالغسيل وغيرها من الأعمال الضرورية لأي بيت.. ورغم يقينهم وإدراكهم بخطورة مثل هذه البرك والمسطحات المائية على أرواح أبنائهم، وخاصة الأطفال منهم، إلا أنهم لا يتخذون الاحتياطات اللازمة كاحاطتها بسياج أو عدم متابعة ومراقبة أبنائهم عند خروجهم من مكان سكناهم.

ورغم التحذيرات والجهود التي تبذلها الجهات المعنية للحد من ظاهرة الغرق في البرك الزراعية والمسطحات المائية إلا أن هذه القصص تتكرر كل عام ليخيم الحزن على عائلات يجهل أرباب أسرها وأبناؤهم خطورة الاقتراب أو السباحة في هذه الأماكن.

يذكر أن عدد حالات الغرق التي وقعت في مناطق وادي الأردن منذ بداية العام الحالي بلغ 7 حالات، اثنتان منها في البحر الميت، وثلاث حالات في قناة الملك عبدالله، واثنتان في برك زراعية ليرتفع عدد الذين قضوا غرقا في برك زراعية إلى 8 حالات منذ العام 2015.

وتشير أرقام المديرية العامة للدفاع المدني إلى أن ما نسبته 70 % من حالات الغرق في مناطق وادي الأردن هم من الأطفال، وما يزيد على 60 % منها في قناة الملك عبدالله وبرك زراعية وسدود.

ويبلغ عدد البرك الزراعية المنتشرة على امتداد وادي الأردن نحو آلاف بركة زراعية، حسب تقديرات وزارة الزراعة.

مصدر في سلطة وادي الأردن أوضح أن السلطة تبذل جهودا كبيرة للحد من مخاطر الغرق في قناة الملك عبدالله من خلال إدامة أعمال صيانة السياج على طرفي القناة، ووضع إشارات تحذيرية وتسيير دوريات لمراقبتها بشكل يومي، لافتا في الوقت نفسه إلى أن السلطة مسؤولة عن إيصال المياه إلى الوحدات الزراعية “وليس لديها أي صلاحية لإجبار المزارعين على اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند انشاء البرك الزراعية والتي يفترض أن لا يقترب منها أو تستخدمها إلا المزارع نفسه”.

بدوره، أكد مدير زراعة وادي الأردن المهندس بكر البلاونة أن دور وزارة الزراعة في هذه القضية “إرشادي”، إذ يقوم المعنيون في الارشاد الزراعي بشكل دوري بتثقيف المزارعين وحثهم على مراعاة شروط السلامة العامة عند إنشاء برك زراعية ووضع الشواخص التحذيرية اللازمة لذلك، داعيا أصحاب البرك الزراعية إلى ضرورة مراعاة هذه الشروط خاصة تسييجها، لمنع وصول الأطفال إليها.