مرايا – شؤون محلية – لم يعد سكان العقبة يسمعون ضجيج صوت دواليب القطار الحديدية ذو اللون البرتقالي، الذين اعتادوا على مشاهدته في كل وقت منذ أكثر من 46 عاما، بعد أن خلت سكة الحديد على طول الطريق الواصل من مدينة العقبة إلى مناجم شركة الفوسفات من عرباته التي يزيد عددها عن 33 عربة بشكل قصري.
ويؤكد هؤلاء السكان أن صوت القطار لم يعد يوقظ سكان الاحياء الشمالية والشرقية ( التاسعة، الخامسة، الشلالة، الخزان) فجر كل يوم في مشهد اعتادوا عليه دون أي تذمر وشكوى.
وكان تم ايقاف عمل القطار بعد تحويل مؤسسة سكة الحديد إلى شركة واتباعها إلى سلطة العقبة، والتي تنشغل حاليا بنقل جميع الأعمال المينائية والبحرية من الميناء القديم، والذي سيتم تسليمه نهائيا لشركة المعبر” ابجيل هليز “، بما في ذلك إزالة وهدم كافة المرافق الحيوية في الميناء من ضمنها ارصفة ومعدات تفريغ الفوسفات والذي يصلها القطار، بالإضافة إلى صوامع الحبوب وغيرها من الارصفة.
وقد اعتاد المواطنون في الاحياء السكنية التي يقطعها القطار عند مروره بعرباته الجرارة بالوقوف على نوافذ المنازل أو ايقاف سياراتهم والنظر إلى القطار، واحيانا التقاط الصور التذكارية.
حتى الأطفال كانوا يصطفون عند حواجز مرور القطار لمشاهدة الرأس والمقطورة والعربات وهي تسير ببطئ على السكة، ويتأملون في منظر جميل يجمع بين الجبل والبحر واشجار النخيل الباسقة.
بعد 46 عاما يقول المواطن نبيل كريشان “اصبحت سكة الحديد مشاعا لاصحاب البسطات على تقاطعي الشلالة والخزان لعرض سلعهم وبضائعهم دون النظر إلى ساعاتهم بموعد أن يحين مرور القطار، واصبح خط سكة الحديد وقضبانه في بعض المناطق عرضة للسرقة”.
فيما يصف المواطن احمد الرياطي القطار وعرباته بأنها” اصبحت عبارة عن قطع حديدية جاثمة في مقرها الرئيس في سكة حديد العقبة بمعان دون حراك، وسط نظرات الحسرة وذكريات سائقيها وكل من عمل في تلك المؤسسة العريقة”، متأملا أن “يعود ضجيج عجلاته وصافراته قريبا تنفيذا لوعود حكومية”.
التأكيدات الرسمية بعودة قريبة للنقل السككي عبر القطار جاءت من خلال رئيس سلطة العقبة ناصر الشريدة، بأن هذا النوع من النقل سيشمل البضائع والسلع إلى جانب مادة الفوسفات، بعد أن يتم عمل وصلة بطول 35 كم من وادي اليتم إلى موانئ العقبة الجديدة وإلى كل الارصفة في الميناء، مشيرا أن الوقت المحدد للتنفيذ هو خلال الثلاث سنوات المقابلة، في حين يتم العمل حاليا على إعادة تأهيل الخط بطول 156 كم.
وإلى أن يعمل القطار من جديد على خطه المرسوم له منذ عشرات السنوات، تبقى المؤسسة المحولة إلى شركة شاهدة على حقبة تاريخية مهمة منذ بداية القرن الماضي، حيث بوشر بإنشاء أول خط حديدي يقطع المملكة من شمالها إلى جنوبها في بداية العام 1900 في العهد العثماني، ويقع هذا القسم ضمن الخط الرئيسي الذي يربط الأراضي التركية بالمدينة المنورة مرورا بالعاصمة عمان وقد أطلق عليه بكامله اسم الخط الحديدي الحجازي.
ونظرا لأهمية الفوسفات كمصدر أساسي من مصادر الدخل القومي للمملكة، فقد كان من الضروري إيجاد وسيلة نقل اقتصادية وذات طاقة عالية، ولهذا كانت قد باشرت الجهات المختصة في المملكة بإنشاء خط حديدي يربط مناطق تعدين الفوسفات في جنوب المملكة بميناء العقبة، حيث بدأ العمل بتقوية جزء الخط الحديدي الحجازي من مناجم الحسا حتى محطة بطن الغول، وإنشاء خط جديد من بطن الغول حتى ميناء العقبة في تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1972 وتم افتتاحه رسميا العام 1975، وأسندت إدارة هذا الخط إلى مؤسسة مستقلة أطلق عليها اسم (مؤسسة سكة حديد العقبة) وفي العام 1982 تم ربط مناجم الفوسفات في وادي الأبيض بالخط الحديدي عند تفرع الحسا وبطول (22كم) ليصبح الطول الإجمالي للخط (293.341كم).الغد