مرايا – توافقت نتائج تقرير دولي، أصدرته منظمة العمل الدولية الأسبوع الماضي، مع توقعات دراسات وتقارير أصدرها المرصد العمالي الأردني، تنبأت بازدياد معدلات البطالة في الأردن في الأعوام المقبلة، نتيجة لجملة سياسات اقتصادية واجتماعية وضعتها ونفذتها الحكومات المتعاقبة، وتسببت بتعميق مشكلات القوى العاملة وتعزيز اختلالات سوق العمل.
وقال المرصد العمالي أمس، إنه “في الوقت الذي توقع فيه تقرير لمنظمة العمل الدولية بعنوان (العمالة العالمية والتوقعات الاجتماعية: اتجاهات 2018″ أن يكون نمو التوظيف أقل من نمو القوى العاملة في البلدان الصاعدة والنامية، ومنها الأردن، يرافقه عجز الاقتصادات المحلية عن خلق ما يكفي من الوظائف، وشبه انعدام لتوفير شروط العمل اللائق، يؤكد المرصد العمالي أن الأعوام القليلة الماضية شهدت تراجعا ملموسا في أعداد فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد الأردني”.
وأضاف أن “أعداد فرص العمل بلغت العام 2007 نحو 70 ألف فرصة، وانخفضت العام 2008 إلى 69 ألفا، وهو يشكل عدد الوظائف ذاتها التي وفرها الاقتصاد الأردني العام 2009، ليتراجع عدد الوظائف إلى 66 ألف وظيفة العام 2010 ، ويواصل الانخفاض العام 2011 إلى 55 ألفا، وفي العام 2012 بلغ 50 ألفا، وبلغت خلال عامي 2013 و2014 حوالي 45 ألفا، ثم سجلت العام 2015 ما يقارب 48 ألفا”.
وقال بيان المرصد: “يعود التراجع إلى أسباب عدة أبرزها: تراجع معدلات النمو الاقتصادي بشكل عام، وتراجع حجم المشاريع الصناعية التي تعد مشغلا رئيسيا للعمالة، إضافة إلى وجود اختلالات هيكلية في سوق العمل، سببه عدم وجود علاقة قوية بين معدلات النمو الاقتصادي وتشغيل الأردنيين، ووجود فجوة واسعة بين حاجات سوق العمل ومخرجات التعليم الجامعي والفني والمهني”.
ولفت إلى “وجود تخصصات يطلبها سوق العمل ولا توفرها مؤسسات التعليم الجامعي أو المهني أو المهني، حيث أن جزءاً كبيراً من فرص العمل المستحدثة تشغلها عمالة وافدة”.وأضاف: “سجل معدل البطالة خلال الربع الرابع من العام 2017 رقما غير مسبوق منذ 12 عاما، حيث بلغ 18.5 %، في حين بلغ المعدل للذكور 15.4 % مقابل 30.0 % للإناث لنفس الفترة، وعند الشباب ما بين سن (16-24) من غير الجالسين على مقاعد الدراسة ما بين 32.0-40.0 % وهي من بين أعلى النسب في العالم”.
فيما أشار تقرير منظمة العمل الدولية الجديد إلى “وجود قرابة 1.4 مليار عامل في وظائف مهددة العام 2017، ويُتوقع أن ينضم إليهم 25 مليون شخص إضافي بحلول العام 2019. وفي البلدان النامية، يعمل ثلاثة من أصل كل أربعة عاملين في وظائف مهددة وضعيفة وهشة”.
على صعيد محلي، أكد بيان المرصد العمالي أن “سياسات الحكومات المتعاقبة، لم تساعد على خلق فرص عمل كافية لطالبيها من خريجي النظام التعليمي، ما أدى إلى تعميق مشكلات القوى العاملة وتعزيز اختلالات سوق العمل”.
وعزا المرصد سبب ذلك للسياسات الاقتصادية، التي تغيب عنها المساءلة والمحاسبة والرقابة الحقيقية، ووجود برلمانات ضعيفة غير قادرة على مراقبة أداء الحكومات بفاعلية، إلى جانب القيود الكبيرة المفروضة على تنظيم المجتمع لنفسه، وخاصة العمال، ليجد الأردن نفسه يعاني من المشكلات الاقتصادية ذاتها، التي كان يعاني منها عند تفجر الأزمة الاقتصادية الكبرى التي واجهها قبل أكثر من ربع قرن، وأطاحت بالقيمة الشرائية للدينار بشكل ملموس”.
وأضاف: “اعتاد المسؤولون على تحميل الظروف الخارجية مسؤولية مجمل المشكلات الاقتصادية التي نعاني منها”.
ولفت إلى جانب من معاناة سوق العمل يتمثل بانخفاض ملموس وكبير في مستويات الأجور للغالبية الكبيرة من العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص، مقارنة بمستويات الأسعار لمختلف السلع والخدمات، ما أدى إلى اتساع رقعة العمالة الفقيرة، فالغالبية الكبيرة من العاملين بأجر لا يحصلون على أجور توفر لهم الحياة الكريمة لقاء عملهم الأساسي.
وأكد وجود فجوة كبيرة بين معدلات الأجور التي تحصل عليها الغالبية الساحقة من العاملين وبين قدرة هذه الأجور على توفير حياة كريمة.