مرايا – دفع عدم قدرة روسيا والحكومة السورية على حسم السيطرة على الجنوب السوري ومنطقة الـ55 في مثلث الحدود الأردنية السورية العراقية عسكريا، بسبب الفيتو الأميركي على ذلك، بروسيا، الى سلوك طريق المصالحات مع هذين الجيبين اللذين ما تزال المعارضة السورية تمسك بهما بقوة في جنوب وشرق البلاد.
فبعد إلقاء مروحيات تابعة للجيش السوري منشورات تدعو الفصائل والسكان للمصالحة، تحاول روسيا وعبر وسطاء عشائريين إجراء مصالحات مع سكان مخيم الركبان والفصائل الموجودة في المنطقة، شريطة مشاركتها القوات السورية الحكومية بمحاربة تنظيم “داعش” في البادية وبمحيط دير الزور، خصوصا وأن المخيم يستوعب آلاف الشباب والمقاتلين.
ورغم أن محاولات المصالحة نجحت مع عشرات العائلات في المخيم الذي يقيم فيه حوالي 85 ألف نازح بسبب نقص الغذاء والدواء، إلا أن فصائل المعارضة الموجودة به وأغلب سكانه رفضوا هذه المحاولات، خصوصا وأن هناك عدم ثقة من قبل نازحي المخيم من اعتقال الشباب أو إجبارهم على الخدمة العسكرية القسرية.
وهو ما يؤكده الناطق باسم قوات الشهيد أحمد العبدو المتواجدة بالمخيم، سعيد سيف، بقوله إن الفصائل والسكان رفضوا المحاولات الروسية، التي جرت من خلال وساطات للمصالحة والعودة الى مناطقهم.
وأضاف سيف ، أن هناك عدم ثقة من قبل السكان بعدم تعرضهم للاعتقال أو التجنيد الإجباري القسري، خصوصا وأن روسيا تشترط للمصالحة وعودة السكان الآمنة الى مناطقهم مشاركة قوات النظام بمحاربة “داعش” في الشرق السوري.
يرتبط مصير مخيم الركبان على الجانب السوري من الحدود الأردنية السورية الشرقية باستمرار منطقة الـ55، والتي يحميها التحالف، وتستوعب نازحي المخيم ومقاتلي فصائل البادية المعارضة الخمسة، بالإضافة الى قاعدة عسكرية للتحالف بمنطقة التنف.
وهو ما يؤكده أيضا المدير التنفيذي للرابطة السورية لحقوق اللاجئين، مضر الأسعد بأن “الانتهاكات التي جرت من قبل النظام في المصالحات السابقة وفي المناطق الأخرى دفعت السكان الى رفض تلك المصالحات التي تجري برعاية روسية”.
ويضيف الأسعد الذي أكد “وجود محاولات روسية للمصالحة بين سكان المخيم والنظام السوري”، “يضاف الى ما ذكر أن أغلب سكان المخيم مناطقهم محتلة أو فيها عمليات عسكرية من قبل “داعش” وحزب الله والميليشيات الإيرانية والعراقية والـbyd”، مؤكدا أن الأهم من ذلك كله أن منطقة جنوب سورية أصبحت تحت النفوذ الأميركي والتي لن تسمح لروسيا بالتدخل فيها.
وتتواجد 5 فصائل معارضة في منطقة الـ55؛ هي مغاوير الثورة وأسود الشرقية وكتائب الشهيد أحمد العبدو وأحرار العشائر.
وفرض التحالف المنطقة، وحظر على الميليشيات الإيرانية والجيش السوري الاقتراب منها، بعد طلب غرفة تنسيق الدعم الدولي “الموك” من فصائل البادية السورية في آب (اغسطس) الماضي بالانسحاب الى هذه المنطقة مع عائلاتهم، التي كان يسكن بعضها في مخيم الحدلات، والذي تم إخلاؤه قبل وصول الجيش السوري، وإعادة إسكانها في مخيم الركبان.
ولا تشي الترتيبات الحالية للتحالف والفصائل الموجودة بالمنطقة، بأي تغييرات محتملة على هذه المنطقة حتى الـ6 شهور المقبلة، سواء على المستوى العسكري أو على مستوى المخيم.
وهو ما يؤكده  المفوض السياسي لجيش مغاوير الثورة، ماهر العيسى، بأنه “لا يوجد تحركات غير عادية للأميركان في منطقة الـ55، فيما الانسحاب منها غير مطروح أصلا”، مشيرا الى أنه “لا يوجد خطة لديهم بذلك حتى الـ6 شهور المقبلة”.
