مرايا – شاركت المملكة الأردنية، الخميس الماضي، في اجتماع “المجموعة المصغرة” الذي انعقد في العاصمة الفرنسية باريس لبحث الحل السياسي في سوريا.

وتضم “المجموعة المصغرة” كلا من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن، وتأتي على هامش “المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل تنظيمي داعش والقاعدة”.

خطوة استباقية من المحور الأمريكي
ويستبق هذا الاجتماع الخماسي في باريس لقاء ثلاثي منوي عقده السبت القادم، بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران، في العاصمة موسكو؛ بهدف بحث أفق الحل السياسي في سوريا انطلاقا من اجتماعات مؤتمر “سوتشي”.

وتشكلت “المجموعة المصغرة” عام 2015 باعتبارها جزءا من التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة” في سوريا والعراق، وسبق أن ناقشت مسألة الانتقال السياسي في سوريا عقب مؤتمر “سوتشي”، وذلك في كانون الثاني الماضي، حين أصدرت ورقة من ثمانية بنود وضوابط بشأن مضمون الدستور الجديد أو نصه الفعلي أو الإصلاح الدستوري الذي خرج به “سوتشي”.

ويرى الخبير الإستراتيجي، عامر السبايلة، أن اجتماع باريس يأتي “كضربة استباقية”، ويحمل رسائل من “المحور الأمريكي”، مفادها أن “الحل السياسي في سوريا لا يمكن دون الرؤية الأمريكية، ولا يمكن أن يكون ضمن رؤية واحدة هي الرؤية الروسية”.

وكانت روسيا أطلقت مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري في 30 يناير/ كانون الثاني 2018؛ بهدف المساهمة بإيجاد حل سياسي للحرب الأهلية السورية، ومن أبرز مخرجاته الاتفاق على تأسيس لجنة لإعادة كتابة الدستور السوري، ودعوة لإجراء انتخابات ديمقراطية.

يقول السبايلة، “جاء هذا التحرك الخماسي بالتوازي مع الجهد الروسي، وهو رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة ومحورها لا يرغبون في حصرية روسيا في موضوع صياغة الحل السياسي في سوريا، فجاء هذا التحرك، كما يأتي هذا التحرك الخماسي بعد التحرك العسكري الأمريكي الفرنسي البريطاني الرمزي ضد النظام السوري، وبالتالي هي رسالة تقول بأننا نؤمن أن الحل السياسي في سوريا هو الحل الوحيد المطروح على الطاولة”.

الأردن والحل السياسي
ويعتقد السبايلة أن الأردن المشارك في الاجتماع الخماسي بباريس، معنيٌ في أن يكون الحل السلمي الطريق الوحيد الأفضل للحل في سوريا، وذلك بسبب مخاوف المملكة من انفجار الأوضاع في الجنوب السوري، بالتالي فالأردن مع إنجاح هذه الفكرة”.

وتخشى المملكة التي تمتلك حدودا طويلة (شرقا وشمالا) مع الجارة سوريا من تداعيات انفجار الوضع العسكري في سوريا، ما يعني تدفق المزيد من اللاجئين، واستمرار إغلاق المعابر الحدودية التي كانت بوابة التجارة مع سوريا وتركيا وأوروبا، كما تتخوف المملكة من تدفق المقاتلين المتشددين على مختلف مذاهبهم السنية والشيعية، في حال فلتان الأمن داخل المناطق السورية المتاخمة للحدود.

على الصعيد الرسمي، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الخميس خلال مشاركته في مؤتمر “دعم مستقبل سورية والمنطقة”، المنعقد في بروكسل، إن “إيجاد حل سياسي يحفظ وحدة سورية واستقلاليتها، ويقبل به الشعب السوري، يجب أن يكون أولوية يسعى المجتمع الدولي لتحقيقها بقوة وزخم”.

وأضاف الصفدي أن “اعتراف الجميع أن لا حل عسكريا للأزمة يجب أن يواكبه عمل جماعي للتوصل إلى حل سياسي، ودعم مسار جنيف، ووقف القتال الذي لن يؤدي إلا إلى المزيد من القتل والدمار”.

هذا الأمر ما أكد عليه العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، خلال اتصاله مع رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي منتصف الشهر الحالي، معتبرا أن “الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في سوريا، والحفاظ على وحدة أراضيها وأمن وسلامة شعبها”.

بدوره، أكد وزير التنمية السياسية الأردني الأسبق، د.صبري ربيحات، لـ”عربي21″، أن “الأردن من أكثر الدول مصلحة في الحل السياسي في سوريا لعدة اعتبارات، من أبرزها: اقتصادية، وأمنية، واستقرار المنطقة بشكل عام، وعودة الأوضاع كما كانت عليه قبل الربيع العربي”.

وحول إمكانية لعب الأردن دورا في الحل السياسي بسوريا، يرى ربيحات أن هذا “مرهون برغبة الأطراف الإقليمية اللاعبة في المنطقة، لكن المملكة حافظت على موقف سياسي يمكنها من خلاله التعامل مع كافة مخرجات الحل في سوريا من معارضة ونظام، بسبب الغموض الإيجابي في موقفها”.

ورغم انخراط الأردن في المحور والرؤية الأمريكية للحل السياسي في سوريا، إلا أن ذلك لم يمنع الخارجية الأردنية من إعلان دعمها للاتفاق الثلاثي (الروسي الإيراني، التركي)، وقالت الخارجية الأردنية إن “الأردن ستستمر في الانخراط مع روسيا وأمريكا وألمانيا، وغيرها من الدول الأوروبية والعربية؛ من أجل الدفع بحل سياسي في سوريا، كون ذلك يحمي الشعب السوري ويحمي مصالحنا في الأردن، لأن الجنوب السوري بالنسبة لنا أمر في غاية الأولوية ومصلحة أردنية بالتأكيد”.