قال السفير الصيني لدى الأردن بان ويفانغ في حوار مع جريدة الرأي الاردنية أن بلاد شاسعة اجترحت المعجزات من بلد زراعي في خمسينيات القرن الماضي الى بلد صناعي واقتصاد يعتمد على التخطيط والانضباط وشفافية الأرقام..ورغم كثافتها السكانية 1.5 مليار نسمة الا أنها تصنّع للشعوب الأخرى كما لشعبها ومن الإبرة الى الخيط كما يقال.

يقول ويفانغ أن «»سفينة الصين العملاقة» دخلت منطقة المياه العميقة والعبارة دالة وموحية لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

ويدعو الأردن الى المشاركة في معرض الواردات الصينية بشنغهاي، التي أعلن عنها الرئيس الصيني العام الماضي خلال منتدى التعاون الدولي للحزام والطريق ويقول هذه فرصة لترويج المنتجات الأردنية ، وتساهم بزيادة صادرات المملكة إلى الصين.

ويستند السفير «بان» في قوّة التبادل التجاري والعلاقات الاقتصاديّة والثقافيّة بين الأردن والصين إلى الزيارة التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني للصين في سبتمبر 2015، وهي الزيارة التي أعلن فيها مع الرئيس الصيني شي جين بينغ ترقية العلاقات الثنائية إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية الفاعلة في مجالات عديدة.

ويتحدث «بان» عن فلسفة الصين في النهوض الاقتصاديّ وإيمانها بالشراكة الدوليّة وحفاظها على السلام العالمي، ناقلاً ترحيب الرئيس شي بالأصدقاء في مبادرة نحو آسيا مزدهرة، بل عالم مزدهر ومنفتح وخلاق.

ويعيد التذكير والدعوة إلى الاستفادة من مزايا طريق الحرير الاقتصادي، ذاكراً مزاياه التجاريّة، خلال الفترة ما بين 2014–2016، التي بلغ إجمالي حجم الاستيراد والتصدير فيها بين الصين والدول الواقعة على خط «الحزام والطريق» 3,1 تريليون دولار أمريكي، بما يزيد عن رُبع حجم التجارة الخارجية للصين في الفترة نفسها، مضيفاً أنّ إجمالي حجم الاستثمارات الصينية في الدول الواقعة على خط «الحزام والطريق» بلغ 50 مليار دولار أمريكي، بما يشكّل عُشر إجمالي حجم الاستثمارات الصينية في الخارج في الفترة نفسها.

وتاليا الحوار:

كيف ترى العلاقات بين الصين والأردن؟

يقول «بان» في اليوم السابع من إبريل عام 1977، أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة الأردنية الهاشمية، وتظلّ الصين تولي اهتماماً بالغاً لتطوير علاقاتها مع الأردن. خلال الأعوام المنصرمة، أحرزت العلاقات الثنائية بين الصين والأردن نتائج مثمرة. وقد قام جلالة الملك عبدالله الثاني بعد توليه للعرش بزيارة الصين لثماني مرات والتقى مع الرئيس الصيني الحالي شي جين بينغ عدة مرات، كما أنَّ قادة الصين قاموا بزيارة الأردن دائماً. وتحت رعاية قادة البلدين وتوجيهاتهم، ازدهرت وتطورت سبل التبادل والتعاون بين البلدين في كافة المجالات، وازداد التفاهم والثقة المتبادلة بين بلدينا باستمرار. وفي الزيارة التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني للصين في سبتمبر من عام 2015، أعلنت قيادتا البلدين سوياً ترقية العلاقات الثنائية إلى علاقات الىشراكة الاستراتيجية بينهما.