وفيما يتعلق بترتيب أمور النازحين في منطقة الـ55 وتحديدا مخيم الركبان، فقال “إن هناك اتفاقا سلفا بين مغاوير الثورة والأميركان لتأمينهم قبل أي انسحاب يمكن أن يحدث مستقبلا، وضمان أمنهم بطريقة ما ويتفق عليها في حينه”.
وبالنسبة لتصريحات المسؤولين الأميركان بخصوص الانسحاب من سورية، قال العيسى “إنها عبارة عن مناورات سياسية أكثر منها فعل عسكري حتى الآن على الأقل، وهم يعلمون تماما أن هناك قضية رئيسية إن لم ينجزوا المهمة التي جاؤوا من أجلها فلديهم مشكلة كبيرة، وهي بشكل رئيس داعش”.
وقال “إن هذا الجيب ليس موجودا حول الميادين والبوكمال بل بالبادية أيضا”، مشيرا الى أن الأميركان يواجهون أسئلة كبيرة من قبلنا وقبل غيرنا، لماذا يترك هذا الجيب حتى الآن؟، ناهيك عن “مسألة ثانية بأن الكلام الذي يصدر عن واشنطن شيء والكلام الذي يصدر عن القادة العسكريين الموجودين بقاعدة التحالف شيء آخر”.
وأضاف العيسى “حتى الآن لا يوجد أي خطة أو تجهيز أو عمل أو انسحاب لنصف السنة المقبل على الأقل، وهذا كلامهم هم، وبالتأكيد هناك تناقض بين تصريحات الأميركان، وهذا ناتج عن خلل أساسي لأن هناك أطرافا متصارعة، وهناك طرف داخل البيت الأبيض يتقدم لصالح أن مهمتنا لا تنتهي بانتهاء داعش بل يجب أن تستمر في سورية ما دام هناك تواجد ايراني”.
ومن جانبه، استبعد المحلل العسكري، العقيد طيار حاتم الراوي “أي تغيير في منطقة الـ55 في المدى المنظور”، مشيرا الى أن “مصير مخيم الركبان مرتبط باستمرارها”.
وأكد أن “انسحاب القوات الأميركية من منطقة الـ55، سيحدث ارتباكا لن يقتصر على هذه المنطقة، بل سينسحب على كامل الحدود السورية العراقية ومنطقة الجزيرة، وخاصة أن دخول القوات الفرنسية ما يزال خجولا”.
وشهد مخيم الركبان خلال الأيام الأخيرة حركة نزوح نشطة لعشرات العائلات باتجاه الداخل السوري، وهو ما تعيده مصادر سورية في المعارضة والمخيم الى النقص الواضح في كل مقومات الحياة الأساسية كالغذاء والدواء وحليب الأطفال في المخيم، بالإضافة الى افتقاره لمستشفى أو مركز صحي وكهرباء وماء، على الرغم من خطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة.
وأكدت هذه المصادر “أن بعض السكان بالمخيم أجروا مصالحات مع النظام للعودة الى بلداتهم التي يسيطر عليها الجيش السوري، بسبب انعدام الغذاء والدواء، الذي انقطع عنهم منذ أكثر من ستة أشهر”.
وكان الأردن اضطر الى إدخال مساعدات الى المخيم قبل 6 أشهر من الأراضي الأردنية، بسبب تردي أوضاع النازحين فيه، بعد مماطلة الحكومة السورية في السماح للمنظمات الأممية في دمشق، بتنظيم إرسال المساعدات الى المخيم.
وتزود المخيم منذ وجوده قبل أكثر من 3 سنوات، بالمساعدات الأممية عن طريق المملكة لأسباب إنسانية، بيد أن تعرض موقع عسكري أردني متقدم كان يقوم على خدمة هؤلاء النازحين، لتفجير إرهابي انتحاري من قبل إرهابيي تنظيم “داعش” قبل عام تقريبا، دفع المملكة الى إغلاق حدودها، فيما تبدل الوضع الميداني في الأراضي السورية، بعد سيطرة الجيش السوري على الطرق المؤدية الى المخيم، ما دفع بالأردن الى المطالبة بإيصال المساعدات من خلال دمشق.
وهو ما عبر عنه وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، خلال لقاء بسفراء الاتحاد الأوروبي في مبنى وزارة الخارجية مؤخرا، من “أن الأردن قدم للاجئين أكثر مما قدم غيره، وأن قاطني الركبان هم مواطنون سوريون على أرض سورية، ما يجعل التعامل مع المخيم مسؤولية سورية دولية، وليس مسؤولية أردنية، وقضية تستوجب حلا في سياق سوري وليس أردنيا”.