مرايا – شؤون سياسية – تستدعي الأحداث التي تشهدها فلسطين التأكيد على أهمية انهاء الدول العربية لخلافاتها، أو تأجيلها على أقل تقدير، بهدف التفرغ لمواجهة ما يحدث من انتهاكات اسرائيلية وعدوان واسع ضد الشعب الفلسطيني، عززه نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، بحسب سياسيين، ممن شددوا على أهمية حشد دول العالم للاعتراض على نقل السفارة.
وفيما حذر هؤلاء في أحاديث من أن أميركا وإلى جانبها إسرائيل بنهجهما العدواني يغذيان الإرهاب والتطرف، الذي يكافح العالم من أجل التخلص منه، بينوا أن العرب مطالبون بتوحيد الجهود للخروج بحلول وردود مناسبة، من خلال التنسيق مع المجتمع الدولي، للتواصل مع واشنطن وتوضيح الأخطار المترتبة على انحيازها الاعمى لإسرائيل.
وحذروا من أن الدول العربية أمام امتحان تاريخي، مطالبين هذه الدول بالارتقاء إلى مستوى التحديث في هذه المرحلة.
ويقول وزير الإعلام الأسبق الدكتور نبيل الشريف، انه “لا شك أن العالم كله يراقب ردود الأفعال العربية وطبيعة المواقف التي ستصدر من مختلف العواصم العربية في أعقاب حدثين كبيرين وقعا منذ يومين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تنفيذ القرار المتسرع بنقل السفارة الأميركية الى القدس من قبل الإدارة الأميركية، والمجزرة الدموية التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد المتظاهرين السلميين في قطاع غزة.
وأشار الشريف إلى أن المواطن العربي افتقد حتى بيانات الشجب والادانة التي كانت تعتبر الحد الادنى المقبول من الحكومات العربية، وباستثناء الاردن، الذي يعد أزليا توأم فلسطين وسندها الدائم، “فلم تسمع الا القليل من الاصوات الرافضة لما حدث”.
وبين الشريف ان العرب مطالبون الآن بطي خلافاتهم او تأجيلها على الاقل لمواجهة الاحداث الخطيرة التي شهدتها فلسطين مؤخرا، وذلك عبر تشكيل وفد عربي للتواصل مع واشنطن وتوضيح الأخطار المترتبة على انحيازها لإسرائيل، إلى جانب التواصل مع العواصم الاوروبية التي ترفض القرار الأميركي بهدف تثبيت مواقفها وتشجيعها على توضيح خطورة الأمور لادارة البيت الأبيض.
وأضاف “العواصم العربية امام امتحان عسير ومرحلة مفصلية سيذكرها التاريخ، والامل كبير في أن يرقى رد الفعل العربي إلى مستوى التحديات التي تواجه الأمة في هذه المرحلة”.
من جهته دعا استاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد مصالحة، الى توحيد الجهود العربية للخروج بحلول وردود مناسبة على نقل السفارة الأميركية للقدس تبعاته، من خلال التنسيق مع المجتمع الدولي، واستناداً الى الأسس القانونية السياسية في التعاطي مع قضية القدس التي تقر الإدارات الاميركية المتعاقبة بالوصاية الأردنية على مقدساتها.
وقال ان الاردن يتطلع الى ان تلتزم الدول العربية بما تم التوافق عليه في اجتماعات الجامعة العربية، لنصره الموقفين الاردني والفلسطيني الرسمي والشعبي الرافضين لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ أن من شأن ذلك أن يضغط باتجاه إعادة الحسابات الدولية والاميركية في تبني موقف قانوني وعادل تجاه القدس.
واضاف مصالحة ان أميركا بنقلها السفارة إلى القدس المحتلة، تكون قد دفعت المنطقة إلى صراع طويل قد ينبش ظاهرة التطرف ويدخل البعد الديني كعامل تقسيمي في العلاقات الدولية وعميق الهوة بين العرب والدولة العبرية والولايات المتحدة.
وأشار مصالحة إلى أن واشنطن برهنت على عدم احترامها لدورها كراعي للسلام وحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، فضلا عن عدم التزامها بالقانون الدولي باعتبارها عضوا في مجلس الأمن الدولي الذي أناط لأعضاءه هذه المهمة السامية.
من جانبه، دعا السفير السابق أحمد علي مبيضين، إلى ضرورة توحيد الجهود العربية، مشيرا إلى أن العرب أمام خيار وحيد يتمثل في حشد دول العالم للاعتراض على نقل السفارة الأميركية للقدس، وهو إجراء يراه بأنه سيعمل على تغذية الإرهاب والتطرف الذي يحاربه ويعاني منه العالم أجمع.
وبين مبيضين أن الدول العربية مطالبة بتقديم حل متوازن للعالم تجاه القدس وعدم الاكتفاء بالاعتراض على القرار.
وأكد أن الصوت الاردني والعربي على حد سواء مهم للغاية وسيساهم في رأب الصدع وتوحيد الجهود وتشجيع الدول العربية الاسلامية ودول أخرى أوروبية على اتخاذ مواقف شجاعة ردا على القرار الأميركي.
وبين ان التحرك العربي الموحد، سيساهم بشكل كبير في دعم الصوت الفلسطيني الذي يحتاج إلى مثل هذه المواقف وخاصة من الاردن الذي يلعب دورا مهما في خلق توازنات في المجال العربي.