ويشرح بأن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تتطور بشكل سريع، إذ تعدّ الصين ثاني أكبر شريك تجاري للأردن وأكبر مصدر للاستيراد، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 3,084 مليار دولار أمريكي عام 2017. في ظل تشارك الدول العربية مع الصين في مبادرة بناء «الحزام والطريق»، تدخل استثمارات الصين إلى الأردن بخطوات كبيرة. ما يستحق الذكر أنَّه في العام الماضي تم الإغلاق المالي لشركة عطارات للطاقة لمشروع توليد الكهرباء بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي في الأردن، وبدأت أعمال البناء والإنشاء له، ولذلك فإن الصين هي المستثمر والممول والمنشئ لهذا المشروع الضخم، إذ يبلغ مقدار التمويل الصيني 1,6 مليار دولار أمريكي. ويقدر الخبراء بأنه سيوفّر حوالي 5500 فرصة للعمل. وقد تم إحالة عطاء توليد الطاقة من النفايات الصلبة في عمان إلى شركة صينية وسيتم تنفيذه بتمويل قيمته 160 مليون دولار، وهو استثمار صيني لمدة 25 سنة، إضافة إلى مشروع «مول التنين» الصيني الذي تبلغ مساحته 20 ألف متر مربع في منطقة خلدا وتشارك فيه أكثر من عشرات شركة صينية، وغيره من الاستثمارات في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة والمصانع الموجودة في إربد والكرك والمفرق وسحاب، من ضمنها مصانع ألبسة وحديد وغيرها من الصناعات، مما يجعل حجم العمالة الأردنية في الشركات الصينية العاملة في الأردن تزيد على 10 ألاف موظف. وقد تم إدراج شركة صينية عاملة في الأردن في بورصة «ناسداك» الأميركية، وهي التي زارها جلالة الملك قبل أيام. إضافة إلى ذلك، ويوضح أن الجانبين الصيني والأردني يبحثان حالياً في مشاريع السكك الحديدية والطاقة المتجددة بالإضافة إلى مشاريع المياه وخطّ أنابيب النفط وغيرها من المشاريع الكبيرة المهمة. وسيشارك الأردن في معرض الواردات الصينية بشنغهاي التي أعلن عنها الرئيس الصيني العام الماضي خلال منتدى التعاون الدولي للحزام والطريق، حيث سيقام المعرض في تشرين الثاني المقبل مُشكِّلا جولة جديدة من الانفتاح على العالم في ظل دعم الصين لتحرير التجارة وعولمة الاقتصاد والانفتاح الإيجابي، ونتمنى للأردن أن يغتنم هذه الفرصة لترويج منتجاته، بما يخلق ظروفا أفضل لزيادة صادراته إلى الصين.

وقد قدمت الصين كميات كبيرة من المساعدات للأردن، من أبرزها المساعدة في بناء مدينة معان الصناعية وبناء مساكن للمعوزين ومستشفى البلقاء ومدينة الحسن الرياضية ومراحل متتالية لمشروع نظام كاميرات المراقبة للأمن العام، وتقديم منحة للمرحلة الثانية لمشروع تطوير وتوسيع شبكة تزويد المياه في الرصيفة الذي استفاد منه أكثر من 300 ألف شخص، وكذلك ما يجري الآن مثل مشروع تطوير طريق السلط العارضة، وتوفير أجهزة فحص جمركية ومعدات للدفاع المدني وقطع غيار أجهزة مياه وري. وتبلغ حجم المساعدات التي ستقدمها الصين للأردن هذا العام والعام المقبل 70 مليون دولار أمريكي. إلى جانب ذلك، منحت الحكومة الصينية البرامج التدريبية التي تقوم بتغطية كافة التكاليف بما فيها تكاليف السفر الدولية والإقامة في الصين، حيث بلغ العدد التراكمي للمشاركين الأردنيين الذين تم إيفادهم لتلقي التدريب في الصين ضمن برنامج التدريب المتعدد الأطراف والثنائي حوالي 1800 نسمة، وقد أصبحت الصين أكبر دولة مانحة للبرامج التدريبية للأردن. ونظراً لأهمية مثل هذه البرامج فقد وعد الجانب الصيني بزيادة أعدادها خلال العام 2018، حيث ساهمت هذه المساعدات في تنفيذ العديد من المشاريع التنموية وذات الأولوية والتي تساهم في دعم مسيرة التنمية في عدد من القطاعات الحيوية.

دعم اللاجئين السوريين

في الأردن

ونسأله عن دعم الصين للأردن لتخيف أعباء اللجوء السوري فيوضح بقوله من أجل تخفيف الأعباء الملقاة على كاهل الجانب الأردني نتيجة استضافة اللاجئين السوريين، فقد قدم الجانب الصيني عدة دفعات من المساعدات الإنسانية الطارئة للأردن بشكل مباشر، بالإضافة إلى تقديم مساعدات طارئة بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي والمنظمة الدولية للهجرة وغيرهما من المنظمات الدولية. وقد قدمت الصين في العام الماضي مساعدات نقدية بقيمة 1,5 مليون دولار أمريكي لبرنامج الغذاء العالمي لدعم اللاجئين السوريين في الأردن، وقدمت خلال هذا العام 5 مليون دولار أمريكي على شكل مساعدات غذائية عاجلة للأسر الفقيرة واللاجئين السوريين في الأردن.

