مرايا – دعت تقارير منظمات حقوقية ومجتمع مدني، في إفاداتها المرفوعة مؤخرا للأمم المتحدة في سياق الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان الثالث (UPR)، المزمع مناقشته أواخر العام الحالي، إلى إلغاء ما وصفته بـ”القيود” المفروضة على مراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني بإجراء أبحاثها ومسوحاتها الميدانية، حيث يشترط القانون حصولها على موافقة مسبقة من مجلس الوزراء.
وتضمنت عدة تقارير لتحالفات حقوقية ضمن بند الحقوق المدنية والسياسية، توصية بتعديل قانون الإحصاءات العامة وأنظمته للسماح بحرية إجراء الدراسات المسحية واستطلاعات الرأي، وإصدار نتائجها دون شرط الحصول على موافقة الحكومة على نشر النتائج.
وتشترط المادة 4 الفقرة “ح” من القانون المذكور موافقة مجلس الوزراء المسبقة على إجراء أي مسح متخصص لأي جهة تطلب ذلك، فيما تنص التعليمات التنفيذية أيضا على شروط للحصول على إجراء مسح، من بينها تقديم معلومات تفصيلية عن منهجية المسح وفريق العمل مع إرفاق عدم محكومية للباحثين واشتراطات أخرى.
وفيما لا تتوفر إحصائية محددة حول عدد طلبات المسوحات التي قدمت لدائرة الإحصاءات خلال العام الماضي من مؤسسات مجتمع مدني أو جهات خارجية لإجراء دراسات أو مسوحات، قال مدير عام الدائرة د. قاسم الزعبي  إن الدائرة “لم ترفض أي طلب لإجراء مسوحات من أي جهة”، مؤكدا أن ما نص عليه قانون الدائرة هو مجرد “ضوابط لتنظيم العمل المسحي والاحصائي وليست قيودا تحد من حق الحصول على المعلومة”.
وقال، إن الحديث عن قيود” ليس دقيقا”، موضحا أن “العملية تنظيمية وهذه دولة ولها هيبتها، إضافة الى أن الدخول إلى منازل وبيوت المواطنين أساسي لإجراء بحث أو استطلاع إحصائي، وبالتالي يجب أن تكون هناك ضوابط حفاظا على أمن المواطنين”.
وأكد أنه “لا تأخير لأي مؤسسة محلية أو دولية ترغب بإجراء مسوحات، والموافقات تكون جاهزة خلال أيام”، معتبرا أن منح بطاقة الاحصاءات لهم هي من باب “التسهيلات والميزة.”
وبشأن تدخل الدائرة بمضامين المسوحات، نفى الزعبي ذلك، قائلا: إن “من حق الإحصاءات التحفظ على بعض الاسئلة ضمن المسوحات التي من شأنها إثارة نعرات طائفية أو دينية أو التي قد تعد بيانات تخص أجهزة الدولة”.
وأضاف، “نجمع في دائرة الإحصاءات أحيانا بيانات ولا نقوم بنشرها حفاظا على الأمن الوطني”، وراى أن من واجب الإحصاءات رفض أسئلة قد تثير “نعرات طائفية أو طرح أسئلة من قبيل الاستفسار عن انتماء البعض لتنظيمات غير مشروعة أو خارجة عن القانون مثلا”.
وقال الزعبي “لم يحصل أننا منعنا نتائج أي استطلاع أو مسح لأي مؤسسة مجتمع مدني، بل نتساعد أحيانا في تقديم الاستشارة لمنهجية المسح أو طريقة سحب العينة بحيث يمكن تعميم النتائج، وحتى لا يكون المسح غير منهجي”.
وأشار إلى أن أغلبية الطلبات التي تتلقاها الدائرة تتعلق بمسوحات من مراكز دراسات وأبحاث متخصصة، فيما طلبت بعض المنظمات مساعدتها بمسح بعض العينات بمناطق نائية.
من جهته، تحفظ مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض والعضو في “تحالف إنسان” على الإجراءات الرسمية لدائرة الاحصاءات حول موافقات المسوحات، معتبرا أن اشتراط الموافقة المسبقة “مخالف لمعايير حق الحصول على المعلومات” التي نصت عليها المواثيق الدولية.
ورأى أن العديد من الجوانب الفنية تتعلق بالجهة الطالبة للمسح، وليست من شأن “الاحصاءات”، خاصة فيما يتعلق بالمنهجية وأدوات البحث وكذلك النتائج.
وقال عوض إن هناك “تدخلات” من الإحصاءات بكل مراحل المسح، واعتبر أن هذا “يشكل انتهاكا لحق الحصول على المعلومة، خاصة وأننا كمراكز دراسات أو منظمات مجتمع مدني نخضع بطبيعة الحال لشروط ترخيص وقيود عديدة، وليس بالضرورة للمنهجية التي تعتقد دائرة الاحصاءات أنها صحيحة تتناسب معنا، ولدينا تطوير على بعض المنهجيات.”
وأشار عوض إلى منعه من إجراء مسح في تشرين الأول (اكتوبر) 2017، حول “سوق العمل والمهارات عند الأردنيين والسوريين”، دون إبداء مبررات لسبب المنع.
من جهتها، قالت المحامية باتحاد المرأة والناشطة الحقوقية هالة عاهد، إن العديد من تقارير إفادات أصحاب المصلحة للاستعراض الدوري “تضمنت مطلبا برفع القيود عن إجراء المسوحات والدراسات الميدانية”، معتبرة ذلك “قيدا إضافيا” على مؤسسات المجتمع المدني.
وأشارت إلى أن مؤسسات المجتمع المدني “تخضع لمراحل طويلة من الترخيص والحصول على تمويل وموافقات للمشاريع من الجهات الرسمية مسبقا”، فيما يفرض أيضا قانون الاحصاءات قيودا على عملية إجراء المسوحات.