مرايا – شؤون فلسطينية – اختارت تل أبيب التزام الصمت حيال ما نشرته القناة الثانية الإسرائيلية حول إمكانية إطلاق الإدارة الأميركية “صفقة القرن” بعد نقل سفارة واشنطن للقدس المحتلة، بينما جددت السلطة الفلسطينية إصرارها على موقفها الرافض لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ورجّح محللون وباحثون إسرائيليون أن تزامن نشر تفاصيل حول تحريك خطة السلام الجديدة -والتي تتضمن تعويضات مالية للفلسطينيين- مع جولة وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو للشرق الأوسط، يندرج ضمن الضغوط التي تمارس على السلطة الفلسطينية لإعادتها إلى طاولة المفاوضات.

وخلافا لما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية في السابق عن مضمون “صفقة القرن”، ركزت القناة الثانية على ما نقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، قوله إن “خطة السلام الجديدة، تتضمن تعويضات مالية للفلسطينيين في محاولة لإعادتهم إلى المفاوضات والمشهد السياسي”.

بيد أن المحللة السياسية بالقناة الثانية دانا فايس -التي أوردت خبر تحريك “صفقة القرن” بعد مراسيم نقل سفارة واشنطن للقدس- ربطت بين زيارة وزير الخارجية الأميركي الجديد إلى تل أبيب واجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبين التجهيز لإعلان خطة السلام الأميركية المحتملة؛ لافتة إلى أن الخطة التي تم إعدادها تشمل دول الإقليم، وأن الجانب الفلسطيني أحد أطرافها، لكنه ليس صاحب “القول الفصل” فيها.

وتناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخرا أبرز مضامين “صفقة القرن” اعتمادا على ما نسب للمبعوث الأميركي لعملية السلام بالشرق الأوسط جايسون غرينبلات، بحيث يتضح أن مقترح حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967 ليس أساسا لخطة السلام الجديدة، وهو المقترح الذي ترفضه الدول العربية والسلطة الفلسطينية.

وفيما تتفق حكومة نتنياهو وإدارة ترمب على دولة فلسطينية بلا سيادة ومنزوعة السلاح، مع وجود ثابت للجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن والحدود، مع بقاء صلاحيات الأمن القصوى بيد تل أبيب ومشاركة الأردن ومصر والولايات المتحدة؛ تتباين المواقف حيال المشروع الاستيطاني، إذ تبدي واشنطن موافقتها على ضم 10% من الضفة الغربية والكتل الاستيطانية لإسرائيل، فيما يصر نتنياهو على ضم مساحة 15% من مساحة الضفة.

صفقة وتسوية
وبحسب الإعلامي الإسرائيلي يواف شطيرن المتخصص بالشؤون العربية والفلسطينية، فإن زيارة بومبيو للسعودية وإسرائيل والأردن “حتى وإن كان يفترض أن يركز في جوهرها على خطط الرئيس الأميركي بشأن الاتفاق النووي مع إيران والقضايا الإقليمية وأبرزها الملف السوري”، فإنه من غير المستبعد أن “يكون الصراع العربي الإسرائيلي والتسوية مع الفلسطينيين بجل اهتمام مباحثات الوزير الأميركي خاصة بتل أبيب”.

وفي محاولة لاحتواء وتفكيك الرفض العربي والفلسطيني لنقل سفارة واشنطن إلى المدينة المحتلة، قال شطيرن للجزيرة نت إن إدارة ترمب تقترح “عاصمة مصطنعة” لدولة فلسطين في ضواحي القدس خارج إطار ستة كيلومترات مربعة من حدود 1967، مع بقاء الوضع على ما هو عليه في القدس القديمة وتمكين رقابة وإشراف دولي، فيما تضمن إسرائيل حرية العبادة في الأماكن المقدسة لجميع الديانات، “وهو الطرح الذي يتحفظ عليه نتنياهو الذي يخشى أن تمهد مبادرة ترمب لعاصمة للفلسطينيين بالقدس”، بحسب شطيرن.

وتضمن “صفقة القرن” انسحابا تدريجيا لجيش الاحتلال من المناطق المصنفة (أ، ب، ج)، بموجب اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة في سبتمبر/أيلول 1995، حيث لم يحدد الموعد النهائي للانسحاب والذي سيكون مشروطا بأداء السلطة الفلسطينية، عندها ستعلن عن دولة فلسطين بهذه الحدود المصطنعة بحسب المناطق المصنفة، على أن يعترف المجتمع الدولي بـ”إسرائيل وطنا قوميا للشعب اليهودي، وبالدولة الفلسطينية المصطنعة وطنا قوميا للشعب الفلسطيني”.

قبول ورفض
من جانبه، يرى مدير معهد “ميتفيم” المتخصص بالسياسات الخارجية للشرق الأوسط وإسرائيل الدكتور نمرود جورن، أنه منذ سبتمبر/أيلول 2017 والمجتمع الدولي يترقب إفصاح ترمب عن “صفقة القرن”، علما بأن ما تم نشره وتسريبه من مقترحات ومضامين ليست واقعية ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، بسبب الموقف الرافض للسلطة الفلسطينية والدولة العربية.

ويعتقد جورن -في حديثه للجزيرة نت- أن زيارة بومبيو للمنطقة وإن كان جوهرها الاتفاق النووي والتموضع الإيراني في سوريا واليمن، فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سيكون حاضرا، ويرجح أن الإدارة الأميركية أيقنت أنه دون تسوية القضية الفلسطينية لا يمكن لإدارة ترمب بناء تحالف أميركي إسرائيلي لمواجهة التمدد الإيراني بالشرق الأوسط.

وشكك في إمكانية فرض أي تسوية أميركية على الفلسطينيين لا تكون بموجب حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، ويعتقد أنه لا يمكن لواشنطن تطبيق أي حل مهما كان مضمونه وبنوده على أرض الواقع دون قبول وموافقة الجانب الفلسطيني.