وتتكثف التبادلات الإنسانية والتواصلات التعليمية بين البلدين يوماً بعد يوم. ففي السنوات الأخيرة، أقيمت العروض لـ»عيد الربيع الصيني السعيد» و»التراث الثقافي الصيني غير المادي» وغيرهما من العروض الثقافية الصينية في الأردن بكل النجاح؛ كما أنّ عدد المنح الدراسية التي تقدمها الحكومة الصينية للجانب الأردني يستمر في تزايد؛ وقد تم إنشاء معهدي كونفوشيوس وثماني مؤسسات تعليمية لتدريس اللغة الصينية في الأردن؛ بالإضافة إلى تقدم مستمر لمشروع تأسيس المركز الثقافي الصيني في الأردن. وقد أصبح الأردن من أشهر المقاصد السياحية لدى المواطنين الصينيين، ويزداد عدد السياح الصينيين الوافدين إلى الأردن باستمرار، حيث وصل عدد السياح الصينيين إلى الأردن إلى ما يناهز 60 ألف نسمة عام 2017، وأصبحت الصين أسرع الدول نمواً من حيث عدد السياح إلى الأردن.

كما تتزايد التبادلات وسبل التعاون بين البلدين في المجالين العسكري والأمني ومجال إنفاذ القانون بشكل كبير، والذي يساهم في الحفاظ على أمن البلدين واستقرار المجتمعات. وإننا مستعدون لتعزيز التعاون مع الجانب الأردني في مكافحة الإرهاب من أجل صيانة السلام والاستقرار في المنطقة يداً بيد.

ويختم السفير «بان» حوارنا حول الأردن بقوله :يملؤنا الأمل والثقة كلما استشرفنا مستقبل العلاقات الصينية الأردنية. وسنعمل على تحقيق تطوّر أكبر وتقدّم أعظم للعلاقات الصينية الأردنية التي تتطور على قدم الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة ومن خلال عملية التشارك في بناء «الحزام والطريق»، بما يعود بالخير على البلدين دولةً وشعباً. وأود أن أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن الشكر من صميم قلبي على اهتمام الأصدقاء الأردنيين بتطورات الصين وتطورات العلاقات الصينية الأردنية.

ضعنا بصورة آخر التطورات السياسية والاقتصادية في الصين؟

لعام 2018 مغزى كبير بالنسبة لجمهورية الصين الشعبية؛ ففي المجال السياسي، نجحت الدورتان السنويتان لأعلى جهاز تشريعي وأعلى جهاز استشاري سياسي في بكين العاصمة خلال شهر آذار الماضي، خصوصاً وأنّ اجتماع الدورتين هذا العام هو الأول بعد المؤتمر الوطنى التاسع عشر للحزب الشيوعى الصينى، الذى أعلن دخول الصين إلى مرحلة الاشتراكية فى العصر الجديد، ووضع الخطة العظيمة لبناء مجتمع رغيد على نحو شامل، وبناء دولة اشتراكية قوية حديثة، كذلك على نحو شامل. وتعتبر الدورتان حدثاً كبيراً فى الحياة السياسية للشعب الصينى؛ حيث اُنتخب الرئيس شي جين بينغ مجدداً رئيساً للصين وسط تطلعات كبيرة. إضافة إلى ذلك، راجعت الدورتان تقرير أعمال الحكومة والمقترحات حول الأحداث الهامة وشؤون الدولة والشعب؛ إذ ناقشتا، وبكل جديّة، تنفيذ روح المؤتمر التاسع عشر للحزب وتعميق الإصلاح على نحو شامل وتحقيق الانتصار فى تحقيق مجتمع رغيد على نحو شامل، وتعديل دستور الصين لتقديم ضمانات دستورية قوية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية فى العصر الجديد، ودفع الإصلاح الهيكلي للدولة والحزب، وسن تشريعات وطنية لمكافحة الفساد، وغير ذلك من الأعمال.

وفي المجال الاقتصادي، شهد الاقتصاد الصيني في العام الحالي بدايةً جيدة وانطلاقة قوية مع نمو بلغ 6,8 بالمئة خلال الربع الأول من العام، حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي الصيني 19,88 تريليون يوان (حوالي 3,2 تريليون دولار أمريكي) خلال فصل واحد. ويتمتّع الاقتصاد الصيني بقدر كبير من المرونة والإمكانات والمجال في الحركة، فضلاً عن أنّ الاحتكاكات التجارية الخارجية لا يمكن أن تعيق الاقتصاد الصيني، كما لا يمكنها تغيير زخمه السليم للنمو المستدام والصحي.

وانعقد المؤتمر السنوي ـ2018م لمنتدى بوآو الآسيوي خلال الفترة من 8 إلى 11 أبريل الجاري في بلدة بوآو بمقاطعة هاينان الجزرية بجنوبي الصين تحت شعار «آسيا منفتحة ومبدعة من أجل عالم أكثر ازدهاراً». وفي حديث الرئيس شي عن الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للواردات، التي ستقام في شانغهاي في نوفمبر من هذا العام، احتفالاً بالذكرى الـ40 لبدء تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، وحول هذا الطريق، فإن الصين ستعمل بجد لاستيراد المزيد من المنتجات التي تتمتع بتنافسية وتلبي حاجات الشعب الصيني؛ إذ أعرب الرئيس شي عن ترحيبه بالأصدقاء من جميع أنحاء العالم للمشاركة في المعرض من أجل تصدير منتجاتهم إلى الصين، فهو ليس معرضاً آخر بالمعنى العادي، بل مبادرة وتحرك استراتيجي من جانبنا نحو آسيا مزدهرة، بل عالم مزدهر ومنفتح وخلّاق.

كيف تقرأ السياسات الخارجية الصينية ودورها في حل النزاعات ؟

يقول «بان» ان تقرير المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني أشار إلى أنَّ الصين سترفع راية «السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك» عالياً، وتلتزم بأهداف السياسة الدبلوماسية المتمثّلة في حماية السلام العالمي ودعم التنمية المشتركة، وتُطوّر في الصداقة والتعاون مع سائر دول العالم على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي بثبات لا يتزعزع، كما وتدفع بعملية بناء علاقات دولية حديثة النمط قائمة على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون والفوز المشترك، نحو بناء مجتمع إنساني مشترك في المصير.

وفي المؤتمر السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي، أعاد الرئيس الصيني شي جين بينغ التأكيد على سياسة بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية؛ فقد دعا الرئيس شي الناس في جميع أنحاء العالم للعمل معاً نحو تأسيس مجتمع ذى مصير مشترك من خلال التعامل باحترام وعلى قدم المساواة وتعزيز الحوار واقتسام المسؤوليات والاشتراك في التعاون من أجل نتائج متبادلة النفع وتعزيز الشمول والسعي إلى التوافق بدون تماثل والتعامل مع البيئة باحترام والحفاظ على الكوكب، وجعل آسيا والعالم ينعمان بالسلام والهدوء والازدهار والانفتاح والجمال.

وتظلّ الصين تدعو دائماً إلى حل النزاعات عبر الحوار وإزالة الخلافات عبر التشاور، والتخطيط الشامل لمواجهة التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية ومعارضة الإرهاب بكافة أشكاله. وتدعو كذلك إلى احترام تنوع حضارات العالم، وتجاوز الحاجز الحضاري بالتبادل الحضاري، وتجاوز التصادم الحضاري بالاستفادة المتبادلة حضارياً وتجاوز التفوق الحضاري بالتعايش الحضاري.

إن الصين لن تهدد أي طرف آخر، ولن تحاول قلب النظام الدولي الحالي أو السعي إلى توسيع نفوذها، بغض النظر عن حجم التقدم الذي حققته في التنمية.

ويعدّ تطوير العلاقات مع سائر الدول النامية ركيزةً أساسيةً للدبلوماسية الصينية؛ باعتبار هذه الدول أصدقاء وصادقين يدعمون الصين في السير على طريق التنمية السلمية. إن الصين ستعمل على إطلاق الإمكانات الكامنة في التعاون المتبادل المنفعة مع سائر الدول النامية، بما يحقّق تكامل المزايا والتنمية المشتركة على مستوى أعلى، كما ستعمل الصين على زيادة مساعداتها إلى الدول النامية الأخرى وخاصة الدول الأقل نمواً، بما يساعدها بشكل عملي في تحقيق الاعتماد على الذات والتنمية المستدامة. وتتعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وسائر الدول النامية الكثيرة يوماً بعد يوم؛ ففي الفترة ما بين عام 2014 وعام 2016، بلغ إجمالي حجم الاستيراد والتصدير بين الصين والدول الواقعة على خط «الحزام والطريق» 3,1 تريليون دولار أمريكي، بما يزيد عن رُبع حجم التجارة الخارجية للصين في الفترة نفسها، كما ويبلغ إجمالي حجم الاستثمارات الصينية في الدول الواقعة على خط «الحزام والطريق» 50 مليار دولار أمريكي، بما يشكّل عُشر إجمالي حجم الاستثمارات الصينية في الخارج في الفترة نفسها، وإضافةً إلى ذلك، ستعمل الصين بثبات على حماية المصالح المشتركة للدول النامية، وتعزيز تنسيقها مع الدول النامية في الشؤون الدولية والإقليمية، ودفع تطوير نظام الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر عدلًا وإنصافًا. وقد صادف العام الماضي الذكرى السنوية الأربعون لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والأردن، فبالنسبة لنا، من المهم والضروري إدراك وفهم جوهر التقرير للمؤتمر الوطنى التاسع عشر للحزب الشيوعى الصينى، وارتباطه مع واقع العلاقات الصينية الأردنية بشكل عميق، وذلك من أجل تحديد اتجاه مستقبل العلاقات الثنائية بصورة أفضل.

ما الموقف الصيني تجاه ما يسمي بـ«الحرب التجارية» التي هدد البعض بها؟

تأمل الصين أن تتوقف الدول المتقدمة عن فرض قيود على التجارة العادية والمعقولة بالمنتجات فائقة التقنية، وتخفف القيود التصديرية على مثل هذه التجارة مع الصين. تتطلع جميع شعوب العالم إلى السلام والتنمية، تبدو عقلية الحرب الباردة والمحصلة الصفرية في غير محلها. إن الصين كداعم قوي للعولمة، تقود الانفتاح والتنمية في العالم.

وقد أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في منتدى بوآو حزمة كبيرة من المبادرات الجديدة المحتوية على تخفيض كبير للرسوم الجمركية للسيارات المستوردة وبعض المنتجات الأخرى في هذا العام، وكذلك تخفيف القيود على الأسهم الأجنبية على صناعات السيارات والسفن والطائرات وتطبيق نظام الإدارة بشكل عام على أساس المعاملة الوطنية قبل التأسيس والقائمة السلبية، بالإضافة إلى ذلك قال الرئيس شي إن الصين ستطلق عدداً من الإجراءات البارزة هذا العام لتوسيع سبل الوصول إلى السوق بشكل كبير، مثلا انفتاح قطاع التأمين وتخفيف القيود المفروضة على إنشاء مؤسسات مالية أجنبية في الصين وتوسيع نطاق أعمالها، وفتح المزيد من مجالات التعاون بين الأسواق المالية الصينية والأجنبية، والتقدم نحو الانضمام لاتفاقية المشتريات الحكومية لمنظمة التجارة العالمية، ولذلك فقد أرسلت كل هذه المبادرات رسالة قوية تفيد بأن الصين تدفع بشكل حازم الإصلاح والانفتاح بخطواتها الخاصة.

ويكمن سبب إصرار الصين على زيادة فتح بوابة اقتصادها أمام العالم، دون اتجاه قفلها، في حاجتها لتنمية نفسها وفي الوقت ذاته لمشاركة دول العالم لدفع تطوير العولمة الاقتصادية التي تصب في مصالح شعوب العالم. إن الإصلاح والانفتاح الذي بدأه دنغ شياو بينغ عام 1978، وخلال الـ40 عاما السابقة هو مسار مهم، حيث سجلت الصين معدل نمو في إجمالى الناتج المحلي السنوي بنسبة حوالي 9,5 في المائة فى المتوسط ودعمت أصحاب الدخول المتوسطة البالغ عددهم 400 مليون كما انتشلت ما يزيد على 700 مليون صيني من الفقر، ما يمثل أكثر من 70 في المائة من الإجمالي العالمي. وقد نجحت الصين في عملية الانفتاح لـ40 عاماً حيث يتفاني الشعب الصيني لشقّ الطريق الاشتراكي ذي الخصائص الصينية، ويعد هذا الأمر أيضاً جزءاً من الجهود التي يتم بذلها لتحويل روح المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني إلى أفعال من أجل تحقيق التنمية بجودة أعلى، فالانفتاح هو قرار يتخذه الجانب الصيني بشكل مستقل ولم يتأثر من قبل أي طرف آخر.

الآن، بدأ الرئيس شي كقائد للبلاد، جولة جديدة من الإصلاح والانفتاح، الأكبر في أنحاء العالم، في الوقت الذي دخلت فيه «سفينة الصين العملاقة» منطقة المياه العميقة، وكذلك سيشهد العالم جولة جديدة من التنمية الهامة وتغيير كبير وتعديل عميق. اليقين أننا نعيش في عصر يسوده اتجاه كبير نحو السلام والتعاون علاوة على الانفتاح والتواصل، ونحن كذلك نعيش في عصر يسوده اتجاه ساحق نحو الإصلاح والابتكار، وإن من يرفض ذلك سيتخلف عن العصر وسينساه التاريخ. في القرية العالمية، الاغترار بالنفس والانشغال في المصلحة الخاصة لن يجدي شيئاً، لذلك قال الرئيس شي إن البشرية الآن في خيار حاسم بين الانفتاح والانعزال، وبين التقدم والرجعية.

هل لك بتعريفنا بأهمّ الإنجازات المتحققة خلال تنفيذ مبادرة بناء «الحزام والطريق»؟

منذ إطلاق الصين هذه المبادرة عام 2013، نجد أنّ ما يربو على 100 دولة ومنظمة دولية دعمت المبادرة، كما تم توقيع ما يربو على 40 اتفاقية تعاون مع الصين، وأحرزت المبادرة إنجازات مرموقة تلفت نظر العالم بأسره. خلال الفترة من عام 2014 إلى عام 2016، تجاوز الاستثمار الصيني على طول الخط 50 مليار دولار، مما حفز التنمية الاقتصادية في هذه الدول وخلق فرص عمل محلية كثيرة. وفي شهر أيار عام 2017، عقدت الصين منتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي في بكين. كما يؤكد تقرير المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني أنّ الصين ستعزّز بنشاط التعاون الدولي في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، وتعمل على تحقيق «تناسق السياسات وترابط المنشآت وسلاسة القنوات التجارية وتداول الأموال وتفاهم الشعوب»، لإنشاء منصة جديدة للتعاون الدولي، مما يضفي قوة محركة جديدة على التنمية المشتركة. إن مبادرة “الحزام والطريق” تتحول الآن إلى خريطة طريق أوضح، وتتلقّى دعما واسع النطاق من دول العالم.

إنَّ الجانبين الصيني والعربي شريكان طبيعيان للتشارك في بناء «الحزام والطريق»، يتمتعان بقوات كامنة هائلة في مجالات الطاقة والبنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار والطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الإنتاجية. ونأمل أن يعمل الجانبان الصيني والعربي على التشارك في بناء «الحزام والطريق» وتعميق علاقات التعاون الاستراتيجي باستمرار وتأليف صفحات جديدة للصداقة بينهما.

إنّ مبادرة الحزام والطريق هي فكرة صينية، غير أن فرصها وثمارها ستعود بالنفع على العالم. ليس لدى الصين حسابات جيوسياسية ولا تسعى إلى تكتلات إقصائية ولا تفرض صفقات تجارية على الآخرين. وقد أوضح الرئيس الصيني شي جين بينغ أنه كما أن مبادرة الحزام والطريق مبادرة جديدة، فإنه من الطبيعي تماماً أن تكون هناك آراء مختلفة بشأن التعاون، بيد أنه طالما أنَّ الأطراف تتمسك بمبدأ التشاور الموسع والإسهام المشترك والمنافع المشتركة، فإننا بكل تأكيد بوسعنا تعزيز التعاون وحل الخلافات. بهذه الطريقة، يمكننا جعل مبادرة الحزام والطريق أوسع منصة للتعاون الدولي وتتماشى مع اتجاه العولمة الاقتصادية وتفيد سائر شعوبنا بشكل أفضل.